لا تنظر المعارضة السورية في الخارج بعين الثقة إلى النظام السوري في الالتزام بمقتضيات مبادرة كوفي أنان، وأكد سياسيون سوريون تحدّثوا مع (إيلاف) أن النظام لا يمكن له أن يطبق جميع ما جاءت به هذه الخطة لأن ذلك يعني نهايته.

من بين بنود مبادرة كوفي أنان ضمان حرية التعبير والتظاهر، وهو ما يعني حسب معارضين سوريين نهاية الاسد بعد خروج تظاهرات مليونية ضدّ النظام

باريس: يرى مسؤول تجمع 15 آذار من أجل الديمقراطية في سوريا رؤوف درويش أنّ المشكلة في سوريا quot;ليست في خطة كوفي أنان إنما في تطبيقها، لأن النظام السوري ليس المرة الأولى التي يقبل فيها بمبادرات ولا يطبق شيئًا على الأرضquot;. ويضرب درويش مثلاً على ذلك، وهي مبادرة الجامعة العربية التي استغلها نظام الاسد لكسب الوقت quot;والقيام بالمزيد من القتل والتنكيلquot;، على حدّ تعبيره.

الإيجابي في خطة أنان بالنسبة لرؤوف درويش quot;مطالبة نظام بشار الأسد تطبيقالخطةفورًا، وأن المجتمع الدولي حدد له مهلة زمنية للقيام بذلك، وعدم احترامه لها بسحب قواته من المدن وسحب quot;شبيحتهquot; أيضا، وإطلاق السجناء السياسيين سيفرز وضعًا آخرquot;.

يعتقد مسؤول تجمع 15 آذار من أجل الديمقراطية في سوريا، في إفاداته لـ(إيلاف) أن هذه المبادرة quot;رسالة قوية للأسد بأن هذه المرة لا يمكنه المراوغة وكسب الوقت. أما إذا كان الأمر غير ذلك، فستكون الأمم المتحدة وأصدقاء سوريا قد أعطوا الأسد فرصة أخرى للقيام بأعمال القتل والتنكيل بالمواطنينquot;.

وفي هذه الحالة، يلح درويش على أن quot;يدعم المجتمع الدولي وخصوصًا أصدقاء سوريا المعارضة في سوريا بكل الوسائل سواء أكانت مادية أو عسكريةquot;، مؤكدًا أن quot;هذا النظام لا يفهم إلا لغة القوة، فهو يراوغ لكسب الوقت علّه يجد مخرجًا لنفسه من هذه الورطةquot;.

و يرى محدثنا أن الوصول إلى هذه المبادرة هو انتصار للانتفاضة السورية، لأن الخطة quot;تتضمن من بين بنودها بندًا خاصًا بالتظاهرات، والبند الخاص بإطلاق حرية التعبير، وهو ما سيؤدي إلى خروج السوريين إلى الشارع بعشرات الملايينquot;.

وإذا طبق النظام السوري هذه المبادرة بحذافيرها، يتنبأ درويش quot;بنهاية النظام وسقوطه بعد انتفاضات شعبية سلميةquot;.

ويوضّح درويش أن النظام quot;سوف لا تكون له الإرادة لتطبيق هذه المبادرة، فتركيبته قائمة على العائلة والرشوة والفساد والمحسوبية وغير ذلك، ولا يمكن له أن يقوم بإصلاح فعلي لأن ذلك يعني نهايتهquot;.

ويشير درويش إلى أن quot;من يشرف على عمليات القتل اليوم في سوريا هو أخ الرئيس بشار الأسد، قائد فرقة المدرعات الرابعة وغيره من الضباط المحسوبين عليه، بالإضافة إلى المنتفعينquot;.

منذر ماخوس: لا أحد يراهن على المبادرة

في تقدير منذر ماخوس، المسؤول عن العلاقات الخارجية في أوروبا الغربية في المجلس الوطني السوري، quot;لا أحد اليوم يراهن على أن مبادرة أنان سوف تكلل بالنجاح لسبب بسيط وهو أنها لا تختلف عن سابقتها المبادرة العربية وما هي إلا quot;مبادرة عربية دوليةquot;.quot;

يقول ماخوس لـ إيلاف إن quot;النظام لا يمكن له أن يطبق المبادرة، فيما الجيش الحر سينفذها، فليس من مصلحة الأخير ألا يطبقها فهو يعتبرها فرصة تاريخية لإحراج النظام لا يجب تفويتهاquot;.

يرى ضيفنا أن quot;النظام محرج، فهو لا يستطيع تنفيذ مقتضيات المبادرة وقرار مجلس الامن على وجه التحديد الذي كان واضحًا، كما لا يستطيع أيضًا رفضهاquot;،متكهنًا quot;بعودته إلى أساليبه القديمة بتنصله من التزاماته العربية والدوليةquot;، معتمدًا في ذلك منطق quot;التضليل والكذب والتمويهquot;.

يجزم ماخوس أن دمشق quot;لا يمكن لها أن تطبق المبادرة على الاطلاق كما وردت على الاقل، وستكون بالحصيلة كسب وقت إضافي للنظام للمزيد من القتل في المدن والتعرض للسكان وستصدر منه محاولات للالتفاف على المبادرةquot;.

ويذكر ماخوس quot;كيف احتال النظام السوري على المراقبين العرب، لكن هذه المرة الاحتيال أصعب بالتأكيد، لأنه اعتمد أثناء المبادرة العربية على تواطؤ بعض الدول العربية المؤيدة له كالعراق والسودان ولبنان والجزائرquot;.

ويوضح فيالسياق نفسهأن النظام quot;استفاد من وجود مراقبين تم اختيارهم بعناية منقبل أنظمتهم ولم يكونوا مراقبين جاؤوا من منظمات المجتمع المدني ولا من منظمات حقوق الانسان، وبذلك فهذه الأنظمة اختارت مراقبين بما ينسجم مع سياساتها التي لا تختلف عن سياسة النظام السوريquot;.

يرى محدثنا أن الوضع اليوم ليس بهذه السهولة. فالمراقبون الدوليون سيكونون حياديين الى حد كبير، ولا يستطيع النظام أن يتلاعب بهم، لكن فرص الاحتيال عند النظام كثيرة جدًاquot;.

يخلص ماخوس إلى القول إن النظام السوري quot;سيلقي بالكرة في ملعب آخر، وربما يفتعل إطلاق النار وينسبه الى الجيش الحر أو الى مجموعات مسلحة يقوم بفبركتها، يوهم النظام الدولي أن الطرف الاخر هو الذي يخرق اتفاق اطلاق النار. لقد عودنا على مثل هذه الأساليب الشيطانيةquot;.

وبخصوص موقف المجلس الوطني السوري إزاء هذه المبادرة، يقول ماخوس: quot;ليست أمام المجلس الوطني خيارات كثيرة وحتى إمكانيات ليفعل في المسألة. وهو لا يراهن على أن هذه المبادرة ستنجح. لكن من الناحية السياسية كان موقف المجلس الوطني من جهة والجيش الحر من جهة ثانية إيجابيًا وبنّاءً وسياسيًا بكل ما للكلمة من معنىquot;.

يحلل ماخوسمرامي المبادرة بكونها quot;تهدف إلى شيء واحد، وهو ملء الفراغ الداخلي من دون أن تسفر في الحصيلة عن أي شيء حقيقي طالما أن الامور على الارض لا تذهب نحو تغيير موازين القوى وهي إلى اليوم لصالح النظامquot;.

إضافة الى الانسداد في الموقف الدولي سواء تجاه الجيش الحر أو المدنيين، متحدثًا عن فترة انتظار سيعيشها الوضع السوري لتزامن هذه الفترة مع الانتخابات في فرنسا، وفي اكتوبر القادم في الولايات المتحدة، هو ما يرشح الأمور إلى الذهاب نحو حرب شعبية مسلحة طويلة الأمد أو حرب عصابات، زيادة إلى عدم نضوج موقف دولي حاسم على الأقل من هنا حتى الخريف أو الشتاء القادمquot;.

طلال التركاوي: فرصة أخرى للنظام لكسب الوقت

يرى طلال التركاوي المنسحب من الهيئة الوطنية لدعم الثورة السورية التي كان يرأسها، في تصريح لـ إيلاف أن quot;مبادرة أنان لم تكن أفضل من المبادرة العربية، وما هي إلا فرصة جديدة قدمت للنظام للاستمرار في انتهاكاته غير الإنسانية بحق الشعب السوريquot;.

يضيف التركاوي الذي يحضر برفقة شخصيات سورية أخرى لتأسيس quot;اتحاد مجالس المحافظات السوريةquot; في اسطنبول: quot;تابعنا جميعًا موافقة النظام على المبادرة مباشرة، لكن الآن بدأ مجددًا بالمراوغة والتلاعب بالألفاظ من أجل كسب الوقتquot;.

ويمضي قائلاً: quot;إذا كان هناك دعم حقيقي لهذه المبادرة من الدول صاحبة القرار، فيجب ترجمة هذا الدعم على أرض الواقع لكي تستعيد هذه الدول شيئًا من الثقة والاحترام الذي فقدته لدى شعوب المنطقة، وهذا للأسف أمر مستبعدquot;.