في ما قد ينظر إليه باعتباره تنازلاً كبيراً، قال مسؤولون من إدارة الرئيس باراك أوباما إنهم قد يدعمون السماح لإيران بالاحتفاظ بعنصر مهم من عناصر برنامجها النووي المتنازع عليه، إذا التزمت ببقية الخطوات الأساسية للحدّ من قدرتها على تطوير قنبلة نووية.


قد تسمح أميركا لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم حتى 5 % من النقاء

أشرف أبوجلالة من القاهرة: أكد المسؤولون الأميركيون أنهم قد يسمحون لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم حتى 5 % من النقاء، وهي النسبة التي تعتبر الحد الأقصى للنطاق الخاص بمعظم الاستخدامات المدنية، وذلك إن وافقت حكومتها على عمليات التفتيش غير الخاضعة لأي قيود، وكذلك الرقابة الصارمة والعديد من الضمانات، التي لطالما نادت بها الأمم المتحدة.

غير أن صحيفة quot;لوس أنجلوس تايمزquot; الأميركية أشارت اليوم في هذا السياق إلى أن صفقة كهذه ستواجه عقبات كبيرة، خاصة وأن إيران لم تظهر أي رغبة تذكر في الإيفاء بالمطالب الدولية. كما إن التحول الذي طرأ على الموقف الأميركي، الذي كان يطالب بضرورة وقف إيران لكل أنشطة التخصيب الخاصة بها، من المحتمل أن يثير اعتراضات قوية من جانب القادة الإسرائيليين والمرشح الجمهوري المحتمل للانتخابات الرئاسية، ميت رومني، إضافة إلى العديد من الأعضاء داخل الكونغرس الأميركي.

مع هذا، بدأ يظهر تدريجياً توافق في الآراء بين المسؤولين الأميركيين وغيرهم من المسؤولين بشأن أن إيران لن توافق ربما على وقف تخصيبها لليورانيوم بصورة تامة.

ووفقاً لما ذكرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران قد قامت بإنتاج 210أرطال من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 % لأغراض سلمية، بحسب مسؤوليها، لكنها قامت بتنقية حوالى 6 أطنان عند مستوى 5 % أو أقل.

وواصلت الصحيفة حديثها بالقول إن مسألة السماح حتى بتخفيض التخصيب تعدّ عملية غاية في الحساسية بالنسبة إلى الحكومة الأميركية وحلفائها نظراً إلى الخطر المتعلق بأن العلماء الإيرانيين قد يكون لا يزال بمقدورهم كسب المعرفة والخبرات التي تتيح لهم تطوير قنبلة يوماً ما.

بيد أن مسؤولي الإدارة الأميركية يأملون في أن يصلوا إلى موقف تفاوضي جديد، مدعوم بفرض عقوبات اقتصادية، قد يساعد على إنهاء الأزمة.ومضت الصحيفة تشير إلى أن الولايات المتحدة والقوى العالمية الخمس الأخرى بدأوا محادثاتهم مع إيران في الرابع عشر من نيسان/ أبريل الجاري في إسطنبول، في تركيا، في مسعى إلى التوصل إلى اتفاق وسط تهديدات من إسرائيل بمهاجمة منشآت إيران النووية، ما لم تفكك برنامجها قريباً.

وقد شعرت أميركا وحلفاؤها بحالة من الارتياح بعد موافقة إيران في إسطنبول على مواصلة الحوار، خاصة وأنها رفضت قبل 15 شهراً حتى مناقشة برنامج البلاد النووي. ومن المقرر أن تستأنف المحادثات في الثالث والعشرين من الشهر المقبل في بغداد.

ونفت الإدارة الأميركية، في العلن على أقل تقدير، ما تردد عن أنها ستفكر في الموافقة على جهود ستحاول من خلالها إيران تخصيب اليورانيوم. لكن بعض المسؤولين ألمحوا أخيرًا إلى أنهم قد يكونون على استعداد لإعادة تقويم ذلك الموقف.

وأوردت الصحيفة في السياق عينه عن مسؤول بارز في الإدارة الأميركية قوله إنه quot;في حال تنفيذ إيران لمطالب الولايات المتحدة وغيرها من القوى العالمية الخاصة بالتطبيق الصارم للإشراف الأممي والضمانات، فقد تبدأ مناقشات بشأن السماح بإجراء تخصيب داخلي منخفض المستوى وربما نتمكن من الوصول إلى تلك المرحلةquot;.

لكن هذا المسؤول، الذي رفض الإفصاح عن هويته نظراً إلى حساسية الموضوع، أكد أن مثل هذه النقاشات لا تزال مجرد احتمالية صغيرة، لأن إيران لم تظهر رغبة تذكر في ما يتعلق بإمكانية إيفائها بالمطالب الدولية. وأعقبت الصحيفة بقولها إن غاري سامور، كبير مسؤولي البيت الأبيض المنوطين بمساعي حظر انتشار السلاح النووي، قد ترك الباب مفتوحاً في أحدث تصريحاته بخصوص التخصيب الإيراني، بقوله إن القرار المتعلق بأي من الأجزاء في البرنامج الإيراني التي قد تستمر هي quot;مسألة مفاوضاتquot;.

وأضاف في تصريحات لإحدى المحطات الإذاعية الأوروبية يوم السابع عشر من الشهر الجاري قائلاً: quot;ندرك أنه يحق لإيران امتلاك برنامج سلمي للطاقة النووية، بمجرد أن تتعامل مع المخاوف المثارة بشأن أنشطتها النوويةquot;. ورغم المخاوف التي تهيمن على أميركا ومجموعة 5 + 1، إلا أنهم يتحركون الآن على ما يبدو صوب السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم عند مستوى منخفض، حسب ما أوردته الصحيفة في هذا الصدد عن مجموعة من الدبلوماسيين وخبراء حظر انتشار السلاح النووي.

وهذا ما يتعارض مع المزاج العام القائم في الكونغرس، حيث يطالب النواب في مجلسي الشيوخ والنواب بضرورة وقف كل أنشطة التخصيب الإيرانية. فضلاً عن الموقف المعارض الذي ينتهجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في هذا الخصوص.

في الختام، نقلت الصحيفة عن جورج بيركوفيتش، خبير متخصص في مجال حظر انتشار السلاح النووي لدى مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، قوله إنه كان من بين المتشددين الأميركيين، الذين كانوا يعتقدون حتى وقت قريب quot;أنك مطالب بالتدخل لوقف التخصيب. لكن الأحداث بدَّلت وجهة النظر هذه الآن، بعدما خصَّبت إيران المزيد من اليورانيوم، وانتشر الدعم الشعبي للبرنامج في كل مكان، وباتت احتمالات التخلي بصورة تامة عن تخصيب اليورانيوم من المحرّمات القومية في إيرانquot;.