عدن: تمكن الانفصاليون الجنوبيون المعارضون للانتخابات اليمنية الثلاثاء من إغلاق نصف مراكز الاقتراع في عدن بالقوة، إضافة إلى مراكز عدة في باقي المحافظات الجنوبية، فيما أسفرت أعمال العنف المرتبطة بالانتخابات في الجنوب عن مقتلستة أشخاص، بحسب مصادر أمنية وناشطين.

واكد مسؤول حكومي لوكالة فرانس برس طالبًا عدم الكشف عن اسمه أن quot;نصف مراكز الاقتراع في عدن سقطت بعدما اقتحمت من قبل مسلحي الحراك الجنوبيquot; المطالب بالانفصال. وتضم محافظة عدن عشر دوائر انتخابية، وعشرين مركز اقتراع، بينها عشرة مراكز باتت تحت سيطرة مناصري الحراك الجنوبي بحسب المصدر الحكومي.

إقرأ المزيد
اليمنيون يقترعون للمرشح الوحيد عبد ربه منصور هادي

وذكر شهود عيان أن الناشطين اقتحموا المراكز وهم يحملون أعلام اليمن الجنوبي السابق، وصادروا صناديق الاقتراع، فيما تسمع طلقات نارية بشكل متقطع في سائر أنحاء المدينة، التي كانت عاصمة دولة اليمن الجنوبي السابق. كما شوهدت المركبات العسكرية وهي تغادر مراكز الاقتراع بحسب الشهود.

من جهته، ذكر مصدر أمني أن مسلحي الحراك أطلقوا النار على مركز انتخابي في مدرسة البيجاني في حي كريتر في عدن أثناء تواجد المبعوثة البريطانية إلى اليمن البارونة إيما نيكولسون. وذكر المصدر أن البارونة لم تصب بأذى، ولا يعتقد أنها كانت مستهدفة، إلا أن إطلاق النار أسفر عن إصابة جندي وتضرر مركبة تابعة للأمن.

وينفذ أنصار التيار المتشدد في الحراك quot;عصيانًا مدنيًاquot; في سائر محافظات الجنوب لمنع الانتخابات، التي يعتبرون أنها بمثابة quot;استفتاءquot; على الوحدة مع الشمال، فيما تتفق سائر مكونات الحراك على مقاطعة الانتخابات.

من جانبه، اتهم الناشط الموالي للمعارضة البرلمانية والمؤيد للانتخابات خالد حيدان قوات الأمن بـquot;التواطؤquot; في ما يحدث في عدن. وقال حيدان لوكالة فرانس برس quot;هناك تواطؤ أمني واضح لقوات الجيش والأمن بتسليم المراكز لعناصر الحراكquot;، مشيرًا إلى أن هذه الحوادث تركزت في أحياء الشيخ عثمان والمنصورة والمعلاquot;.

وغابت صناديق الاقتراع عن مناطق واسعة من محافظتي لحج والضالع الجنوبيتين، حيث ينشط الحراك الجنوبي، كما سجلت أعمال عنف متفرقة واشتباكات بين القوات الحكومية والانفصاليين الجنوبيين المتشددين الرافضين لإقامة الانتخابات الرئاسية، بحسب مصادر أمنية وناشطين. أوسفرت هذه المواجهات في المكلا في حضرموت (جنوب شرق) وفي لحج وعدن عن مقتل عسكريين اثنين ومحتج وطفل، بحسب مصادر متطابقة.

وفي عدن، شهدت أحياء دار سعد والمنصورة والمعلا وخور مكسر وكريتر توترات شديدة ومواجهات، فيما أعرب سكان عن خوفهم من الاقتراع في ظل انتشار عمليات تبادل إطلاق النار. وفي حي المعلا، أقدم انصار الحراك على اقتحام ثلاثة مراكز انتخابية، هي أبو بكر الصديق والشهيدة فاطمة و14 أكتوبر، وقاموا بمصادرة صناديق الاقتراع وإحراق مبنى أحد المراكز، بحسب شهود عيان.

وذكر شاهد أن أنصار الحراك quot;يمزقون البطاقات الانتخابية في الشارع الرئيس، وبعضهم يحمل السلاح ويطلق أعيرة ناريةquot;. إلا أن القيادي في التيار المتشدد للحراك الجنوبي قاسم عسكر أكد لوكالة فرانس أن الحراك quot;ليس لديه جناح مسلحquot;.

وأوضح أنه quot;إذا كانت هناك عناصر تدافع عن نفسها فهذا اجتهاد ذاتي. أما غير ذلك فهذه العناصر غير تابعة للحراكquot;. ويقاطع الانتخابات أيضًا أنصار المتمردين الحوثيين الشيعة في شمال البلاد.

ويقترع اليمنيون الثلاثاء للمرشح التوافقي والوحيد عبد ربه منصور هادي، في انتخابات تاريخية تطوي صفحة حكم الرئيس علي عبدالله صالح التي استمرت 33 عامًا.

مبعوث الأمم المتحدة لليمن: الانتخابات بداية طريق صعب
يرى مبعوث الأمم المتحدة لليمن جمال بن عمر أن الانتخابات التي تنظم في هذا البلد الثلاثاء ليست إلا بداية لطريق quot;صعب وشائكquot; رسم ملامحه اتفاق انتقال السلطة، الذي جنّب اليمنيين الانزلاق إلى الحرب الأهلية.

ولعب بن عمر دورًا محوريًا في التوصل إلى اتفاق انتقال السلطة وفي تطبيقه، وهو اتفاق قبل بموجبه الرئيس علي عبدالله صالح ترك السلطة بعد 33 سنة أمضاها في رئاسة اليمن مقابل حصوله مع معاونيه على حصانة من الملاحقة.

وقال المبعوث في مقابلة مع وكالة فرانس برس في صنعاء إن انتخاب المرشح التوافقي والوحيد عبدربه منصور هادي رئيسًا جديدًا لليمن هو quot;بداية طريق صعب وشائك، ولكن هناك أملquot;. وبحسب بن عمر، فإن اليمنيين quot;ادركوا انه لا يمكن ان يكون هناك غالب ومغلوب، وفي المقابل، قام المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة بالمساعدة على التوصل الى الاتفاق السياسيquot;.

ورأى هذا الدبلوماسي الأممي المخضرم والمغربي الأصل أن اليمن يواجه quot;أخطارًا كثيرة، أولها انعدام الثقة بين الأطراف السياسيةquot;. اما ابرز المخاطر الأخرى فهي على حد قوله quot;تدهور الوضع الأمني وانعدام وجود الدولة في عدد من المناطق وكذلك الوضع الانساني الخطرquot;.

وكان اليمن دخل دوامة خطرة من الاضطراب والعنف مع اندلاع حركة احتجاج شعبية مطالبة بإسقاط نظام صالح قبل اكثر من سنة، ومع انتشار العنف بين الموالين والمعارضين لصالح في ظل تدهور للوضع الانساني والاقتصادي وانحسار لسيطرة الدولة على اراضيها، ما سمح بتمدد تنظيم القاعدة في الجنوب.

وقال بن عمر إنه quot;لا بد من إعادة هيكلةquot; الجيش كما هو منصوص عليه في اتفاق انتقال السلطة. وأضاف quot;هناك إجماع بين اليمنيين وفي إطار الاتفاق على أنه يجب إعادة هيكلة الجيش، لكن هذا مشروع طويل المدى، ولن يتم في ظرف شهر او شهرين او ثلاثةquot;. وبن عمر، الذي بذل جهودًا جبارة في التوسط بين اطراف النزاع للتوصل الى صيغة لآلية تنفيذية للمبادرة الخليجية، يذكر أن المرحلة المقبلة عنوانها الحوار.

وقال بن عمر، الذي يزور اليمن للمرة التاسعة من نيسان/ابريل الماضي، ان الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تنظم الثلاثاء quot;هي حلقة في اطار خارطة الطريق، التي تم الاتفاق عليها في الرياض، وهي بداية المرحلة الانتقالية الثانية، ومدتها سنتانquot;.

واضاف quot;خلال هذه المرحلة سيتم تنظيم حوار وطني واسع، تساهم فيه الاطراف كلها، وخصوصًا الاطراف التي لم تشارك حتى الآن في العملية السياسية، اي الشباب المعتصمون والمتمردون الحوثيون والحراك الجنوبيquot; المطالب بالانفصال.

وفيما ترفض شرائح من الشباب الذين قادوا الاحتجاجات الاتفاق بسبب منح صالح، الذي يتهمونه بالفساد وquot;قتل المتظاهرينquot; الحصانة، يرفضه ايضا المتمردون الحوثيون في الشمال، وكذلك الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، والذي يعتبر جناحه الأكثر تشددًا انه quot;غير معنيquot; بالاتفاق الذي يخصّ quot;دولة الاحتلالquot;، أي دول شمال اليمن، بحسب ادبيات الحراك.

وبحسب بن عمر، فان مرحلة الحوار المقبل ستشمل quot;الإعداد لدستور جديد عبر عملية نقاش مفتوح وواسع يشمل جميع اليمنيين، وسيكون هذا بمثابة عقد اجتماعي جديد بين اليمنيينquot;. وستلي هذه المرحلة التي يفترض ان تستمر سنتين، انتخابات عامة وفقًا لدستور جديد.

وحرص بن عمر على التذكير بأن الانتخابات الحالية التي يشهدها اليمن quot;هي في إطار تسوية سياسية سلمية فريدة من نوعها في العالم العربيquot;.
وخلص الى القول quot;انها تسوية تجنّب اليمن الانزلاق الى الحرب الاهليةquot;.