أعرب مرشحون وخبراء سياسيون عن مخاوفهم من إمكانية تعرّض الإنتخابات الرئاسية في مصر للتزوير، أو على الأقل إنتشار ظاهرة شراء الأصوات التي تعرف بـquot;المال السياسيquot;، وذلك بعد انتشار ظاهرة الرشى مقابل الحصول على توكيلات التأييد من قبل بعض المرشحين، معتبرين أن هذا الأمر لا يبشّر بالخير، ولا يدعو إلى التفاؤل.


حملات إعلانية للمرشح إلى الانتخابات المصرية حازم أبو إسماعيل

صبري حسنين من القاهرة: تأتي تلك المخاوف في أعقاب استفحال ظاهرة الرشى، التي صاحبت عملية تحرير نماذج تأييد المرشحين للإنتخابات الرئاسية، حيث يشترط القانون حصول المرشح على 30 ألف نموذج تأييد من المواطنين من 14 محافظة على الأقل، أو الحصول على تأييد 30 نائبا في البرلمان أو الترشح عن حزب سياسي، يكون لديه تمثيل في البرلمان بنائب واحد على الأقل.

ولجأت غالبية المرشحين إلى تحقيق الشرط الأول، على اعتبار أنه الأسهل، لاسيما في ظل سيطرة الإسلاميين على البرلمان، وقلة الأحزاب الممثلة به. وتبادل المرشحون الإتهامات حول دفع أموال مقابل الحصول على التوكيلات من المصريين. وقال المرشح الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أثناء مؤتمر إنتخابي له في مدينة السويس quot;إن الأموال تتدفّق على بعض مرشحيّ الرئاسة من دول الشرق والغرب لشراء أصوات المصريين، ظناً منهم أن الشعب المصري سيبيع صوته لمَن يدفع أكثرquot;.

ودعا الشعب إلى عدم الإنسياق وراء المال السياسي، وطالبه بمراقبة الإنتخابات. وقال في مؤتمر آخر في مدينة أسيوط quot;هناك محاولات من بعض المرشحين الذين يمثلون النظام السابق لشراء أصوات الناخبين في الانتخابات، هناك عشرات الملايين تصرف لشراء الأصوات، وكلنا نعرف من هم جيدًا، وبدعم من اللصوص الذين سرقوا أموال الشعب والساعين إلى الدفاع عن مصالحهمquot;. وحمّل المجلس العسكري مسؤولية إقحام quot;المال السياسي الفاسد في الانتخاباتquot;، ودعا المجتمع بكل أطيافه إلى التحرك لمنع شراء أصوات quot;الغلابةquot;.

وتحقق النيابة العامة المصرية في اتهام ثلاثة موظفين في الشهر العقار في مدينة الأقصر بتزوير 600 توكيل لمصلحة المرشح عمرو موسى، وقررت حبسهم، لاسيما أن التحقيقات أثبتت إرتكابهم للجريمة.

قلق من التزوير
لا تستبعد بثينة كامل المرشحة المحتملة للإنتخابات الرئاسية عودة ظاهرة شراء الأصوات في الإنتخابات الرئاسية، وتدخل المال السياسي لحسم المعركة لمصلحة مرشح بعينه، وغالباً سيكون من المنتمين إلى النظام السابق.

وقالت لـquot;إيلافquot; إن ظاهرة المال السياسي تدخلت بقوة في عملية جمع الثلاثين ألف توكيل من المصريين، حيث تسابق المرشحون المنتمون إلى النظام السابق في دفع الأموال مقابل التوكيلات، حيث إنتشر السماسرة في شتى أرجاء الجمهورية، وظهرت بورصة للتوكيلات تتراوح أسعارها ما بين 50 و500 جنيه للتوكيل الواحد حسب المنطقة أو المدينة أو القرية.

لا تخفي كامل مخاوفها من إمكانية وقوع عمليات واسعة لشراء الأصوات في الإنتخابات أو تزويرها بسبب هذا المال، مشيرةً إلى أن المرشح الشريف لا يمكنه أن يجاري هؤلاء المرشحين، ولفتت إلى أن هذه الأفعال لا تبشّر بالخير، ليس في ما يخص الإنتخابات الرئاسية فقط، بل لمستقبل مصر ككل، لاسيما أنه في حالة فوز مرشح بتلك الطريقة لن يستطيع أحد محاسبته.

ويذهب الدكتور محمد جودة الخبير السياسي في الطريق نفسه الذي اتجه فيه المرشحون للرئاسة. وقال لـquot;إيلافquot; ما يحدث يؤكد أن النظام السابق لم يسقط، بل ما زال مستمراً، وأعرب عن مخاوفه من تزوير الإنتخابات لمصلحة مرشح من الفلول من أجل إعادة إنتاج نظام مبارك، على حد قوله.

وأضاف جودة أن مشهد عملية جمع التوكيلات لتأهيل المرشحين المحتملين للترشح رسمياً يسوده الفوضى والتخبط، مشيراً إلى أنه جزء من المشهد العام لمصر بعد 11 فبراير 2011، تاريخ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، ونبه إلى أن الإنتخابات الرئاسية لو سارت بهذا السيناريو المخيف ستكون بداية الإنهيار الكامل لمصر، وليس بداية الإستقرار، كما يعتقد البعض، مشيراً إلى أنه لو نجح مرشح عن طريق صفقة أو عن طريق المال السياسي، فإنه سوف تندلع تظاهرات عارمة، ويدخل كل تيار سياسي في حرب ضد الآخر، ثم تغرق مصر في بحور من الفوضى العارمة.

خطط التزوير جاهزة
أما الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، فيجزم بأن هناك خططاً وضعت بالفعل لتزوير الإنتخابات. وقال أثناء مؤتمر إنتخابي له في مسجد في القاهرة: quot;هناك كلام كثير وصل إلينا في مؤامرات مبكرة يفيد بمحاولة تزوير الانتخابات الرئاسيةquot;.

وأوضح أبو إسماعيل المدعوم بقوة من السلفيين أنه تلقى معلومات تؤكد تجهيز بطاقات مدنية لأفراد الشرطة والقوات المسلحة للمشاركة في الانتخابات كأفراد مدنيين، مشيراً إلى أنه وصلته إحدى هذه البطاقات، وحذر من أن هذا الأمر يعتبر قمة الخطورةquot;. وأضاف quot;إصدار تلك البطاقات يعني أن هناك تزويرًا مبكرًا لانتخابات الرئاسة لمصلحة مرشح يريده المجلس العسكري ووزارة الداخلية في وقت لا يسمح فيه لأفراد الداخلية والقوات المسلحة بالتصويت في الانتخابات.

شائعات لنشر الفوضى
غير أن مصدرًا عسكريًا نفى ما ادّعاه أبو إسماعيل، وقال لـquot;إيلافquot; إن هذا الكلام لا أساس له من الصحة، وأضاف أن المجلس العسكري ليست لديه مصلحة من وراء تزوير الإنتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أن من يروّج لهذا الشائعات لا يريد مصلحة مصر، بل يريد إشعال الفتنة فيها ونشر الفوضى.

وأبدى المصدر إندهاشه من ترديد التيار الإسلامي هذه التصريحات. وقال إنه من الغريب صدور تلك التصريحات من تيارات حازت الغالبية في مجلسي الشعب والشورى في إنتخابات تمت بإشراف المجلس العسكري ووزارة الداخلية، وشهد العالم كله بنزاهتها وشفافيتها.

وأوضح المصدر أن المجلس العسكري اتخذ قراراً بتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب من الشعب في 30 يونيو/ حزيران المقبل، وفقاً لخريطة الطريق التي أعلنها، بعد إجراء إنتخابات ستكون نزيهة أيضاً وسوف يشهد بنزاهتها العالم أجمع.

وحول انتشار ظاهرة شراء التوكيلات الرئاسية، قال المصدر إنه في كل الأحوال، سواء في حالة دفع أموال مقابل التوكيلات أو في حالة إصدار بطاقات هوية لأفراد الشرطة والعسكريين لتزوير الإنتخابات، كما إدعى أحد المرشحين للرئاسة، يجب أن يتقدم من لديه دليل على وجود مخالفات إلى النيابة العامة للتحقيق، مشيراً إلى أن القضاء المصري يتمتع بالنزاهة. وشدد المصدر على ضرورة تحلي جميع مرشحي الرئاسة بالهدوء والبعد عن الإثارة والتهييج حفاظاً على الهدوء والاستقرار، وعدم المقامرة بمستقبل مصر من أجل المصالح الشخصية الضيقة.