شارك المصريون المسلمون، في ألمانيا الأقباط حزنهم بوفاة البابا شنودة الثالث، حيث قام وفد من أبناء الجالية المصرية من المسلمين في ولاية بافاريا، بزيارة إلىالكنيسة القبطية في المدينة لتقديم واجب العزاء الذي أدىإلى جلسة تؤكد

مدير المركز الاسلامي مع راعي الكنيسة القبطية في ميونيخ

على وحدة المصريين وتكاتفهم.


في اختبار حقيقي لوحدة المصريين، أقباطاً ومسلمين، في ألمانيا وتحديداً في اقليم بافاريا، جاءت وفاة البابا شنودة الثالث، لتوحد بينهم وتجمعهم في مظاهرة حب عكست روح التسامح المصرية.

لهذ السبب شارك المصريون المسلمون الأقباط أحزانهم في وفاة البابا شنودة الثالث، وقام وفد من المسلمين من أبناء الجالية المصرية في ولاية بافاريا الجنوبية يتقدمه احمد خليفة، مدير المركز الإسلامي في ميونيخ، بزيارة إلى الكنيسة القبطية في المدينة، وتقديم واجب العزاء حيث استقبله راعي الكنيسة الأب ديسقورس الأنطوني، الذي رحب بالوفد وأكد على روح الأخوة والوحدة وأن البابا شنودة هو فقيد مصر كلها.

ولم يلبث أن اندمج المصريون، الأقباط والمسلمين، على هامش العزاء في مصريتهم التي توحدهم، وهو ما يؤكد مقولة البابا الشهيرة أن مصر وطن يعيش فينا ولا نعيش نحن فيه.

وتحول العزاء على الفور الى مظاهرة حب جمعت بين أبناء الوطن الواحد، حيث أكد احمد خليفة مدير المركز الإسلامي في ميونيخ، ووفد الجالية المصرية المشارك معه، على واجب قيامهم بالعزاء ومشاركة اخوة وشركاء الوطن الواحد فقيدهم الكبير.

في غضون ذلك سارع كلا الطرفين في الإشادة بالطرف الآخر،وأكدا على وطنيتهما ووحدتهما. وقد يعجب المرء وهو يراقب ذلك الحوارإذ لايعرف من المتحدثين من هو المسيحي ومن هو المسلم.

وفي مستهل اللقاء الذي تحول الي حوار، يقول الأب quot;ديسقورس الأنطونيquot; إن البابا شنودة قد زار ميونيخ العام 2008 عندما أتى للعلاج من آلام في العمود الفقري، لكن الأطباء الألمان اكتشفوا أنه يعاني من مشاكل في الكلى ونصحوه بمعالجتها أولا ،غير أنه سافر الى مستشفى كليفلاند في الولايات المتحدة حيث يوجد ملفه الطبي، من جهته قال احمد خليفة إن البابا شنودة خسارة لمصر وهو يتذكر أثناء ترؤسه للمركز الإسلامي في سنة 1991، أنه علم بزيارة البابا الى ميونيخ ولم يكن مدعواً لمقابلته، غير أنه هاتف وزارة الداخلية الألمانية وأصر على مقابلة البابا، وفي اليوم التالي اتصل به مرافق البابا ورحب بزيارته، فقد اراد أن يؤكد للجانب الألماني أن المصريين هم شعب واحد رغم اختلاف الديانة وأن البابا قيمة مصرية مهمة.

ويقول محمد ابو العنين المصري المهاجر في المانيا إن موقف البابا شنودة من معاهدة السلام، ومن منع الأقباط من زيارة القدس كان محط اعجاب العرب، مؤكداً على وطنيته، وأن التزامه طوال كل تلك السنوات بخطه السياسي يؤكد على وطنيته الخالصة واقتناعه الكبير بما يتخذه من قرارات.

ويقول الدكتور خالد واصف عن ذكرياته في مصر إنه أثناء فترة دراسته في كلية الطب، حدث أمر أثر بشكل كبير على دراسته حتى أنه كاد أن يمتنع عن الدراسة، الا أن صديقاً واحداً أصر على الوقوف إلى جانبه ودفعه مرة أخرى الى مقاعد الدراسة ولم يكن هذا الصديق الا أشرف حنا، المسيحي الذي أدين له بالفضل في مساعدتي ورغم أنه يقيم الآن في انكلترا وانا هنا في المانيا، الا أن علاقتنا لم تنقطع يوماً واحداً.

ويقول احمد خليفة، مدير المركز الاسلامي، quot;إن أقرب الأصدقاء الى قلبه في صباه كان زميله في المدرسة الابتدائية quot;صابر صبحي خليلquot;، ولم تعرف أمي أنه مسيحي الا بعد سنوات وكنا ندخل هنا ونخرج من هناك معاً ولم يكن أحد يستطيع التفريق بيننا على الإطلاقquot;.

من جهة أخرى، قال البابا ديسقورس الانطوني إن أمنيته الكبيرة هي أن تعود مصر الى ذلك العهد من التعايش السلمي الكريم، بين ابناء الوطن الواحد، وقال إن البابا شنودة كان يرفض بشدة اللعب على وتر تقسيم الدولة دينياً أي دولة مسلمة وأخرى مسيحية، وكان دائماً يقول إن عظمة وتفرد مصر هي أنها تجمع العنصريين المسلم والقبطي في بوتقة واحدة ولا يمكن التمييز بينهما وهما متداخلان معاً بشكل عجيب.

ويقول الدكتور عز متولي إن تصاعد التوتر في مصر في الفترة الأخيرة وتكرار ما يطلق عليه الفتنة الطائفية بين وقت وآخر، انما يرجع الى أن الناس انفصلوا عن العمل العام وتقوقعوا في ظل نظام الحكم القمعي السابق، وأصبح الخوف يمنعهم من المشاركات الفعالة في الأعمال الإجتماعية ولم يعد لهم متنفس واحد ووحيد الا إعلاء النعرات الطائفية، وهي رد فعل تلقائي على التدهور الحاصل في الحياة الإجتماعية والإقتصادية.

من جهته، قال الأب ديسقورس إن الشيء الوحيد الذي يثير غضب المصريين هو اللعب بمعتقداتهم الدينية ويقول في هذا الشأن: quot;تاريخياً، اهتم القدماء منالمصريين بشيئين هما المعبد والمقبرة، فمثلاً الملك خوفو باني الهرم الأكبرـ لا يُعرف أين كان يعيش لكن مقبرته والمعبد الذي كان يتعبد فيه هما أثريان خالدان حتى الآن، وهو أمر ما زال في عقيدة المصريين سواء أكانوا اقباطاً أم مسلمين فهم يهتمون بدور العبادة وبالمقابر، لذلك اذا اردت أن تزعجهم احرق كنيسة او مسجداً، إنهم اكبر شعوب الأرض تديناً وإذا تخطينا هذه العقبة يمكن أن نتجه الى اصلاح البلاد وتخليصها من الفقر والفقراء.

ويقول سعيد رمضان، نائب رئيس الجالية المصرية في ميونيخ: quot;بعيد عن السياسة نجد الأقباط والمسلمين يعيشون يومهم وحياتهم في تعاون كاملquot;، ويقول إن صفحات الفيسبوك ممتلئة بصورة تلك السيدة المسلمة التي ظلت واقفة 6 ساعات في شرفة منزلها تملأ وتوزع زجاجات المياه على المشاركين في جنازة البابا، وهذه بصراحة هي الروح المصرية التي نعرفها.