القاهرة: بدأت تظهر حالة من الإنقسام بين القوي العالمية الستة التي ستبدأ اجتماعاتها اليوم الجمعة في اسطنبول لإجراء محادثات بخصوص برنامج إيران النووي حول أفضل الطرق التي يمكن انتهاجها للحد من طموحات إيران والعمل في نفس الوقت على نزع فتيل احتمالية نشوب مواجهة عسكرية جديدة في منطقة الشرق الأوسط المضطربة.

واعترف خلال الأيام القليلة الماضية مسؤولون من تلك الدول الستة التي ستدخل في مفاوضات مع إيران بوقوع اختلافات كبيرة بشأن الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الاتفاق النووي وتحت أي ظروف يمكن أن تحصل إيران على إعفاء جزئي من العقوبات الدولية التي نجحت بالفعل في وضع ضغوط غير مسبوقة على الاقتصاد هناك.

وبينما تتفق القوى الستة على ضرورة أن تكون هناك تنازلات كبرى من جانب إيران، فإن تلك القوى، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا، لن تحاول على الأرجح أن تصيغ مقترحاً مشتركاً يسرد بالتفصيل الخطوات التي يتعين على إيران اتخاذها لكي تؤكد للعالم أن نواياها النووية سلمية، وفق دبلوماسيين.

وفي هذا السياق أشارت اليوم صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية إلى أن عدم وجود مثل هذه المسودة قد يسمح بقدر أكبر من المرونة في المفاوضات، رغم اعتراف بعض المسؤولين بأن إيران قد تحاول استغلال الانقسامات للحصول على مزايا حين تلتقي كافة الأطراف يوم غد السبت في مدينة اسطنبول، أكبر المدن في تركيا.

وقال سيرجي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي :quot; ليس لدينا في حقيقة الأمر رؤية مشتركة بخصوص العرض الحقيقي الذي سيُقَدَّم لإيران لدفعها نحو مفاوضات جادةquot;.

وأضاف أن الدول الستة اتفقت على تفادي ما أطلق عليه quot;هجوم عسكري كارثيquot; على إيران من جانب إسرائيل، التي تقول إن نجاح إيران في امتلاك سلاح نووي قد يشكل تهديداً مميتاً على الدولة اليهودية، وتابع :quot;نعمل جميعاً من أجل التوصل لحل دبلوماسيquot;.

وفي المقابل، سعى دبلوماسيون آخرون للتخفيف من وطأة الحديث عن تلك الخلافات، بتأكيدهم أن الدول الستة متفقة على معظم الأمور. وأوردت الصحيفة في هذا الصدد عن مسؤول أميركي كبير مشارك في مناقشات سياسية رفيعة المستوى بخصوص إيران، بعدما رفض الكشف عن هويته، قوله :quot; الكل متفق على المبادئ الأساسية. وتتسم المحادثات الثنائية التي تمهد لاجتماع يوم غد السبت بشفافيتها، كما أنها تعتبر من بين أكثر المحادثات جماعية التي سبق لي أن شاهدتها طوال عمليquot;.

غير أن الصحيفة مضت لتقول إن تلك الانقسامات القائمة بين الدول الستة من الممكن أن تضيف مزيداً من التعقيد لما ينظر إليه بالفعل على أنه مجهود ماراثوني لإقناع إيران بتقبل مسألة فرض حدود صارمة على برنامجها النووي. وأضافت الصحيفة أن روسيا والصين وضعتا مقترحات لحل الأزمة، ويتوقع من كليهما أن يطالبا بسرعة التخفيف من العقوبات مقابل تقدم الجانب الإيراني بمجموعة من التنازلات.

فيما أصر دبلوماسيون أميركيون وأوروبيون على وضع جدول زمني بطيء يقترن بالتوصل لأدلة دامغة تبرهن على حقيقة حدوث تغييرات في الطريقة التي تتصرف بها إيران.

ثم لفتت الصحيفة إلى عدم وضوح الرؤية بشأن ما إن كانت ستوافق إيران على أي من المقترحات أم لا. فيما سبق للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن أكد مراراً وتكراراً على أن بلاده لن تتخلى مطلقاً عن حقها في تخصيب اليورانيوم، وذهب لما هو ابعد من ذلك بتأكيده يوم الثلاثاء الماضي أن بمقدور بلاده تحمل سنوات من الصعاب المالية.

وفي نفس الوقت، ألمح مسؤولون إيرانيون آخرون إلى وجود رغبة واستعداد لديهم في التفاوض. وهو المسار الذي انتهجه رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي، بعدما صرح بأن حكومة بلاده قد توافق على وقف تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 %، وهي الصورة التي تعتبر أكثر نقاءً من الوقود النووي والتي يمكن أن تتحول بشكل سريع إلى يورانيوم يستخدم في تطوير الأسلحة النووية.

وواصلت الصحيفة حديثها بنقلها عن دبلوماسي غربي تشارك بلاده في محادثات اسطنبول بعدما رفض الكشف عن هويته، قوله :quot; الحقيقة هي أنه يتوجب علينا أن ننتظر ونرى ماذا يجب على الإيرانيين أن يقولوه، وما إن كانوا جادين هذه المرة أم لاquot;. فيما شدد بعض الدبلوماسيين على ضرورة ألا يسمح مطلقاً لإيران بتخصيب اليورانيوم.