لميس فرحات: أظهرت التحقيقات أن الجندي الأميركي روبرت بيلز المعتقل عقب إقدامه على قتل 16 أفغانياً وهم نيام -معظمهم أطفال ونساء- في ولاية قندهار، كان متهماً بعملية احتيال مالية قبل انتسابه إلى الجيش.
كانت سلطة تنظيم الصناعة المالية -وهي هيئة تأديبية مستقلة للسماسرة- قضت بقيام بيلز (34 عامًا) والشركة التي كان يعمل فيها كتاجر للأسهم بدفع 1.4 مليون دولار، نصفها لتعويض المبالغ المهدورة، ونصفها الآخر غرامة على ما أحدثته العملية من أضرار.
بمراجعة حسابات العميل المتقاعد غاري ليبشنر (74 عامًا)، تبين أن بيلز قام ببيع أسهم قيمة لشراء أسهم رخيصة، فيما وصفته سلطة تنظيم الصناعة المالية بأنه quot;افتعال عمليات شراءquot; للحصول على قيمة السمسرة.
في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; إلى أن عملية الاحتيال المالية تعدّ إضافة إلى شخصية الجندي التي تزداد تعقيداً، فبينما يراه أصدقاؤه وجيرانه بأنه رجل عائلة وجندي معتدل المزاج، عمد بيلز إلى اختراق القوانين بشكل متكرر، بما في ذلك اعتقاله للاشتباه في قيادته السيارة وهو ثمل، والتورط في حوادث الضرب والهرب، وارتكاب جنح اعتداء.
وأضافت الصحيفة أن بيلز كان- إلى جانب تلك الأحداث- يعاني ضغوطًا مالية، فقد عرض منزله في مدينة تاكوما للبيع أيامًا قليلة قبل مجزرة قندهار، التي وقعت في الحادي عشر من الشهر الجاري. وكانت زوجته كارلين قد أصدرت بياناً أمس تعرب فيه عن مدى فظاعة المجزرة، وقالت إنها quot;مأساة تدمي القلبquot;، مشيرة إلى أن ما حصل لا يمت إلى شخصية quot;الرجل الذي أعرفه جيداً وأحبهquot;.
وعلى الرغم من شدة هول الحادث والتداعيات التي سببها، يزعم بيلز أنه لا يذكر شيئاً مما حدث تلك الليلة، فقال المحامي الذي يتولى الدفاع عن الجندي الأميركي إن موكله لا يتذكر الوقائع التي يتهم بها.
وقال المحامي جون هنري براون لشبكة quot;سي بي إسquot; الأميركية بعد زيارة موكله في السجن في فورت ليفنوورث (كنساس) إن بيلز لا يتذكر إلا بداية السهرة وما بعد الوقائع، لكنه لا يتذكر ما جرى بين الفترتين. واتهم بيلز بمغادرة قاعدته في بانجواي في ولاية قندهار (جنوب أفغانستان) ليل 11 مارس/آذار، وإقدامه على قتل 16 شخصاً من سكان إحدى القرى، من بينهم تسعة أطفال، كما حرق العديد من جثثهم.
وقال مسؤول أميركي إن الكحول لعبت دوراً في ما قام به بيلز. لكن براون قال إن موكله لم يكن ثملاً. وأوضح براون أن موكله تحت الصدمة، وأضاف quot;هو يفكر بالجنود الذين تركهم وراءه على الأرض، وبالنتائج التي قد تخلّفها الأعمال المتهم بها على أصدقائه وأبناء بلدهquot;.
تفاصيل عملية الاحتيال المالي
ظلت فترة حياة الجندي بيلز قبل التحاقه بالجيش مبهمة نسبياً، حتى ظهرت تفاصيل عن طفولته والوقت الذي قضاه في الخارج. وتشير السجلات المالية إلى أن بيلز عقد سلسلة من الوساطات من تموز/يوليو 1996 حتى كانون الأول/ديسمبر 2000، وقضى ما يزيد قليلاً على العام في كل شركة. في عام 1996، اجتاز امتحان الدخول الذي مكنه من تجارة الأسهم والسندات والأوراق المالية البلدية المختلفة، وفي عام 1997، نجح في اختبار مماثل وضعه مشرعو الدولة لتجارة الأسهم.
وأسس بيلز وشقيقه مارك، شركة استثمار في دورال في ولاية فلوريدا، في عام 2000 جنبًا إلى جنب مع مارك إدواردز، لاعب اتحاد كرة القدم الأميركي السابق وصديقه منذ أيام الدراسة في نوروود في ولاية أوهايو.
استمرت الشركة أقل من عام، وأغلقت بسبب quot;قوى السوقquot;، وفقاً لما قاله ادواردز من خلال متحدثة باسمه يوم الاثنين. وأضاف إدواردز أن الحادثة لم تؤثر على الصداقة بينهما، قائلاً انه يعتبر بيلز quot;شخصاً يملك شجاعة هائلة، إضافة إلى النزاهة والولاءquot;.
عملاء quot;غاضبونquot;
quot;ليس هذا هو الرجل الذي تعاملت معه عندما كان أصغر من ذلك بكثير، وقد عينته بمثابة رئيس تنفيذي للاستثمار على حساب تقاعديquot;، يقول ليبشنر عن بيلز. عانى ليبشنر رد فعل حادًا جراء تناول أحد الأدوية استدعى نقله إلى المستشفى وإلى مركز لإعادة التأهيل في الفترة من تشرين الثاني/نوفمبر 1998 حتى حزيران/يونيو 1999. وفي ذلك الوقت، اضطرت زوجته، جانيت، إلى أخذ إجازة من وظيفة التمريض، لمراقبة سير الأعمال.
وكانت الزوجة بحاجة ماسة إلى المال لتغطية قسط السيارات والرهن العقاري، فضلاً عن تكلفة التجديدات في منزلها لجعله مناسباً للكرسي المتحرك الذي يستخدمه زوجها. وقالت جانيت انها لم تكن مسؤولة من قبل عن الشؤون المالية، لكن بعدما بدأت فحص كشوفات الحساب، أدركت أنه تم ستنزاف الصندوق بشكل هائل.
كان حساب زوجها التقاعدي يبلغ نحو 700.000 دولار في العام 1998، كما تظهر الكشوفات. لكن بحلول أوائل عام 2000، كان في الصندوق نجو 30.000 دولار فقط.
ما إن اكتشف ليبشنر وزوجته ما حدث، كانا في حال من الغضب. لكن بيلز دعاهما إلى عشاء في quot;نادي كولومبوسquot;، وأكد لهم أن الأسهم ستسترد قيمتها. وقالت جانيت (65 عاماً) بحرقة: quot;دفع بيلز فاتورة العشاء، لكن اليوم أستطيع أن أقول إنه دفعها من مالناquot;.
وقال محامي الزوجين، إيرل فروست جونيور إنه دعا بيلز إلى التوصل إلى تسوية معه لتجنب عملية القضاء الشاقة، لكن بيلز رفض، فأخذت الدعوة مسارها. وقال غاري ليشبنر إن عودة ظهور بيلز جعلته يأمل مجدداً بأنه قد يستعيد ماله، بعدما فقد الأمل في ذلك.
التعليقات