مجموعة تلكسات تظهر أن إيران لجأت للغش والخداع في بداية تطويرها برنامجها النووي

أزيح النقاب عن مجموعة من التلكسات السرية، أظهرت حقيقة الأساليب التي لجأ إليها الايرانيون لتطوير برنامجهم النووي. وقال الخبراء إنهم فوجئوا بنماذج السلوكيات التي بدأت مبكراً في برنامج إيران النووي واشتملت على بعض من الأشخاص المسؤولين أنفسهم حالياً عن جهود البلاد النووية.


القاهرة: أظهرت مجموعة تلكسات كانت تتسم بسريتها في السابق، وأزيح عنها النقاب الآن، حقيقة لجوء المسؤولين الإيرانيين إلى أسلوب الخداع في مساعيهم التي بذلوها وما زالوا لتطوير برنامجهم النووي. وقد تم الكشف في هذا السياق عن تفاصيل الصفقة التي يعود تاريخها إلى العام 1992، والتي سعى فيها معهد سري للأبحاث يعمل مع الجيش الإيراني، لشراء 220 رطلاً من غاز الفلور الكاوي من شركة بريطانية.

وقد اتضحت كافة هذه التفاصيل المثيرة، عبر وثيقة، بعدما كان يعتقد أن المشتري الحقيقي جامعة من الجماعات الإيرانية. وقد وجد المحققون في وقت لاحق أن غاز الفلور يتم مزجه باليورانيوم في برنامج نووي سيظل طي الكتمان لمدة عشر أعوام أخرى.

وتعتبر الوثيقة جزءا من مجموعة نفيسة قوامها 1600 تلكس سري في ما مضى، تحصل عليها باحثون نوويون في مساعيهم للكشف عن التاريخ الأولي لجهود إيران السرية في ما يخص التكنولوجيا النووية. ورغم أن تلك التلكسات تعود إلى مطلع تسعينات القرن الماضي، إلا أنها تقدم لمحة مفصلة بشكل غير معتاد عن الجهود المزعومة من جانب إيران لتحدي العقوبات في سبيل التحصل على تكنولوجيا حساسة ndash; وهي الأساليب التي يقول مسؤولون استخباراتيون إنها متواصلة حتى الآن.

وقال الخبراء الذين اطلعوا على الوثائق إنهم فوجئوا بنماذج السلوكيات التي بدأت مبكراً في برنامج إيران النووي واشتملت على بعض من الأشخاص المسؤولين أنفسهم حالياً عن جهود البلاد النووية، تحت إشراف القائد الأعلى نفسه، آية الله علي خامنئي، الذي أتى للسلطة عام 1989. وأظهرت التلكسات وغيرها من الوثائق، وفقاً لما ذكرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، استعانة الإيرانيين بالحيلة والخداع للحصول على الأجزاء التي يحتاجونها، ومن ثم لجوئهم إلى أسلوب الإنكار القاطع عند تحاورهم مع مسؤولي النووي في الأمم المتحدة، حتى عندما تتم مواجهتهم بالأدلة.

وقال من جانبه دافيد ألبرايت، مفتش نووي سابق في الأمم المتحدة تحصل على الوثائق، وزوّد الصحيفة بعيّنة قوامها عدة عشرات من النسخ :quot; كانوا يلتزمون بأكثر الخطوط حسماً وثباتاً، وهو ما كان يُصَعِّب الوثوق بهمquot;. ومضت الصحيفة تقول إن تاريخ إيران المتعلق بالإخفاء والخداع بات أكثر شيوعاً الآن بسبب مخاوف متعلقة باقترابها من مرحلة حاسمة في مساعيها الرامية إلى تطوير قنبلة ذرية.

وقد سافر إلى إيران منذ أيام طاقم خبراء فنيين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل الضغط على المسؤولين الإيرانيين لتبرئة ساحتهم بشأن أنشطتهم النووية السابقة، بما في ذلك أبحاثهم المزعومة لتطوير رؤوس حربية نووية، إلا أن مهمتهم قد باءت بالفشل، بعدما تم منعهم من الوصول إلى إحدى المنشآت العسكرية الهامة.

وسبق لإيران أن نفت مراراً وتكراراً صحة تلك الوثائق المشكوك فيها المتعلقة بماضي البلاد النووي، من منطلق أن تلك الوثائق مزورة. فيما قال أولي هينونين، الذي عمل رئيسا لقسم الضمانات النووية بالوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى عام 2005، إن الوثائق التي تحصل عليها الباحثون النوويون مشابهة للتلكسات التي اطلع عليها المراقبون.

وأكد هينونين كذلك أن محاولات التفتيش لم تواجه فحسب بإجابات مراوغة، بل بتزايد كذلك في مستوى الاعتراض الرسمي من جانب السلطات الإيرانية. وأضاف :quot; الغش والخداع كانا جزءًا مؤسفاً من العمليةquot;. وأوضحت واشنطن بوست من جهتها أن تلك التلكسات، التي تغطي الفترة ما بين أواخر الثمانينات وحتى مطلع التسعينات من القرن الماضي، اهتمت بتلك الفترة التي بدأت فيها إيران بجدية تجميع واختبار مكونات من شأنها أن تخدم مفاعلا متخصصا في تخصيب اليورانيوم. وكان قادة إيران مهتمون من وقتها بالفعل بتوسيع نطاق برنامجهم النووي الطموح.

وأضافت الصحيفة أن المسؤولين الإيرانيين تحصلوا على مخططات لأجهزة طرد مركزي تعمل بالغاز، وهي الآلات التي تستخدم لتطوير يورانيوم مخصب، من العالم الباكستاني، عبد القادر خان، ثم اتجهوا للحصول سراً على معدات كانوا يحتاجونها من شركات غربية.

وفي الوقت نفسه، سبق لوكالات استخباراتية أن نجحت في اعتراض تلك الطلبات، وقامت بتحليلها، من أجل الحصول على مفاتيح تساعدهم في الوصول لنوايا إيران الحقيقية. وعاود ألبرايت، الذي يعمل حالياً كخبير متخصص في الشأن النووي، ليقول إن مصدرًا غربيًا زود منظمته ( معهد العلوم والأمن الدولي ) بمجموعة ضخمة من التلكسات، وهو المعهد الذي يجمع ويحلل البيانات المتعلقة ببرامج الأسلحة النووية.

وأظهر تحليل أجرى لتلك التلكسات من جانب معهد العلوم والأمن الدولي، الذي يعرف اختصاراً بـ ISIS، أن مركز بحوث الفيزياء الإيراني لعب دوراً خفياً في جهود إيران الأولية على الصعيد النووي. ويعتقد مسؤولو المخابرات الأميركية إن ذلك المركز كان سبباً في دفع برنامج البحوث النووية السري لإيران خلال عقده الأول، حيث تم توزيع مسؤولياته في وقت لاحق على مجموعة من المؤسسات الأخرى.

ومضت الصحيفة تنقل في ختام تقريرها عن جورج بيركوفيتش، مدير برنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي، قوله:quot; تمثلت الطريقة الوحيدة التي كان بمقدورهم التحصل على ما يريدونه في إبقائهم على الأمور سرية واستعانتهم كذلك بالازدواجية. فالإيرانيون يرون أنهم إن لم يستخدموا تلك الحيل، فإنهم لن يتحصلوا على التكنولوجيا التي يحتاجونها، والتي يرون ان لهم الحق في امتلاكهاquot;.