لندن: أُطلق مشروع تكنولوجي متطور بتمويل من نجم هوليود جورج كلوني، لمراقبة تحركات الجيش السوداني بواسطة الأقمار الاصطناعية وتحذير المدنيين من الهجمات.
وكشف نتانيل ريموند، مدير المشروع ان الهدف هو استخدام صور الاقمار الاصطناعية لمراقبة انتهاكات حقوق الانسان في السودان. وقال ريموند للصحافيين واقفا امام خريطة لولاية جنوب كردوفان السودانية ان مهمته هي quot;احصاء الدبابات من الفضاء لحساب جورج كلونيquot;. ونقر ريموند على فأرة الكومبيوتر فظهرت صور دبابات وعربات عسكرية التقطها قمر اصطناعي، من مئات الكيلومترات فوق المنطقة.
وبفكرة القمر الاصطناعي لمراقبة تحركات القوات السودانية من الفضاء، يتحول كلوني صاحب الفكرة من ليبرالي آخر في هوليود، الى خبير وقائد حملة بشأن السودان. وكان كلوني تسلل عدة مرات داخل الأراضي السودانية لتوثيق القصف العشوائي ضد المدنيين وخروقات اخرى.
وبعد زيارة لجبال النوبة في شباط (فبراير)، عاد كلوني بشريط مروع لجثث قتلى واطفال فقدوا ايديهم وقرى كاملة أُجبر سكانها على العيش في كهوف. وعرض كلوني فيلمه امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي.
وظهرت صور كلوني تقتاده الشرطة مكبلا بالأصفاد بعد تظاهرة امام السفارة السودانية مؤخرا في الصحف والمدونات في انحاء العالم. ولكن دوره يتبدى بأشد صوره تأثيرا في العمل اليومي الذي يقوم به quot;ساتيلايت سنتينل بروجكتquot; أو quot;مشروع القمر الاصطناعي الحارسquot; بمراقبة قوات النظام السوداني.
وكان كلوني اقترح فكرة المشروع على غوغل، وشركة ديجتال غلوب للأقمار الاصطناعية طالبا مساعدتهما في تنفيذه وتعهد بتمويل المشروع من جيبه. ويعمل المشروع منذ 15 شهرا الآن.
وكان الوضع تفاقم على حدود السودان الجنوبية منذ استقلال جنوب السودان العام الماضي، وخاصة في المناطق الغنية بالنفط. ويقول مراقبون ان حكومة الخرطوم تخشى ان تحذو هذه المناطق النفطية ايضا حذو جنوب السودان وتعلن الانفصال. وتهدف الحملات التي يشنها الجيش السوداني لإحباط مثل هذه الطموحات أو حتى تغيير التركيب السكاني، لصالح جماعات عرقية تريد البقاء ضمن السودان.
ويقود ريموند مدير مشروع كلوني فريقا صغيرا من الموظفين والمتطوعين الطلاب، في شقة لا تثير الانتباه في احدى ضواحي مدينة بوسطن بولاية ماسيشوسيتس. ومن هذه الشقة يراقبون الأحداث التي تجري على الأرض في مناطق النزاع. ويعكف ريموند وفريقه كل يوم على تحليل الأخبار والتقارير الواردة من السودان والصور المرسلة من القمر الاصطناعي، ثم مقارنتها مع قاعدة بيانية من الصور السابقة للبحث عن تغييرات مثل فتح طرق عسكرية جديدة أو معسكرات جديدة أو تحركات عسكرية.
وباستخدام هذه التكنولوجيا المتطورة، والتقاط الصور من الفضاء في غضون ساعات من تلقي تقارير من الأرض يكون بمقدور المشروع ان يرسم مجرى النزاع، ويحلل عناصره. ونقلت صحيفة الغارديان عن مدير المشروع نتانيل ريموند quot;ان لا احد يفعل ما نفعلهquot; واصفا مشروع كلوني بأنه quot;اختراق في مجال مراقبة انتهاكات حقوق الانسانquot;.
وكانت فكرة المشروع تتمثل في البداية بجمع أدلة من حيث الأساس ليمكن استخدامها في محاكمة مسؤولين سودانيين بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية. ولكن صور الأقمار الاصطناعية كانت دقيقة بحيث تتيح استخدامها للتوثق من حقيقة تقارير عن ارتكاب مجازر ووجود مقابر جماعية. وبعد أن ابلغ شخص على الأرض عن رؤيته دفن جثث في احد بساتين المانغو في بلدة كادوقلي، تمكن مشروع كلوني من توثيق الموقع من الفضاء، وكشف ما بدا انها أكياس جثث في قبور محفورة حديثا في مناطق أخرى من البلدة.
ويجري الحديث حاليا عن استخدام هذه الطريقة في سوريا أو بلدان أخرى تشهد انتفاضات تستوحي الربيع العربي. فإن مشروع كلوني أحدث انقلابا في ما يعنيه التحقيق في انتهاكات حقوق الانسان. وقال ريموند مدير المشروع quot;ان الوقوف على حافة قبر والتقاط الصور منها لم يعد كافيا وان هذه الأساليب لم تعد مجديةquot;.
التعليقات