الخيارات امام عناصر الجيش في سوريا تدفعهم إلى الهروب |
يروي أحد أفراد الجيش السوري الذي خدم في وحدة تابعة للاستخبارات العسكرية، والذي انشق عن قيادته واستغل فرصة وضع زوجته لمولودهما كي ينتقل الى لبنان ويوقف تنفيذ الأوامر الوحشية التي تصدر من القيادات التابعة للرئيس بشار الأسد.
لندن: كان فؤاد الذي عمل في وحدة تابعة للاستخبارات العسكرية السورية طيلة الشطر الأعظم من عام 2011، يواجه يوميا خيارا مرعبا لا يُحسد عليه، يلخصه في اطلاق النار على من امامه وإلا فسيطلق النار عليه جندي آخر يقف وراءه.
الآن يتمركز فؤاد في موقع تابع للجيش السوري الحر بين بساتين المشمش والتفاح وصفوف من أشجار الحور في ريف حمص. وهي بقعة ريفية زاهية الألوان في النهار، لكنها مخيفة في الليل حين تُسمع زخات من اطلاق النار لا تُعرف اسبابها وصوت السيارات منطلقة على الطرقات المتقاطعة خارج الرقعة التي يوجد فيها موقع الجيش السوري الحر.
ولكن فؤاد يؤكد لمراسل صحيفة الديلي تلغراف انه سعيد في هذا المكان أكثر مما كان طيلة خدمته التي استمرت سبعة اعوام في جهاز المخابرات.
وحسم قراره بالانشقاق بعدما راعته الوحشية المرضية لمن كانوا من حوله، بمن فيهم أصدقاء، وهم يرتكبون فظائع بناء على أوامر بارتكابها ويرتجلون فظائع بلا أوامر، في مواجهة المحتجين ضد نظام الرئيس الأسد بالعنف ثم بحرب لا هوادة فيها.
وقال فؤاد وهو يعرض على هاتفه الخلوي صورة شخص بملابس مدنية ان له صديقا، أو كان له صديق اسم زهير الرملة. وانه كان يعرف ان زهير من مؤيدي عائلة الأسد، ويعرف ان هذا الصديق يقبض مبالغ اضافية من الشرطة السرية، التي تشكل ذراعا أمنية أخرى في دولة الأسد البوليسية.
ولكن بعد اندلاع الانتفاضة في آذار(مارس) بدأ فؤاد يلاحظ كيف أخذ زهير يستغل موقعه، وكيف أصبح أشد عدوانية وراح يسرق أشياء من المتاجر التي يدهمونها.
وأضاف في حديثه لصحيفة الديلي تلغراف انه بدأ يفكر ان زهير ليس شخصا لطيفا وquot;ربما كان يظن انه إذا اتبع أوامر قادته العلويين سيحصل على امتيازات أكثرquot;.
وبلغ الأمر في النهاية الى دهم مخيم للاجئين الفلسطينيين في مدينة اللاذقية إحدى مدن الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الأسد، كما أصبح المخيم موطن الكثير من السوريين الذين شاركوا في تظاهرات مناوئة للنظام.
وقال فؤاد ان وحدته كانت تتمركز على حاجز تفتيش وكان هناك رجل وامرأة يعبران الطريق، quot;فما كان من الجندي زهير إلا أن أطلق النار عليهما وقتلهما بلا سببquot;.
ثم اندفع افراد الوحدة الآخرين في نوبة نهب quot;ولم يتركوا شيئا، بل أخذوا كل ما يستطيعون حملهquot;.
ويروي فؤاد سلسلة من القصص المماثلة مثل المهمة التي شارك فيها للقبض على مجموعة من الرجال قال مخبر انهم يساعدون المنشقين على عبور الحدود الى تركيا، ويضيف أنه قد شاهد قائد المجموعة يُقتل رميا بالرصاص بعد إلقاء القبض عليه ووضعه في حافلة للشرطة.
ويقول فؤاد ايضا انه رأى مجموعة من الشبيحة يطلقون النار عشوائيا في مدينة بانياس القريبة من اللاذقية في حادث سيء الصيت وقع خلال الأيام الأولى من الانتفاضة، مشيرا الى ان النظام في الغالب يعتمد على الشبيحة لتنفيذ اعماله القذرة ثم التنصل من المسؤولية. ومن هذه الناحية كان فؤاد يعتبر نفسه محظوظا الى ان بدأت الأوامر تصدر اليه مباشرة بإطلاق النار على المحتجين، وبخلافه يطلق من يقفون وراءه النار عليه. وفي مواجهة هذا الخيار العصيب طلب فؤاد مشورة إمام نصحه بإطلاق النار ولكن بأدنى قدر من الأضرار، وقال مشيرا الى الركبة انه حرص على إلا يطلق النار إلا باتجاه الأرجل.
واستمرت هذه الحال الى ان ولدت زوجته وتمكن من أخذ اجازة لتهريبها مع مولدوهما الجديد الى لبنان، ومنذ ذلك اليوم لم يعد فؤاد الى وحدته.
يقول قادة عسكريون في الجيش السوري الحر ان لديهم نحو 3000 مقاتل في المناطق الغربية من محافظة حمص، العديد منهم أو حتى غالبيتهم عسكريون منشقون.
ويلاحظ مراسل الديلي تلغراف ان الحقيقة الأخرى التي تشكل مبعث قلق على مستقبل سوريا تتمثل في ان افراد الجيش السوري الحر جميعهم تقريبا من السنة. وحين يتخيل فؤاد موقفا افتراضيا يتعين فيه على مسيحي ان يطلق النار على مسيحي آخر، فانه يشير الى طريقة شائعة في النظر الى الحياة في سوريا.
وكان ضابط برتبة ملازم من الفرقة الرابعة النخبوية بقيادة ماهر شقيق بشار الأسد، قدم نفسه لمراسل صحيفة الديلي تلغراف يوم الخميس قائلا انه رفض اطلاق النار على المحتجين في حماة ولاذ بالفرار، وتقول بطاقته الشخصية ان اسمه محمد.
ولكن حتى بهذه الكثرة من الملتحقين بصفوف الجيش السوري الحر، فإن قوات النظام تبقى متفوقة عليهم عددا وتسليحا. ومع استمرار قوات النظام في دك ضواحي حمص وقصف حي بابا عمرو الخميس، لليوم الرابع عشر على التوالي، فالمنشقين يعرفون انهم يتلقون من الضربات ما ينبغي ان يكونوا هم من يوجهها الى قوات النظام.
وقال الملازم محمد quot;عندما ينتهون من بابا عمرو سيبدأون عليناquot;.وبوصفه منشقا جديدا فانه رجل يعرف ما يقول ، بحسب الديلي تلغراف.
التعليقات