تكشف تقارير جديدة عن تفاصيل مثيرة يلعبها عملاء الاف بي آي من أجل الإيقاع في عناصر التنظيمات الإرهابية، لكن محاولة أحد المخبرين الايقاع برجل من خلال حثه على شراء بندقية وتوريطه في قضية معقدة اغضب المسلمين وناشطي حقوق الإنسان الذين وصفوه بالمحرض العميل.


العقيلي ينفي التهم الموجهة له

قبيل أيام من اعتقاله في بيتسبرغ بالولايات المتحدة الشهر الماضي، ترك خليفة علي العقيلي رسالة لافتة على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك مفادها: حاول رجل غامض يتحدث كثيراً عن الجهاد أن يقنعني بشراء بندقية، ثم قدمني لرجل آخر في وقت لاحق. وتولد لدي شعور بأني ألعب دوراً في فيلم من أفلام هوليوود، حيث تم تقديمي للتو إلى قائد إحدى الخلايا (الإرهابية) النائمةquot;.

وحين بحث العقيلي عن رقم هاتف منحه له الرجل الآخر، اتضح أنه شخص يدعى شهيد حسين، الذي يعتبر واحداً من أبرز مخبري مكتب التحقيقات الفيدرالي إف بي آي وأكثرهم إثارةً للجدل في القضايا ذات الصلة بالإرهاب. وبعدها، اُعتُقِل عقيلي بتهمة حيازة بندقية، وليس بتهمة ذات صلة بالإرهاب، وهي التهمة التي نفاها عن نفسه.

وكانت تلك المرة من المرات النادرة التي أخفق فيها حسين، الذي يبلغ من العمر 55 عاماً، ويقوم بدور عضو ثري في جماعة إرهابية باكستانية أثناء مشاركاته بالعديد من العمليات التي يقوم بها الإف بي آي على مدار ما يقرب من عشرة أعوام.

وأشارت في هذا الصدد اليوم صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية إلى أن ذلك الدور الذي يقوم به حسين تسبب في إثارة غضب المسلمين وناشطي حقوق الإنسان، الذين وصفوه بأنه quot;محرض عميلquot;، وتسبب في الإدلاء بتعليقات لاذعة من جانب القاضية التي كانت تترأس جلسة النظر في إحدى القضايا عام 2010، الذي تساءل بدوره عن أمانته وعن عدوانية الأساليب التكتيكية التي يستعين بها الإف بي آي.

وقالت القاضية بالمحكمة الجزئية الأميركية، كولين مكماهون، أثناء الحكم على أربعة رجال من نيوبورغ في نيويورك بعد إدانتهم بتهم ذات صلة بالإرهاب: quot;أعتقد دون أدنى شك أنه لم تكن هناك أي جريمة هنا سوى تلك التي حرضت عليها، وخططت لها، وأتمتها الحكومة. ومع هذا، فإن ذلك لا يعني أنه لم تكن هناك أي جرائمquot;.

وقد رفض حسين التعليق من جانبه على طبيعة عمله لدى الإف بي آي، واكتفى بالقول عبر محادثة هاتفية موجزة مع الصحيفة: quot;لا يمكنني قول أي شيء لأسباب أمنيةquot;. كما رفض الإف بي آي مناقشة تعليقات حسين أو القاضية مكماهون.

غير أن قضية العقيلي وكذلك السجلات القضائية الموسعة التي تخص قضية العام 2010 قد أتاحت رؤية نادرة بشأن التكتيك الذي يستخدمه مكتب التحقيقات الفيدرالي على نحو متزايد منذ هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، والذي يُرَاقَب فيه الأشخاص المشتبه بهم من بداية المؤامرات تقريباً ويتم تزويدهم بوسائل تساعدهم على التنفيذ. وكان من بين الأهداف في تلك العمليات نظام مترو أنفاق واشنطن ومبنى وزارة الدفاع ومبنى المقر الرئيسي لحكومة الولايات المتحدة.

وكشف مركز الأمن القومي التابع لكلية فوردهام للقانون في نيويورك عن وجود 138 قضية ذات صلة بالإرهاب أو الأمن القومي مشارك بها مخبرين منذ العام 2001، ومن بين هذه القضايا، كانت هناك 51 قضية على مدار السنوات الثلاث الماضية.

وأكد مسؤولو جهات إنفاذ القانون إن تلك العمليات التي توصف بـ quot;اللدغاتquot; تعتبر تكتيكاً حيوياً في جهود درء خطر الإرهاب. لكن مايكل غيرمان، مستشار السياسة البارز لدى اتحاد الحريات المدنية الأميركي وأحد عملاء الإف بي آي السابقين، قال: quot;يبدو أن الحكومة تخلق حدثاً مسرحياً يبث قدراً أكبر من الخوف في المجتمعquot;.

لكن مركز فوردهام للأمن القومي أوضح كل محاولات الدفاع، التي تمت في تلك اللدغات الإرهابية، والتي تحدثت عن مزاعم بشأن وجود فخ من جانب الحكومة قد باءت بالفشل.

وأضاف المسؤولون أن ضحايا تلك اللدغات هم هؤلاء الأشخاص الذين أثاروا من حولهم الشبهات أولاً ndash; إما عن طريق الاتصال بالإرهابيين بالخارج، أو بمحاولة تأمين حصولهم على أسلحة، أو بتحدثهم عن وجود رغبة لديهم في ارتكاب أعمال عنيفة.

وقال في المحكمة أحد ممثلي الإدعاء في قضية عام 2010، وهو مساعد وزير العدل الأميركي جايسون هالبرين، إن مخبرين سريين من أمثال حسين يعتبروا quot;وسيلة هامةquot; بالنسبة للإف بي آي. وتابع هالبرين بقوله: quot;حسين مواطن باكستاني. ويتحدث الأردية والباشتو. وهو مواطن مسلم، وبمقدوره قراءة اللغة العربية. وكل هذه الأشياء تجعل من حسين شخصية قيِّمَة للغاية بالنسبة للإف بي آيquot;.

ووفقاً لشهادة تم الإدلاء بها في المحكمة، فقد قام الإف بي آي أيضاً بإرسال حسين إلى لندن وباكستان، حيث نجح في اختراق معسكر لتدريب الإرهابيين. وفي صيف 2003، بدأ يرتدي حسين قناع الشخصية اللطيفة، وبدأ يزود أحد الإرهابيين بأموال بناءً على توجيهات من الإف بي آي. وكان الهدف في تلك العملية هو ذلك المواطن الكردي العراقي، ياسين عارف، الذي كان يعد زعيماً روحياً لأحد المساجد في ألبانيا. وأدين عارف بالمشاركة في مؤامرة لغسل أموال من وراء عملية بيع صواريخ تطلق من فوق الكتف. وقال محاموه آنذاك إن موكلهم رأى ببساطة ما كان يعتقد أنه كان قرضاً بين حسين وبين صاحب محل بيتزا متعثر، أدين هو الآخر في القضية. وقد تم الحكم على عارف وعلى صاحب محل البيتزا بالسجن لمدة 15 عاماً.

وبخصوص العملية التي قام بها حسين للإف بي آي في مسجد الإخلاص بمدينة نيوبورغ، قال صلاح الدين محمد، إمام المسجد، في مقابلة أجريت معه، إن بعض الناس كانوا يشتبهون في أن حسين يعمل مخبراً لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي. وأضاف صلاح الدين أنه كان مهتماً للغاية بالتواصل مع الناس والحديث معهم عن الجهاد.