إنعدام الاستقرار في العالم العربي، من سوريا الى مصر، يسلط الضوء على فشل إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما في وضع استراتيجية متناسقة لتعزيز الديمقراطية في أعقاب الانتفاضات الشعبية في المنطقة، كما يقول المحللون الأميركيون.


اوباما تحت وطأة الإنتقادات

بيروت: خلال الربيع العربي في العام الماضي، تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما دعم بلاده الكامل لأولئك الذين خاطروا بحياتهم لإصلاح الأنظمة الديكتاتورية في الشرق الأوسط.

أما الآن، فقد اغلقت الولايات المتحدة سفارتها في سوريا، بينما تستمر قوات الحكومة السورية بذبح المدنيين، وتصارع الإدارة مع السلطات المصرية التي تريد محاكمة أميركيين اتهموا بالتدخل في شؤونها الداخلية.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; عن روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قوله quot;الإدارة الأميركية تحاول اللحاق بالركب على جبهات متعددةquot;، مشيراً إلى أن اميركا يجب أن تتعلم درساً وهو أهمية الوضوح، فإدارة أوباما لم تكن واضحة في مصر، وبما انها تدعم الديمقراطية، فعليها أن تحترم رغباتهمquot;.

وكانت السلطات المصرية أعلنت يوم الاحد عن نيتها في محاكمة 19 أميركياً، جميعهم من الموظفين في المنظمات غير الربحية المؤيدة للديمقراطية، وأحالتهم على المحكمة الجنائية بتهمة زرع القلاقل.

وقارن المرشح الرئاسي الجمهوري نيوت غينغريتش الوضع بأزمة الرهائن الإيرانية عام 1979 التي ساهمت في جعل جيمي كارتر رئيساً لولاية واحدة، قائلاً quot;أزمة رهائن أوباما تشبه أزمة رهائن كارترquot;.

ويشار إلى أنه لم يتم حجز الاميركيين في السجن، إلا أنهم لا يستطيعون مغادرة البلاد.

ومن جهته، اعتبر دانييل بليتكا، نائب الرئيس لدراسات السياسة الخارجية والدفاع في معهد quot;امريكان انتربرايزquot;، أن الإدارة الأميركية ليس لديها سياسةquot;، معتبراً ان الأمل لا يكفي للتوصل إلى نتائج واقعية، ويضيف: quot;الأمل ليس سياسة خارجيةquot;.

وكان السكرتير الصحافي للبيت الابيض جاي كارني اعلن ان الإدارة أعربت عن quot;قلقها البالغ إزاء الحملةquot; في مصر، مضيفاً quot;اننا نبحث في المسائل التي تثير قلقنا مع جميع مستويات الحكومة المصرية، وقد أوضحنا بجلاء أن ما يترتب على هذا الإجراء يمكن أن يؤثر في علاقتنا وفي المساعدات التي نقدمهاquot;.

ويذكر ان الولايات المتحدة تقدم سنوياً 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية لمصر، وفقاً لمعاهدة السلام المصرية مع اسرائيل عام 1979، ويقدم دافعو الضرائب الأميركيون نحو 250 مليون دولار في شكل مساعدات اقتصادية سنوية.

وبدورها النائبة إليانا روس ليتينن، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، طالبت مصر بإعادة جميع الموجودات التي ضبطت في المداهمات على المنظمات غير الربحية، ووقف الملاحقات القضائية، والسماح للمنظمات بإعادة فتح مكاتبها.

وقالت: quot;من غير المقبول أن تكون أموال دافعي الضرائب، والمعدات المؤمنة بتمويل من دافعي الضرائب، والأهم من ذلك، من مواطني الولايات المتحدة، أهدافاً للتحقيق بدوافع سياسيةquot;، مضيفة: quot;لا يمكن الاستخفاف بتصرفات الحكومة المصرية، ويجب اتخاذ إجراءات عقابية ضد بعض المسؤولين المصريين، والنظر في قطع المساعدات الأميركية لمصرquot;.

ومن جانبه جيمس كارافانو، محلل في مجال الأمن القومي في مؤسسة quot;هريتيدجquot; ذات الميول المحافظة، رأى أن الوضع في مصر يعكس نمطاً في الشرق الأوسط يثير القلق على مصالح الولايات المتحدة.

واشار إلى أن الجماعات الأكثر تنظيماً في مصر هي quot;الجماعات الإسلامية، وأنها تتناقض مع مصالح الولايات المتحدةquot;، معتبراً أنه quot; من غيرالمستغرب أنهم وصلوا إلى الواجهة، وما رأيناه في جميع أنحاء الربيع العربي هو احتمال وصول حكومات إلى السلطة، التي في أحسن الاحوال يمكن وصفها بأنها ليست من مصلحة الولايات المتحدةquot;.

وأضاف: quot;أكبر كتلة تصويت في الحكومة المصرية الجديدة هي جماعة الاخوان المسلمين، وثاني أكبر مجموعة هي حزب النور السلفي الأصولي، وهو أكثر تطرفاً من جماعة الاخوان، وبالتالي يمكن اعتبار ان الإخوان المسلمين هو أكثر اعتدالاًquot;.

وفي سوريا، دعت إدارة أوباما مراراً وتكراراً الرئيس السوري بشار الاسد للتنحي وفرضت سلسلة من العقوبات المالية والاقتصادية ضد كبار قادة النظام.

ورفض أوباما التدخل العسكري في الثورة الشعبية السورية التي اندلعت منذ 11 شهراً، والتي تقول الامم المتحدة انها أسفرت عن مقتل أكثر من 5400 مدني.

وعرقلت روسيا والصين في نهاية الأسبوع الماضي محاولة في مجلس الامن الدولي لتبني حل جامعة الدول العربية للأزمة في سوريا.

وفي هذا السياق، اعتبر كارني ان دعم روسيا والصين هو أشبه quot;بتقديم العزاء لنظام لن يدومquot;.

واضاف quot;اننا ذاهبون الى العمل مع الحلفاء الدوليين والشركاء، ومع أصدقاء آخرين من سوريا، لمواصلة الضغط على نظام الأسد بحيث إن هذا سلوك لم يعد يستحق الشجبquot;.

وقالت بليتكا ان الادارة تتبع الأحداث في سوريا من دون أن تؤثر فيها، بدلاً من محاولة إدارتها بسياسة متماسكة، مضيفةً quot;لن يتورطوا مع سوريا لأنهم لا يملكون السياسة لفعل ذلكquot;.