هددت الحكومة الأردنية باستبدال المعلمين بالقوات العسكرية والامنية، في مواجهة إضراب الأساتذة الذين يطالبون بالحصول على علاواتهم كاملة بعد اقتطاع نسبة 30% منها، الأمر الذي ادى الى شلل المدارس الحكومية ورفع شعار إسقاط الحكومة من قبل المعلمين.


شعارات المعلمين في الأردن

عمان: تصر الحكومة الاردنية الحالية، برئاسة عون الخصاونة، على تجاهل اضراب المعلمين وحالة الشلل التي تعاني منها المدراس الحكومية، مما ينذر بازمة تعصف بالوضع الداخلي، خصوصا بعد الاعتصام الحاشد الذي ضم اكثر 12 الف معلماً امام مبنى رئاسة الحكومة قبل يومين ورفع شعار اسقاط الحكومة.

وجاء رد الحكومة الاردنية التصعيدي بإقتراح حل وبديل عن المعلمين بإنزال قوات الجيش والامن والدرك لتدريس الطلاب اعتباراً من الاسبوع القادم.

والازمة تفجرّت بعد اقتطاع علاوة المعلمين التي كانت في السابق 100% وانخفاضها الى 70% مما يعني تخفيض رواتبهم الشهرية، الأمرالذي دفعهم الى الإضراب منذ الفصل الدراسي الثاني قبل ايام.

وأعلنت شخصيات برلمانية وتربوية لـquot;ايلافquot; أن تأزيم الوضع في الأردن واضراب أكبر قطاع حكومي وتعطيل التدريس quot;يعود إلى عناد الحكومة في الاعتراف بحقيقة فشلها في تحسين ظروف العاملين في القطاع الحكومي ومحاولة نزع حقهم المكتسب لاسيما علاوة المعلمين، وعدم التعامل بصراحة وشفافية مع المواطن الأردنيquot;.

وأضافت أن quot;موقف الحكومة دليلاً واضحًا على عدم قدرتها على ادارة الأزمات الداخلية المتراكمة مما قد يقود البلاد إلى مرحلة الانتحار السياسي، خصوصا في حال استمرارها بطرح حلول غير واقعية مثل إنزال ضباط القوات المسلحة خصوصًا من ضباط الخدمات الطبية الملكية وقوات الأمن والدرك من حملة الشهادات الجامعيةquot;.

ورأى الناطق الاعلامي باسم لجنة معلمي quot;عمان الحرةquot; شرف أبو رمان أن quot;الأزمة هي من صنع الحكومة بأنتزاع حق مكتسب للمعلمين وهي علاوتهمquot;، متسائلاً لماذا تم التلاعب بها وتخفيضها؟quot;.

وتابع: quot;على الحكومة أن تدرك أن قطاع المعلمين هو محرك رئيسي، وركن أساسي في استقرار المجتمع والسلم الاجتماعي، لأن 90 الف معلما هم نصف القطاع الحكوميquot;.

وعن مقترح للخروج من الأزمة، أكد أبو رمان أنه quot;لابد من حصول المعلمين على علاوتهمquot;، مشددًا على أن الحكومة لن تنجح في quot;ترهيب وتخويف المعلمينquot;.

كما حمّل الحكومة مسؤولية quot;تعطيل العملية التدريسية وبقاء الطلاب في الشوراع والمقاهيquot;.

مبادرة برلمانية للأزمة

ودخل مجلس النواب كوسيط لحل الأزمة بين الحكومة والمعلمين وطرح مبادرة وسيطة بان تمنح الحكومة العلاوة للمعلمين عبر عامين، هذا العام 15% والعام القادم 15% مما يعني حصول المعلمين مجددًا على علاوتهم، غير أن رفض الحكومة واسطة النواب أدى إلى إستمرار الأزمة والإضراب.

وفي هذا السياق، أكد عضو اللجنة المالية في البرلمان الأردني الدكتور وصفي الرواشدة، على حق المعلمين، مديناً quot;إصرار الحكومة على موقفها بمنح علاوة على ثلاث سنوات بحجة الوضع الاقتصادي والظرف المالي الحرجquot;.

ورأى أن الحكومة quot;تحاول تصوير أن الدولة تمر بأزمة افلاس مالي، إلى جانب فشلها في إدارة ازمة المعلمين، وكذلك استعداء النواب وعدم قبول وساطتهم بحجة أن النواب يبحثون عن شعبيةquot;.

ويعتقد الرواشدة أن استمرار الحكومة في ادارة أزمة المعلمين بهذه quot;العقلية العرفية، ستؤدي إلى نتائج كارثية لأن جميع شرائح المجتمع لديها قناعة أن الحكومة لديها القدرة على تأمين مبلغ 25 مليون دينار المبلغ المستحق، كعلاوة للمعلمين عبر اجراءات، خصوصا أن الحلول التي تقترحها الحكومة للخروج من الأزمة وترهيب المعلمين كلفتها المادية اعلى من مطالب المعلمينquot;.

واكد على أن quot;على الحكومة الرحيل إذ كانت عاجزة عن حل هذه الـزمة لأن استمرارها عدة أيام اضافية من شأنه جر البلاد نحو المزيد من المشاكل السياسية والإجتماعية، وتهديد الجبهة الداخلية الأردنية والسلم الوطني والاجتماعي لأنها تسعى إلى خلق فتنة بين أبناء الوطن، المعلمين وأهالي الطلابquot;.

جانب من إضراب المعلمين في عمان

العسكر في المدارس

وما زاد من طابع الخطورة في قضية اضراب المعلمين المقترح الحكومي لحل المشكلة عبر التلويح بالاستعانة بضباط القوات المسلحة الجيش والأمن والدرك ليحلوا مكان المعلمين في المدارس، مما أثار سخط الاوساط الشعبية وكذلك التربوية.

وأكد الامين العام السابق لوزارة التربية فواز جرادات أن quot;التدريس يحتاج إلى مهارات فنية لا يمتلكها أفراد الجيش والأمنquot;، مضيفاً أن quot;اضراب المعلمين جاء للمطالبة واسترداد حقهم، لان مكانتهم الاجتماعية باتت مهددةquot;، لافتاً إلى العزوف عن مهنة التدريس بسبب الرواتب المتدنيةquot;.

ودعا الحكومة إلى عدم اللجوء إلى حلول quot;تدعو الى السخريةquot;، متسائلاً quot;فهل من المعقول أن تترك الاجهزة الامنية عملها الرئيسي لتحل مكان المعلمين، وهل الاجهزة العسكرية والامنية لديها القدرة على ارسال 90 الف معلما بكافة التخصصات، وهل هولاء مؤهلين للتدريس والدخول إلى الغرف الصفيه، وهل هذا الخيار سيكون مقبولا من قبل أولياء الأمور، وهل قامت الحكومة بأحتساب كلفة هذا الحل المالية؟quot;.

وطالب الحكومة quot;بفتح الحوار مع المعلمين عبر لجان النقابة في المحافظات للخروج من الأزمة وانقاذ سمعة التعليم في الأردنquot;، معتبراً أن quot;الضحية هو الطالب وبالمجمل الوطن سيدفع ثمن هذه الأزمةquot;.

وفي المحصلة، الإضراب مستمر في كل انحاء مدارس المملكة في انتظار انفراج هذه الأزمة والتوصل إلى حل بين المعلمين والحكومة، مع إمكانية ان يلجأ المعلمون الى بناء خيم اعتصام أمام مبني الرئاسة في منطقة الدوار الرابع قلب العاصمة عمان وفق المعلومات التي تسربت عن لجان المعلمين.

وفي ظل إصرار كلا الطرفين، يدور سؤال من سيسقط؟

المعلمون بفصلهم من المدارس كما يلوح وزير التربية والتعليم، أم الحكومة الأردنية التي لم تمضِ أربعة شهور على تأليفها، أم ستتدخل جهات رفيعة المستوى لحل الأزمة بإنصاف المعلمين ومنحهم علاوتهم؟.