اجتماع اللجنة التأسيسية

أتى حكم القضاء الإداري إلغاء تشكيل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور في مصر ليقلب واقع الأمور كليا، وشكل ضربة قوية للاخوان المسلمين الذين كانوا يخططون للسيطرة على الحكم هناك في حين شكل الحكم انتصارا للمجتمع المدني وأملا بتشكيل لجنة تضم جميع اركان الوطن.


القاهرة: قلب حكم القضاء الإداري بإلغاء قرار تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور موازين الأمور رأساً على عقب، وشكل ضربة قاصمة وصفعة جديدة لتيار الإسلام السياسي، ولاسيما جماعة الإخوان المسلمين التي كانت تسعى إلى السيطرة على مجريات الأمور والإمساك بزمام جميع السلطات في مصر بيدها، وقوبل الحكم بفرحة عارمة من جانب القوى السياسية والمجتمع المدني، الذين اعتبروه انتصارا يمهد لتشكيل لجنة تأسيسية جديدة بتوافق وطني.

ضربة لمصداقية الإسلام السياسي

ووفقاً للدكتور ثروت بدوي الفقيه الدستوري، فإن الحكم جاء لإبطال قرار إداري من البرلمان وليس تشريعاً، وقال لـquot;إيلافquot; إن تشكيل اللجنة بمعدل 50% من أعضاء البرلمان و50% من خارجه ليس قانونا، ولا يدخل ضمن أعمال التشريع، لذلك لم يكن صدور حكم بإلغاء قرار تشكيل اللجنة مفاجأة، ولفت إلى أن الحكم يفتح الباب أمام تشكيل لجنة تأسيسية جديدة، تعبر عن إرادة المصريين، ودعا بدوي القوى السياسية المختلفة الى التوحد وتشكيل لجنة من الخبراء وممثلين عن طوائف المجتمع وأطيافه لصياغة الدستور بما يليق بمصر الثورة. واعتبر بدوي أن الحكم بمثابة ضربة جديدة لمصداقية تيار الإسلام السياسي في مصر، داعياً إياه إلى تدبر الأحداث الماضية، وإعادة تصويب أخطائه من أجل مصر.

مأزق حقيقي

وحسب وجهة نظر النائب جمال أسعد، فإن حكم القضاء الإداري بإلغاء اللجنة التأسيسية له ثلاث دلالات، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن الدلالة الأولى تتمثل في أن تشكيل اللجنة لم يكن ضمن أعمال البرلمان الذي ينحصر دوره في أعمال التشريع والرقابة على أداء السلطة التنفيذية، مشيراً إلى أن الدلالة الثانية هي: إثبات أن الرأي العام المصري بكامله ما زال ناضجاً وواعياً، ويسعى إلى التوافق الوطني الذي أسقط مبارك. أما الدلالة الثالثة فتتمثل في أن تيار الإسلام السياسي صار في مأزق حقيقي، ويجب عليه إعادة النظر في طريقة تعامله بالأغلبية التي حصل عليها في البرلمان، لاسيما أن الحكم أثبت أنه كان يبحث عن مصالحه الحزبية الضيقة، وليس مصلحة البلاد ككل، ولفت إلى أن الحكم وضع حداً قانونياً للمأزق الشديد الذي كان الأغلبية الإسلامية وضعت البلاد فيه، لاسيما بعد انسحاب غالبية القوى السياسية من اللجنة، إضافة إلى انسحاب الأزهر والكنيسة والمحكمة الدستورية.

وحول وجهة نظره عن كيفية تشكيل اللجنة الجديدة، قال أسعد إنه يفضل التمثيل الكيفي، وليس الكمي في اللجنة، موضحاً أنه يجب أن يتم تشكيل اللجنة وفقاً للكفاءات وأن تضم فقهاء دستوريين، وشدد على أن الأهم هي لجان الإستماع التي يجب أن تشكل لمساعدة اللجنة التأسيسية في عملها، بحيث تنقل وجهات نظر مختلف القوى السياسية وطوائف المجتمع إلى الفقهاء الدستوريين الذين يتولون مهمة تحويل تلك الأفكار إلى مبادئ دستورية.

تداعيات خطيرة

وقال يوسف عبد الخالق، رئيس مؤسسة عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان التي شاركت في الدعوى، إن هذا الحكم سيعيد للشعب المصري جانبا من قدرته وإرادته في الحفاظ على ثورة 25 كانون الثاني (يناير) من استيلاء التيار الديني من الاخوان والسلفيين عليها، واقصاء باقي التيارات المدنية والسياسية التي شاركت فى الثورة. واعتبر عبد الخالق أن الحكم يعيد من جديد ترتيب أوراق الحياة السياسية والتشريعية من جديد، ويضع حقوق جميع أفراد الشعب في كفة واحدة، ولكي تكون بيد جميع أطياف الشعب بتنوعه الفكري والسياسي والثقافي والديني، وليس في يد فئة واحدة منه، ولفت إلى أن الحكم يؤكد رفض القضاء تهميش وإقصاء التيارات والقوى المدنية والسياسية، خاصة وأن قلبها هم شباب الثورة والمجتمع المدني والنقابات. وشدد على أن هذا القرار سيكون له تداعيات كبيرة على وضع الانتخابات الرئاسية خلال هذه الأيام والمتنافسين بها ومستقبل الحياة السياسية وطبيعة وشكل الدستور القادم والقوانين التي تصدر من البرلمان بغرفتيه، مكملة للدستور الجديد بما يعيد ترتيب الأوضاع في مصر والتي ارتبكت خلال المرحلة الانتقالية.

مقترح للتشكيل

وقال الدكتور نجيب جبرائيل محامي الكنيسة إن الكنيسة كانت ترفض اللجنة التأسيسية بتشكيلها الحالي، وأضاف لـquot;إيلافquot; أنه كان هناك ضرورة ملحة لإلغائها، مشيراً إلى أنه تقدم بمقترح جديد بشأنها بعد أن ثبت عدم شرعيتها، بسبب خروجها على التوافق والإجماع الشعبي، وأوضح جبرائيل أن المقترح يتضمن تعيين 28 عضواً، كالتالي: عشرة أعضاء من أساتذة القانون الدستوري من أقدم خمس جامعات مصرية، يقوم باختيارهم مجلس الجامعة بعد ترشيح مجالس كليات الحقوق، وتعيين خمسة أعضاء من رجال القضاء يختارهم المجلس الأعلى للقضاء، وتعيين خمسة أعضاء من الأزهر، وتعيين أربعة أعضاء من الطوائف الكنسية الثلاث اثنين من الكنيسة القبطية وواحد من الانجيلية، وواحد من الكاثوليكية. إضافة إلى اثنين من أساتذة القانون الدولي العام من جامعتين بحسب الأقدمية للخمس جامعات سالفة الذكر، لارتباط أبواب كثيرة من الدستور بالعلاقات الدولية. وواحد من اتحاد العمال وواحد من نقابة الفلاحين، فضلاً عن تعيين اثنين من أقدم رئيسين بمنظمات حقوق الانسان غير الحكومية.

وأشار إلى أن المقترح يتضمن انتخاب 72 عضواً، موضحاً أن الأعضاء يتم اختيارهم من بين 300 مرشح من مختلف الهيئات، ويكون 100 عضو يرشحهم البرلمان بمجلسيه من خارجه، إضافة إلى 100 عضو يرشحهم المجلس العسكري. 100 عضو يتم ترشيحهم من قبل مجلس الوزراء. ويتم انتخاب 72 عضوا من جموع 300 بطريق الإقتراع السري المباشر. على أن يكون الناخبون عبارة عن عشرة من أعضاء الهيئة العليا لكل حزب من الأحزاب السياسية المعتمدة رسميا في مصر.

الإخوان ملتزمون بالحكم

ومن جانبه، قال الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وصاحب الأغلبية في البرلمان واللجنة التأسيسية إن حزبه يحترم أحكام القضاء، وأضاف في بيان له: لسنا خصماً في قضية اللجنة التأسيسيةquot;، مشيراً إلى أن الحزب ملتزم بوقف تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد. ونفى مرسي في تصريح صحافي قيام الحزب بالطعن في هذا الحكم، موضحا أن الحزب ليس طرفا في هذه الخصوصة، مؤكدا في الوقت نفسه حرص الحزب على التعاون مع كل القوى والأحزاب السياسية في صناعة دستور يعبر عن كل فئات وأطياف وهيئات الشعب المصري.