المدون المصري ميخائيل نبيل

لندن: قبل عام هذا الأسبوع أصبح ميخائل نبيل أول مدون مصري يُعتقل لا لشيء سوى رأيه. وشرع نبيل يتحدث بعد اطلاق سراحه عن معركته من أجل اعلاء حرية الرأي بوصفها مبدأ اساسيا من مبادئ الديمقراطية.

ولكن آراء ميخائيل نبيل مثيرة للجدل في مصر من كل ناحية تقريبا، بما في ذلك الحاده المكشوف وتأييده لحرية المثليين وخاصة تعاطفه مع إسرائيل. ومع ذلك فان معارضته لحكم العسكر هي التي جعلته أول مدون مصري يتعرض للاعتقال بعد الانتفاضة التي اسقطت الرئيس السابق حسني مبارك.

وكان نبيل وهو شاب نحيل مسالم، اصبح شوكة في خاصرة الجيش المصري قبل نزول المصريين الى الشوارع برفضه الخدمة العسكرية الاجبارية. وبدأ نبيل حملة ضد التجنيد على مدونته التي ينشر فيها قصائد وخواطر غير سياسية ايضا.

وبعد اقل من شهرين على سقوط مبارك اعتقلت السطات العسكرية ميخائيل نبيل بتهمة نشر مادة في مدونته تستعرض انتهاكات العسكر الذين تسلموا مقاليد السلطة. وبعد اعتقاله قبل عام لم يدافع كثيرون عن حقه في حرية التعبير واتضح ان قضيته كانت نذير حملة أوسع على حرية التعبير شنها الحكام العسكريون، كما يقول ناشطون من اجل الديمقراطية في مصر.

وأُفرج عن نبيل بعد اعلانه الاضراب عن الطعام ولكن حقوقيين يرون ان امتناع المصريين عن الانتصار لحقوق شخص مثله يعتنق آراء خلافية يعني تقويض حرية التعبير ببطء.

ونقلت صحيفة كريستيان ياينس مونتر عن هبة مريف الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الانسان quot;ان عدم التجاوب فورا مع قضايا مثل قضية ميخائيل نبيل في وقت مبكر من العام مهد الطريق بمعنى ما امام الجيش لمواصلة تضييق الفضاء العام على المعارضةquot;. واشارت مريف الى ان لا يوجد الآن احساس قوي بضرورة الدفاع عن حرية التعبير وان هذا موقف خطير يواجه تقدم المسيرة الديمقراطية.

ولد نبيل لعائلة مسيحية قبطية في اسيوط جنوبي مصر وتخرج طبيبا بيطريا من جامعتها. وقال نبيل انه لم يخلق للدوام اليومي فانصب اهتمامه على الكتابة والنشاط السياسي والبحث. ودرس لنيل شهادة عليا في القانون من جامعة القاهرة ولكنه لم يحضر الامتحانات النهائية بسبب وجوده وراء القضبان.

ومن آراء نبيل المثيرة للجدل اعتراضه على شعار quot;الجيش والشعب يد واحدةquot; الذي رفعه الناشطون خلال الانتفاضة. وفي 8 آذار/مارس 2011 كان عنوان المادة التي اوقعته في السجن بعد نشرها على مدونته هو quot;الجيش والشعب لم يكونا ذات يوم يدا واحدةquot;. وذهب في ما كتبه الى ان الجيش لم يدعم الثورة قط وأقل من ذلك ان يكون منقذها مستعرضا انتهاكات المؤسسة العسكرية.

واتُّهم نبيل بعدما اعتقلته الاستخبارات العسكرية باهانة الجيش ونشر معلومات كاذبة. وكانت الأدلة التي قُدمت ضده 73 لقطة تصور مدونته وصفحته على فايسبوك. وقال نبيل الذي أُفرج عنه مؤخرا انه لم يرتكب جرما. ونقلت عنه صحيفة كريستيان ساينس مونتر القول quot;انا لم اسرق شيئا ولم اقتل احدا بل تعرضت للاعتقال بسبب آرائيquot;.

ولم ينتبه كثيرون الى اعتقال نبيل في البداية بل كان المصريون ما زالوا فرحين بموقف الجيش من انتفاضتهم وخاصة امتناع الجنود على مهاجمة المحتجين بخلاف قوات الشرطة. وكان أي احتجاج ضد الجيش مثار خلاف وقتذاك.

ولكن حتى بعد انتهاء شهر العسل مع العسكر ظل كثيرون على احجامهم عن التضامن مع نبيل الذي تجعله آراؤه شخصا لا يحظى بتعاطف المصريين عموما. ويتحدث نبيل عن معاناته بسبب السجن قائلا انه منذ الافراج عنه يلاقي صعوبة في التركيز، ويرى غرباء في الشارع فيظن انه يعرفهم.

وكان ايجاد متعاطفين مع نبيل في سجنه بالغ الصعوبة بسبب تأييده إسرائيل. وهو عندما يقول ان حرب إسرائيل في غزة عام 2000 ومقتل اكثر من الف فلسطيني فيها كانت دفاعا عن النفس فانه يثير لدى المصريين مشاعر مماثلة لما يشعر به الاميركيون حين يدافع احد عن تنظيم القاعدة، بحسب صحيفة كريستيان ساينس مونتر ناقلة عن نبيل انه لا يطلب من احد ان يحبه ويؤمن بما يؤمن به بل quot;كل ما أطلبه هو ان نحترم حقوق الانسان في مصر، وان نحترم حرية التعبير في مصرquot;.

وكان غالبية المصريين يثقون بالعسكر وقت اعتقال نبيل في 29 آذار/مارس 2011 أو يخافون الكلام ضدهم. وحتى جمعية quot;لا للمحاكمات العسكرية للمدنيينquot; ترددت في الدفاع عن نبيل، كما قال ناشط في الجمعية، خشية ان يضر ذلك بقضيتها. وحين نظمت الجمعية حملة للدفاع عنه وطلبت مساعدة شخصيات عامة وناشطين معروفين رفض بعضهم الانضمام الى الحملة.

وقالت عضو الجمعية شهيرة ابو الليل إن إقناع وسائل الاعلام المحلية بنشر قضيته كان quot;اكثر من مستحيلquot;. واضافت ان وسائل الاعلام المصرية كانت تشعر بتهديد العسكر وان قضية ميخائيل نبيل قضية مثيرة للجدل.

ولكن تدريجيا بدأ المصريون يدركون ان اتخاذ موقف ضد سجن نبيل لا يعني بالضرورة الدفاع عن آرائه وعما يكتبه في مدونته، بحسب ابو الليل مشيرة الى انه حتى وسائل الاعلام المحلية بدأت تغطي قضيته.
وقال نبيل انه حين كان يدخل غرفة الزيارات في السجن خلال الأيام الأخيرة من محنته، كانت عائلات السجناء الآخرين تصفق له.

الآن عاد نبيل الى مدوناته ودفاعه عن حرية التعبير. وهو يخشى ان تكون المعركة المقبلة كلمة تُعد مسيئة للاسلام بعد اتهام رجل الأعمال المسيحي نجيب ساويرس بالاساءة للاسلام بنشره رسما كاريكاتيريا لميكي ماوس ملتحيا وميني منقبة على تويتر رغم الحكم ببراءته من التهمة.

وتقول الناشطة شهيرة ابو الليل انه ليس من المستغرب ان يحجم المصريون عن التضامن مع نبيل quot;لأننا كنا نفهم ان الناس بحاجة الى تثقيف بمبادئ حرية التعبير والديمقراطيةquot; بعد عقود من العيش في ظل حكم استبدادي. وأكدت ابو الليل الحاجة الى ثورة في العقول quot;ولا أحد منها لديه اوهام بأن ذلك سيحدث بين ليلة وضحاهاquot;.