القاهرة: يحدو المسؤولون الإيرانيون الآن الآمال بأن يخفف النجاح في المحادثات النووية من حدة العقوبات المفروضة ضد بلادهم على خلفية البرنامج النووي، بينما يسعى الرئيس الأميركي باراك أوباما لأن يظهر أن سياسته المتعلقة بالدبلوماسية والعقوبات الأكثر شدة سوف تتمخض عن نتائج جيدة في مواجهته مع الجمهورية الإسلامية.

وذكرت في هذا الصدد تقارير صحافية أن إيران سعت يوم أمس لإطالة التداعيات الجيدة الخاصة بالاجتماع الأوَّلِي الذي عقد قبل بضعة أيام مع القوى العالمية بخصوص برنامجها النووي، مع إعلان وزير الخارجية الإيراني أن النزاعات بين الجانبين من الممكن أن تحل بسرعة وسهولة في جولة ثانية من المحادثات الشهر المقبل. وهو ما قد يثبت أنه تبسيط لما مازال يتوقع مسؤولون أميركيون وخبراء إيرانيون بأنها ستكون مفاوضات شاقة قبل أن يتم التوصل لحل دبلوماسي بخصوص طموحات إيران النووية.

وأشارت في هذا السياق صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية إلى أن أجواء التفاؤل هذه خرجت من الاجتماع الذي أقيم يوم السبت الماضي في اسطنبول بين إيران والمجموعة التي يطلق عليها 5 + 1 والتي تتكون من أميركا وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى ألمانيا، وهي الأجواء التي بدت ملائمة مع كل الأطراف في تلك المحادثات. غير أن هذه الأجواء ربما كانت ذات وقع خاص بالنسبة للرئيس أوباما، الذي يحرص على بلوغ انتخابات الرئاسة المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل دون مواجهة إيران عسكرياً.

وأضافت الصحيفة أن هدف أوباما خلال الأشهر المقبلة سيتمثل في إظهار أن سياسة إدارته الدبلوماسية التي تسير بمسارين ويرافقها عقوبات مشددة بدأت تسفر عن نتائج. فيما نوه بعض المحللين إلى أن أوباما سيسعى لتحقيق هدف ثاني، وهو أن يظهر للشعب الذي سئم من الحروب أن التصريحات التي أطلقها منافسوه الجمهوريون بشأن الحرب على إيران ما هي إلا تصريحات متهورة ورافضة لحلول دبلوماسية أفضل.

وأشار المحللون في السياق ذاته كذلك إلى أن المسؤولين من مجموعة 5 + 1 سيواصلون التزام الحذر بشأن الاحتمالات الخاصة بجولة المحادثات المقبلة المقررة في بغداد يوم الثالث والعشرين من شهر أيار (مايو) المقبل، وذلك في محاولة لإبقاء الضغوط على إيران وكذلك لإقناع المشككين - وإسرائيل من أولهم - بأن القوى العالمية لا ترضخ وتتقبل مسألة امتلاك إيران لمجموعة من الأسلحة النووية.

وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى في تصريحات أدلى بها باسطنبول أمام الصحافيين: quot;ليس هناك من سبب وراء الاعتقاد بأننا سنحقق كل التقدم الذي نبغاه. وهناك حاجة ملحة لتحقيق تقدم ملموس مع بدء تضاؤل احتمالات التوصل لحل دبلوماسيquot;.

من جهتهم، تكهن بعض المحللين المتخصصين في الشأن الإيراني بأن يشهد التفاؤل الحذر الذي أعقب محادثات اسطنبول حالة من الانهيار حين يتطرق الجانبان في نقاشاتهما إلى أمور معينة خلال الجولة المقبلة من المحادثات في بغداد.

بينما ذهب محللون آخرون للقول إن تنبؤ وزير الخارجية الإيراني بإمكانية التوصل لحل quot;سريع وسهلquot; - أو على الأقل لاتفاق مبدئي يبعد الأزمة الإيرانية عن صدارة الأحداث لعدة أشهر - قد لا يكون بعيداً عن إمكانية تحقيقه على أرض الواقع.

ومضت الصحيفة الأميركية تنقل هنا عن باتريك كلاوسون، مدير مبادرة إيران الأمنية لدى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، قوله: quot;أعتقد أنه من الممكن تماماً التوصل لنوع من أنواع التدابير المؤقتة، إن لم يكن لاتفاق شامل، في بغداد، يسمح في الأساس للولايات المتحدة بأن تقول ( نقوم حالياً بوقف عقارب الساعة)quot;.

وتابع كلاوسون بالقول إن إيران قد توافق على تعليق تخصيب اليورانيوم لنسبة نقاء قدرها 20 %، بينما قد يوافق الغرب على وقف تنفيذ معظم العقوبات الاقتصادية الصارمة المقرر لها أن تصبح نافذة المفعول الصيف المقبل.

وأعقبت الصحيفة بلفتها إلى أن جزءً ثانياً من أي اتفاق مبدئي قد ينطوي على موافقة إيران على مبادلة مخزونها المتزايد من اليورانيوم الذي يقدر بـ 20 % مقابل الحصول على إمدادات مضمونة من قضبان الوقود التي تحتاجها لتشغيل المفاعل الذي يطور النظائر الطبية. وختم كلاوسون حديثه بقوله إنه لا يعتقد أن هناك من أحد يضبط المحادثات مع الجانب الإيراني بما يتماشى مع الجدول الزمني الانتخابي للولايات المتحدة.