القاهرة: هيمن الاسلاميون على اللجنة التاسيسية التي اختارها البرلمان المصري السبت لوضع الدستور الجديد للبلاد من خلال تصويت انسحب منه معظم النواب الليبراليين الذين بداوا اليوم اجراءات للطعن في شرعيته كما ذكرت الصحف الرسمية.

وكان هؤلاء النواب المطالبين بمدنية الدولة رفضوا السبت المشاركة في التصويت متهمين زملائهم في حزبي العدالة والحرية، المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين، وحزب النور السلفي اللذين يهيمنان على مجلسي الشعب والشورى بالرغبة في الاستحواذ على اللجنة التي ستضع بذلك دستورا على هواهم ومن ثم لا يمثل باقي قوى المجتمع.

الا ان عملية التصويت استمرت وتم تشكل اللجنة التي اختير نصف اعضائها من نواب البرلمان الذين اختاروا ايضا اعضاء النصف الاخر من خارج البرلمان والذين يفترض ان يمثلوا المجتمع المدني. وتعقد هذه اللجنة اجتماعها الاول الاربعاء المقبل رغم تقدم الليبراليين بطعن لابطال عملية التصويت امام المحكمة الادارية.

واستنادا الى الصحف فان 37 من اعضاء البرلمان ال50 الممثلين في اللجنة من التيار الاسلامي الذي ينتمي اليه ايضا عدد كبير من شخصيات المجتمع المدني ال50 الذين يشكلون النصف الاخر للجنة.

كذلك خلت اللجنة من تمثيل حقيقي للمرأة والاقباط وائتلافات شباب الثورة حيث لا تضم سوى ستة اقباط احدهم وهو رفيق حبيب عضو في حزب الحرية والعدالة وخمس سيدات.

ومن اعضاء اللجنة من خارج البرلمان عضو في المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يتولى ادارة البلاد منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك في شباط/فبراير 2011 واحد القياديين البارزين في جماعة الاخوان المسلمين وعدد من القضاة والمحامين والناشط احمد حرارة الذي فقد عينيه في مواجهات مع الشرطة.

وكان النواب الليبراليون الذين انسحبوا السبت اعتبروا عملية التصويت quot;مهزلةquot; وقال رفعت السعيد رئيس حزب التجمع (يسار) quot;اننا نواجه محاولة لاحتكار كل شيء لكن احتكار الدستور هو اخطرها. الدستور لا ينبغي ان يكون انعكاسا لراي الاغلبية وانما انعكاسا لكل قوى المجتمعquot;.

ويخشى انصار الدولة المدنية ان تسعى الاحزاب الاسلامية الى جعل الدستور ينص صراحة على تطبيق احكام الشريعة الاسلامية كما يطالب علنا حزب النور السلفي، وذلك رغم التصريحات المطمئنة لحزب الحرية والعدالة.

وتنص بالفعل المادة الثانية من الدستور الحالي على ان مبادىء الشريعة الاسلامية هي المصدر الاساسي للتشريع الا ان الصيغة غير محددة.

وقد اوقف العمل بالدستور المصري بعد سقوط مبارك وحل محله في اذار/مارس 2011 اعلان دستوري اقر في استفتاء وابقي على بعض المبادىء الاساسية بانتظار وضع دستور جديد.

دان اتحاد الكتاب المصريين الاحد طريقة اختيار اعضاء اللجنة الدستورية المكلفة صياغة الدستور الجديد للبلاد، واتهم حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين بانتهاج quot;اسلوب الاستبداد الديكتاتوريquot; مشبها اياه بالحزب الوطني الديموقراطي المنحل.

ودان بيان اتحاد الكتاب المصريين quot;استبداد حزب الاغلبية (في اشارة الى حزب الحرية والعدالة) في البرلمان في تشكيله للجنة التاسيسية لوضع الدستور والتي حرص على ان يستاثر اعضاء البرلمان بعضوية نصفها وان يختار بنفسه النصف الثاني من خارج البرلمان بالمخالفة للمبادىء القانونية التي لا تقر الانتخاب الذاتيquot;.

واعتبر البيان ان quot;حزب الاغلبية بمسلكه هذا قد خان الامانة التي انتخب من اجلها بواسطة انتخابات ديموقراطية كان عليه أن يحافظ عليها وينتهج ما يدعم الممارسة الديموقراطية التي انتخب من خلالها لكننا وجدناه يلجأ لاسلوب الاستبداد الديكتاتوري الذي صبغ اداء الحزب الوطني الديموقراطي المنحلquot;.

واضاف البيان ان quot;هذا يشير الى البداية المشينة لكتابة الدستور والذي كان يجب ان يعتمد التوافق الوطني- وليس على استبداد اغلبية برلمانية زائلة تعالت على مطالب الجماهير- إنما ينبئ بدستور يشوبه العوار ومن ثم يفتقد لمقومات الدوامquot;.

واشار البيان الى quot;تفجر مظاهر الغضب في كل مكان منذ بداية الاعلان عن تلك اللجنة المشؤومة التي لا تمثل احدا وستتزايد في الفترة المقبلة تلك المظاهر التي تعتبر الخطوة الاولى في اسقاط ذلك الدستور الممسوخ الذي ستتمخض عنه هذه اللجنة واسقاط مجلس الشعب الذي وضعهquot;.

واكد البيان ان quot;ادباء وكتاب مصر هم ضمير الامة وعقلها المفكر ولهم دور الريادة في تعبئة الجماهير المطالبة بحقها الطبيعي في دستور يعبر عنا جميعا وليس عن اتجاه سياسي بعينه اقتنص اغلبيته وسط ظروف استثنائية قاهرة لا تعبر عن حقيقة توازن القوى السياسية في مصر الثورةquot;.

وكان اتحاد الكتاب المصريين دعا في بيانات سابقة الى ان تقوم الاتحادات والنقابات والهيئات المدنية بترشيح من يمثلونها في هذه اللجنة كي يقوم اعضاء مجلسي الشعب والشورى بانتخاب من يرونه من واقع هذه الترشيحات، وذلك عملا بالإعلان الدستوري الذي اعطى الاعضاء المنتخبين في مجلسي الشعب والشورى حق الانتخاب لكنه لم يعطهم حق الترشيح.

كما كان الاتحاد تقدم بقائمة من عشرة اعضاء تضم عددا من اهم المثقفين المصريين لتمثيل الاتحاد في اللجنة التأسيسية للدستور في وقت سابق من الاسبوع الماضي بينهم الروائيان بهاء طاهر وجمال الغيطاني الى جانب رئيس الاتحاد محمد سلماوي والكاتب السياسي سيد ياسين.