تنتقل الأمور من حولنا إلى العالم الافتراضي شيئًا فشيئًا، صحافة إلكترونية وتجارة إلكترونية ودورات إلكترونية، حتى التواصل الاجتماعي بات في أحيان كثيرة يقتصر على التواصل الإلكتروني، ولكن ماذا لو دخلت العيادات النفسية هذا المجال؟، فصارت هناكعيادات نفسية quot;الكترونيةquot; تتبع مواقع طبية إلكترونية،خاصة وأنه لايزال البعض في السعودية يرى أن زيارة المعالج النفسي ضرب من ضروب الجنون!.


العيادات النفسية ولجت العالم الافتراضي

أرجوان سليمان وغادة محمد:يقول الأشخاص الذين يتعاملون مع بعضهم بعضًافي العالم الافتراضي، إن من مزايا التعامل الإلكتروني أن عملك أو هوايتك تنتقل معك في كل مكان، حيث يمكنك أن تجتمع مع زملاء العمل من أي مكان، ويمكنك أداء عملك وأنت في رحلة خارج البلاد، ويمكنك أيضًا التنزّه مع العائلة أو الأصدقاء وأنتلا تزال في حدود عملك.

ترى هل ينطبق الأمر على العيادات النفسانية في وقت تنتشر فيه الاستشارات النفسانية في الشبكة العنكبوتية، من خلال بعض المواقع والمنتديات المتخصصة منها وغير المتخصصة؟.. وهل يمكن لمن يعاني الاكتئاب أو الرهاب الاجتماعي وغيرها من الحالات النفسية أن يضمن وجود طبيبه المعالج في كل مكان، عبر برنامج فيديو مثل quot;سكايبquot; ويتلقى العلاج اللازم؟.

تقول أمل التركي (ماجستير علم نفس إكلينيكي) في حديث لـquot;إيلافquot;: quot;يعتمد الموضوع على الحالة نفسها، فهناك حالات تحتاج إرشادًا نفسيًا، في حين هناك حالات مرضية تحتاج علاجًا نفسيًا وإعادة بناء وتأهيلquot;.

وتضيف: quot;في حالات مثل تلك التي تعاني بعض المشكلات الحياتية والضغوط النفسية أو التي تحتاج توكيد الذات، أو الحالات التي تعاني بدايةَ قلق أو اكتئاب ناتج من ضغوط اجتماعية تعيشها الحالة، أو موقف أثر عليها، وتحتاج من يقف إلى جانبها، فيمكن استخدام العلاج عن بعد، لأنها تحتاج التعبير عمّا في نفسها، فيكون الكلام معها كفيلبحلّ مشكلتها، وإعطائها القوة اللازمة للاستمرار في الحياةquot;.

وتشير إلى أن هذا النوع من المعالجة ناجح في إرشاد وتوجيه الحالة quot;السوية المستبصرة بحالتها ومشكلتها، وتحتاج فقط بعض التوجيه والإرشادquot;، وأكدت أن هذه المعالجة لا يمكن إتباعها مع حالات مرضى الاكتئاب الحاد، quot;الذين يعبّرون عن رغبتهم في الانتحار والموت،فلا يستطيع المعالج مساعدته أو منعه من الانتحار، فهناك حالات مرضية، يحتاج المعالج فيها أن يلتقي بالمريض لقاء مباشرًا حتى يمكنه تشخيص الحالة جيدًاquot;.

وترى التركي أن عدم قدرة الطبيب المعالج على مساعدة الحالة، إذا مرت بحالات عصبية حادة أو نوبات بكاء شديدة، هي من سلبيات العيادات الإلكترونية، quot;خصوصًا وأنه لا يستطيع دعمه، لأنه يتعامل معه عن بعدquot;.

في حين عدّ استشاري علم النفس في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله السبيعي في حديث لـquot;إيلافquot; أن العيادات النفسية الإلكترونية تصنف كنشاط خدمي/تجاري بالدرجة الأولى، ورغم اعترافه بأنها تساعد المريض النفسي على الشعور بالأمان في الكشف عمّا يعانيه، إلا أنه شدد على أن ذلك لن يعود بالنفع على المريض، ما دام أنه لا يتبع مواعيد بالصوت والصورة، وكل ما سيشخص سيكون تخديرًا مؤقتًا، وسيكون تشخيصًا غير صائب، في حال اعتمد على كتابة الحالة وشرح الأعراض من دون الكشف المقابل.

وأكد السبيعي أن مصداقية تلك العيادات وخصوصيتها، التي تتخذ الشبكات العنكبوتية مقرًا لها، من المحتمل أن تخترق بسهولةجداً، وتطرق في سياق حديثه إلى المتاعب والصعاب، التي من المتوقع أن تواجه المريض، وتجبره على ملاحقة الطبيب في حال أخطأ في تشخيصه، أو مارس سلوكًا غير أخلاقي، وتسبب له بأضرار جسدية أو نفسية.

وأشار إلى أن ذلك يصنّف ضمن الحقوق المبتورة في مجتمعنا نظرًا إلى أن ثقافة الشعب العربي عامة، والسعودي خاصة، تحب quot;السترquot;، وتجنب كشف الأوراق واللجوء إلى القضاء، وهذا ما يعوق العديد من الأمور المستجدة في طرق ممارسة الطب، متسائلاً ماذا لو كانت تلك العيادات الكترونية، وتعالج أمراضًا نفسية، ولا تعتمد سوى على الكتابة.

وعن تصنيفه لها، وهل يؤيدها، أكد السبيعي أنها خطوة إيجابية للنهوض بالعلم في مجال الطب، لكن في حال وجدت في الوطن العربي، والخليجي خاصة، فيجب أن تكون محكومة بضوابط، وأن يكون الكشف على المريض بالصوت والصورة، حيث تكتمل كل عناصر التشخيص المهني بين المريض والمعالج، إضافة إلى أن لا يقوم كل شخص يحمل شهادة بفتح عيادات الكترونيةكهذه،وأن تقنن تلك التراخيص، ولا تعطى إلا لمن لديه عيادات على أرض الواقع، ومر على إنشائها سنوات، وشهد لها بحسن السيرة والسلوك محلياً.

quot;إيلافquot; التقت بفتيات سعوديات، وسألتهن عن مدى تأييدهن لفكرة وجود عيادات إلكترونية بصوت وصورة عبر أحد برامج الفيديو في الشبكة العنكبوتية، فقالت بتول إبراهيم: quot;أؤيّد الفكرة، لأننا أحيانًا نحتاج التحدث مع شخص متخصص، ولكن نواجه صعوبة في ذلك، نظرًا إلى أن البعض في المجتمع لا يزال يرفض الفكرة، إضافة إلى عدم الحاجة إلى المواصلات، التي تكون أحيانًا سببًا في تأجيل العديد من الأمورquot;.

في حين، لا تؤيّد خلود أحمد هذه الفكرة، وترى أنها تزيد المجتمع عزلة ورفضًا لأمر مهم وطبيعي جدًا، وأن عليهم أن يقتنعوا بأن زيارة الطبيب النفسي أمر عادي جدًا وضروري.

وفي تحقيق نشرته صحيفة quot;نيويورك تايمزquot; الأميركية في وقت سابق، وأشارت quot;إيلافquot; إلى أجزاء منه، ذكر أن من إيجابيات هذه التقنية، سهولة التقاء المريض بمعالجه من أي مكان، فيطمئن إلى وجوده في أي وقت، وذلك من خلال تسجيل الدخول لبرنامج quot;سكايبquot;، فضلاً عن أن قيمة الجلسة قد تكون أقل، نظرًا إلى توفير مصاريف البنزين واستئجار العيادة، إضافة إلى عدم الحاجة إلى البحث عن موقف للسيارة، وأن بعض الظروف الطارئة، كالعواصف الثلجية أو الأمطار الغزيرة أو رحلات العمل المفاجئة، لن تكون سببًا لإلغاء موعد الجلسات العلاجية.

في المقابل، فإن من سلبياتها، عدم توافر التواصل البصري بين المريض ومعالجه، ما يفرض على الطبيب المعالج أن يتدرب على النظر إلى الكاميرا، وليس إلى الشاشة، كي يتحقق التواصل البصري، إضافة إلى عدم مصداقية بعض المواقع، وصعوبة التأكد من أن الطبيب المعالج يحمل رخصة، تتيح له العمل في بعض الولايات، وعدم ضمان دفع رسوم الجلسات.

من ناحية الخصوصية، قد يخشى المريض من تسجيل جلسات الفيديو العلاجية أو سهولة اختراق الجلسات، إضافة إلى مشكلة عدم الكشف عن الهوية، فبعض المرضى لا يحبذون الكشف عن هويتهم، مما يصعب على الطبيب استدعاء الطوارئ في بعض حالات الانهيار الطارئة.

ويرىاختصاصيون نفسيون أن هناك حالات محددة يمكن التعامل معها من خلال الإنترنت، كالقلق والخوف المرضي والاكتئاب والوسواس القهري، فيما يصعب التعامل من خلال جلسات عبر الانترنت مع بعض الحالات المزمنة، كحالات الإدمان والاكتئاب الحاد.