بمجرد الإعلان عن ترشّحه لخوض معركة الرئاسة عن حزب الحرية والعدالة - الذراع السياسي للإخوان المسلمين، أصبح خيرت الشاطر مرشحاً بارزاً للفوز باللقب جراء الشعبية الطاغية التي تحظى بها جماعة الإخوان في الشارع المصري، ما مكنهم من حصد نصف المقاعد البرلمانية.


خيرت الشاطر

لميس فرحات: اعتبرت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; أن الشاطر يعدّ رمزاً للحداثة داخل جماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أنه رجل أعمال شهير يتمتع بعقل منفتح، ويساند دائماً فكرة التجارة الحرة.

ولطالما نشبت خلافات بين الشاطر وبعض صفوف الإخوان، لاسيما الشباب منهم، لمطالبتهم بالمزيد من التعددية والحرية في التعبير عن الرأي السياسي للجماعة، في الوقت الذي يساند فيه الشاطر ضرورة إتباع القرارات التي تتخذها القيادة العليا بغضّ النظر عن ماهيتها. وأعلنت الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة، الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين في مصر، عن ترشيح خيرت الشاطر لانتخابات رئاسة الجمهورية، التي تجري في أيار/مايو المقبل.

وفي بيان حول موقفها من الرئاسة، تحدثت الجماعة عن مواقفها من التطورات السياسية للفترة الانتقالية بعد الثورة المصرية التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك. وقال البيان إن quot;هناك تهديداً للثورة ولعملية التحول الديمقراطي، منها رفض وإعاقة تشكيل البرلمان لحكومة جديدة، والتهديد بحل مجلسي الشعب والشورى - الإنجاز الأهم للثورة، والدفع بمرشحين رئاسيين من النظام السابق، الأمر الذي أدى بالجماعة إلى اتخاذ قرار بتقديم مرشح للرئاسةquot;.

يشار إلى أن حزب quot;الحرية والعدالةquot;، الذي أسسته الجماعة، فاز بـ 42% من مقاعد مجلس الشعب في الانتخابات الأخيرة، ويحتاج المرشح لرئاسة الجمهورية تأييد 30 عضوًا فقط في البرلمان لترشحه، كخيار ضمن ثلاثة خيارات لاستيفاء شروط الترشح المتعلقة بالتأييد الجماهيري.

واعتبرت الـ quot;نيويورك تايمزquot; أن الجماعة خالفت التعهدات التي قدمتها سابقاً، إذ أعلنت منذ عام أنها لن تقدم مرشحاً للرئاسة من بين صفوفها، وهو ما وصفه البعض بمحاولة لتبديد مخاوف الغرب والليبراليين في مصر بشأن رغبة الجماعة في الهيمنة على النظام السياسي وإقامة حكم إسلامي.

وأكد المرشد العام للجماعة محمد بديع هذه المعلومات في مؤتمر صحافي، موضحاً أن الشاطر تقدم باستقالته من منصب نائب المرشد تمهيدًا لترشحه. وتلا بديع بياناً مقتضباً من الشاطر، يقول فيه quot;لا يسعني سوى قبول قرار الأخوان المسلمين تعييني مرشحاً لهم إلى الانتخابات الرئاسية، لذلك أرجو قبول استقالتي كنائب للمرشد وعضو في مجلس الشورىquot;.

بدوره، شدد الأمين العام للإخوان المسلمين محمود حسين على أن الجماعة لم تغير موقفها، بل اتخذت هذا القرار quot;أمام المتغيرات والتحديات التي تمر بها الثورة الآن والتهديدات التي تواجهها وبعد دراسة كاملة للموقف وما يصبو إليه شعبنا العظيم من آمال وطموحاتquot;.

وأكد رئيس حزب الحرية والعدالة محمد مرسي للصحافيين أن تقديم مرشح للاقتراع quot;ليس تغييرًا في المبادئquot;، مشيراً إلى أن quot;مصر بحاجة إلى مرشح منا يمكنه تحمّل المسؤولياتquot;.

وأضاف إن quot;مصر لديها مشاكل لم تحل بعد، منها النقص في المحروقات والغاز وغياب الأمن. وكل هذا دفعنا باتجاه السلطة التنفيذيةquot;. ويعدّ خيرت الشاطر (62 عاماً) أحد أكثر الأصوات تأثيراً في قيادة الجماعة، ويخوض في الوقت الحالي محادثات في إطار تشكيل حزب الحرية والعدالة للوزارة، إذ يهيئ 500 من المسؤولين للمشاركة في الحكومة المنتظرة.

من هو خيرت الشاطر؟
ولد الشاطر في الرابع من أيار/مايو 1950 في جامعة المنصورة في دلتا النيل. متزوج وأب لعشرة أولاد، وله عشرة أحفاد. حصل على شهادات في الهندسة من جامعتي الإسكندرية والمنصورة. وعمل محاضراً في جامعة المنصورة قبل أن يطرد منها بأمر من الرئيس السابق أنور السادات، والتحق بجماعة الإخوان المسلمين.

تعرّض الشاطر للسجن مرات عدة في عهد مبارك، الذي كان يغضّ النظر عن نشاط الجماعة التي كانت محظورة. وتعتبر شركاته الكثيرة مصدر تمويل الجماعة التي تحاط دوائر تمويلها بالغموض.

يشار إلى أن الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في أيار/مايو المقبل، هي الأولى منذ رحيل حسني مبارك الذي تنحّى عن السلطة تحت ضغط شعبي بعد ثلاثة عقود في السلطة.

وسيواجه الشاطر في هذا الاقتراع المرشح السلفي حازم أبو إسماعيل والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، والعضو السابق في الإخوان المسلمين عبد المنعم أبو الفتوح.

مسيرته السياسية
بدأ خيرت الشاطر نشاطه العام الطلابي والسياسي في نهاية تعليمه الثانوي عام 1966. عمل بعد تخرجه في الجامعة معيداً ثم مدرساً مساعداً في كلية الهندسة في جامعة المنصورة حتى عام 1981، ثم أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات قراراً بنقله خارج الجامعة مع آخرين ضمن قرارات سبتمبر 1981.

كما عمل في التجارة وإدارة الأعمال، وشارك في عضوية مجالس إدارات عدد من الشركات والبنوك، ثم انخرط في العمل الإسلامي العام منذ عام 1967، وشارك في تأسيس العمل الإسلامي العام في جامعة الإسكندرية منذ مطلع السبعينيات.

ارتبط الشاطر بجماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1974، ثم تدرج في مستويات متعددة وأنشطة متنوعة، فانضم إلى عضوية مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين منذ عام 1995.

قام الشاطر بتأسيس موقع quot;إخوان ويبquot;، وهو الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين باللغة الإنجليزية، حيث باشر الموقع بإجراء حوارات مع المراكز البحثية الغربية أحدثت صدى واسعاً، كما قام بتقديم رؤىً جديدة ومعاصرة عن جماعة الإخوان المسلمين للعقل الغربي.

تعرّض خيرت الشاطر للسجن وصودرت ممتلكاته نحو ست مرات، كان أولها في عام 1968 في عهد الرئيس الراحل عبد الناصر، لاشتراكه في مظاهرات الطلاب في نوفمبر 1968، حيث سجن أربعة أشهر، وفُصل من جامعة الإسكندرية، وجُنِّد في القوات المسلحة في فترة حرب الاستنزاف قبل الموعد المقرر لخدمته العسكرية.

كما تعرّض الشاطر للسجن في عام 1992 لمدة سنة، فيما سمّيت بقضية quot;سلسبيلquot;، كما تم حبسه 1995 حيث حُكم عليه بخمس سنوات في قضايا الإخوان أمام المحكمة العسكرية، فضلاً عن حبسه لمدة سنة عام 2001.

وفي 14 ديسمبر/كانون الأول عام 2006 تم توقيف الشاطر ومجموعة من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وعلمائها ورجال الأعمال البارزين فيها بلغ عددهم 40 قيادياً، حيث تم عرضهم في بداية الأمر على القضاء المدني، الذي أمر بإطلاق سراحهم ثلاث مرات في القضية رقم 963 لسنة 2006، فتمت إحالتهم بأمر من الحاكم العسكري رئيس الجمهورية السابق محمد حسني مبارك في 5 شباط/ فبراير2007 إلى محاكمة عسكرية.

وبعد ما يزيد عن سبعين جلسة من المحاكمة وفي 15 نيسان/أبريل 2008 أصدر اللواء عبد الفتاح عبد الله علي، وهو من سلاح المشاة، أحكاماً مشددة بالسجن ومصادرة الأموال على 25 متهماً، منهم 7 خارج البلاد، كما قضت بتبرئة 15 متهماً. وكان نصيب الشاطر حكم بالسجن سبع سنوات، وهي أقصى عقوبة شهدتها المحاكمات العسكرية لقيادات الإخوان في عهد مبارك.

وينتظر الشاطر خلال الفترة الحالية، العفو العام عنه من قبل المجلس العسكري، كي يضمن قبول أوراق ترشحه، إسوة بما حصل مع رئيس حزب الغد أيمن نور.

إسرائيل قلقة وواشنطن ترفض التعليق
في أول رد فعل إقليمي على ترشيح الشاطر، وصف مسؤول إسرائيلي قرار جماعة الإخوان المسلمين الدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية بأنه أمر quot;مقلقquot;.

وقال المسؤول في تصريح لصحيفة quot;نيويورك تايمزquot; الأميركية تعليقاً على إعلان المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر ترشيح خيرت الشاطر لخوض الانتخابات الرئاسية: quot;من الواضح أن هذا ليس نبأ جيداًquot;.

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن quot;الإخوان المسلمين ليسوا أصدقاء لنا، ولا يتمنون لنا الخيرquot;. وأوضح: quot;السؤال الكبير هو مدى البراغماتية التي سيكونون عليها إذا ما وصلوا إلى السلطةquot;. وذكرت الصحيفة أن الخارجية الأميركية رفضت التعليق على ترشيح الشاطر لخوض انتخابات الرئاسة المصرية.