في الوقت الذي طلبت فيه جامعة الدول العربية من مجلس الأمن أن يرسل قوات إلى سوريا بغية وقف نزيف الدم الحاصل هناك، أشارت تقارير صحافية إلى أنه ما زال من غير الوارد اتخاذ قرار بعمل عسكري على الصعيد الدولي ضد نظام الرئيس بشار الأسد.


استبعاد عمليات عسكرية دولية في سوريا رغم تفاقم الصراع الداخلي

أشرف أبوجلالة من القاهرة: السيناريو نفسه الذي سبق أن حدث في ليبيا قبل بضعة أشهر ها هو يتكرر الآن في مدن سورية، مثل حمص، حيث حصدت نيران المدفعية، التي بدأت في الثالث من شهر شباط/ فبراير الجاري، ما لا يقلّ عن 100 مدنيًا، فيما يشير البعض إلى أن هذا الرقم قد يقدر بمئات عدة، في وقت يعجّ فيه quot;يوتيوبquot; ومواقع التواصل الاجتماعي بصور مرعبة.

هذا وقد لقي ما لا يقلّ عن 5400 مواطنًا سوريًا مصرعهم منذ بدء الانتفاضة الشعبية التي قاربت على العام الآن. مع هذا، أكد تقرير نشرته اليوم صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية أن احتمالات القيام بتدخل عسكري مشابه للعملية التي قامت بها قوات حلف شمال الأطلسي quot;الناتوquot; في ليبيا أخيرًا تكاد لا تكون موجودة.

ومع تراجع حدة هجمات المدفعية، التي تشنّها القوات السورية على مدينة حمص، التي تعدّ مركزاً للمعارضة، أول أمس السبت، في الوقت الذي عقدت فيه جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً في القاهرة بخصوص الحرب هناك، طالبت الجامعة كذلك مجلس الأمن بأن يرسل قوات حفظ سلام إلى سوريا لإنهاء الأوضاع المأساوية الحاصلة هناك.

ودعت قوى المعارضة السورية إلى ضرورة تقديم معونة عسكرية على الصعيد الدولي على مدار أسابيع. لكن خطوة كهذه ما زالت غير واردة إلى حد كبير.

ثم مضت الصحيفة تتحدث عن أوجه الاختلاف بين ليبيا وسوريا من حيث التحالفات والتضاريس والقدرات العسكرية، لافتةً إلى أن التدخل الدولي سيكون أطول وأكثر كلفة، ومن المحتمل أن يتطلب غزواً لكي يكون فعالاً للغاية، خاصة في ظل الموقف الذي تتبناه كل من الصين وروسيا بخصوص الملف السوري، وتعهدهما بالاعتراض على أي محاولات قد يسعى من خلالها مجلس الأمن إلى التدخل في سوريا.

ثم أبرزت الصحيفة حقيقة اختلاف وضع العقيد الليبي الراحل معمّر القذافي عن الوضع الحالي للرئيس بشار الأسد، موضحةً أن هناك فروقًا عدة، منها أن القذافي كان يمتلك جيشاً ضعيفاً، ودفاعات جوية واهية، ولم يقف إلى جواره حليف دولي قوي، هذاً فضلاً عن زيادة الكثافة السكانية في سوريا عن نظيرتها في ليبيا، وهو الأمر الذي يزيد من خطر الخسائر في صفوف المدنيين.

كما إن الجيش السوري أكبر خمس مرات من الجيش الليبي السابق، وهو أيضاً أفضل تجهيزاً. وتعتبر شبكة الدفاعات الجوية السورية ضخمة، بما يكفي لجعلها تشكل تهديداً على الطائرات الغربية.

وتابعت الصحيفة بنقلها عن جوشوا فوست، الزميل في المشروع الأمني الأميركي في واشنطن، قوله: quot;كان بمقدورنا في ليبيا أن نحقق الكثير مع تعريض القليل للخطر. أما سوريا فتمتلك نظامًا مضادًا للطائرات متطورًا سيتطلب جهداً كثيراً من أجل التخلص منه. وهناك، سيتعين عليك أن تتورّط في كثير من الدمار، وأن تقضي وقتاً طويلاً، وتنفق أموالاً كثيرةً من أجل الوصول إلى المرحلة التي يمكنك أنت تحقق فيها ثمة شيءquot;.

فيما حذر آرام نيرغوزيان، المحلل العسكري لدى مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن، ومؤلف تقرير صدر في كانون الأول/ ديسمبر الماضي بشأن مخاطر التدخل العسكري في سوريا، من مغبة مهاجمة سوريا، في ظل العلاقات الوطيدة التي تربطها بإيران، والتي تحولت بالفعل إلى ساحة للمعارك بالإنابة بين القوى الإقليمية.

وأضاف: quot;أي شيء سينطوي على تدخل غربي مباشر سيكون سبباً في زعزعة الاستقرار على المستوى الإقليميquot;. كما لفتت الصحيفة إلى أن المشهد الاجتماعي في سوريا يعتبر أكثر تعقيداً من نظيره في ليبيا.

وقال هنا ستيفن والت، أستاذ الشؤون الدولية في جامعة هارفارد في كامبريدج في ماساتشوستس: quot;إنها معضلة أخلاقية حقيقية. فإذا بقينا بعيدين، سيموت الآلاف من السوريين غير العلويين. ومن ناحية أخرى، إذا تدخلنا، قد يتم ذبح عشرات الآلاف من الأشخاص المرتبطين بالنظام، أو يفترض أنهم على صلة بالنظام، على يد الجهة المنتصرة. ولهذا لا أدري ما الحلquot;.

وختمت ساينس مونيتور بنقلها عن البروفيسور والت، قوله: quot;هناك دول، كالصين وروسيا، يعارضون منذ سنوات ذلك النظام العالمي، الذي يمكن فيه للولايات المتحدة وحلفائها أن يحددوا من جانب واحد مَن بمقدوره أن يدير بلدانًا بعينهاquot;. وفي ظل توقف جهود الدبلوماسية واستبعاد خيار التدخل العسكري، على غرار ما حدث في ليبيا، يفكر الآن مسؤولون غربيون وعرب في تقديم الدعم العسكري للجيش السوري الحر.