تملك ايران أسلحة نووية يثير مخاوف الدول العربية

تحدث دان مريدور، نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الاستخبارات والطاقة الذرية عن الخوف الذي يثيره تملك ايران الاسلحة النووية في الدول العربية، إذ إن هذه الدول ترى أن امتلاك هذا السلاح يشكل خطرا على أمنها القومي.


القاهرة: في مقابلة أجراها مؤخراً مع هيئة الإذاعة البريطانية quot;بي بي سيquot;، قال دان مريدور، نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير الاستخبارات والطاقة الذرية، إن احتمالات تملّك إيران أسلحة نووية بثت موجات من الخوف إلى كافة الدول العربية.

والافتراض وراء ذلك التصريح هو أن الدول العربية ترى في برنامج إيران النووي تهديداً لأمنها القومي. وهو ما قد يؤدي إلى الاعتقاد أن الشعوب والحكومات العربية سوف تدعم، أو لن تعارض على الأقل، التدابير العسكرية ضد الجمهورية الإسلامية.

ولفتت في هذا السياق مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى أن النقاش بشأن شن هجوم عسكري على إيران لعرقلة مخططها النووي لا يمكن أن يتم بالعقلية القديمة التي شكّلت آراءنا بخصوص الشرق الأوسط العربي قبل التغييرات السياسية الكبرى التي شهدتها المنطقة في أعقاب موجة الربيع العربي. وأضافت المجلة أن التحول الحاصل اليوم في العلاقة بين الحكومات العربية ومواطنيها من الناخبين لابد وأن تُرَاعَى بقوة في أي نقاش بخصوص النهج العسكري تجاه القضية النووية الإيرانية.

ولمعرفة المزيد عن الطريقة التي ينظر من خلالها العرب إلى التهديد الذي تشكله إيران على الأمن القومي العربي وكذلك عن الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، استطلع معهد الدوحة مؤخراً آراء الشعوب في 12 دولة عربية تغطي أكثر من 85 % من إجمالي سكان العالم العربي. وقد تكونت تلك الدراسة المسحية، التي أجريت في الفترة ما بين شباط (فبراير) وحتى تموز (يوليو) عام 2011، من أكثر من 1600 مقابلة أجريت وجهاً لوجه مع عينات ممثلة في تلك الدول، بهامش خطأ نسبته 3.5%.

وجاءت النتائج جلية لا لبس فيها، حيث أكدت الأغلبية العظمى أنها لا تعتقد أن إيران تشكل تهديداً على أمن البلاد العربية. فيما أشارت نسبة تقدر بـ 5 % فقط إلى أنها تنظر إلى إيران باعتبارها مصدراً للتهديد، مقابل 22 % رأوا أن ذلك التهديد تشكله أميركا وليس إيران. وبينما أعرب 51 % من الإسرائيليين عن تخوفهم من إيران، فقد كانت النسبة الأعلى لهذه المشاعر نفسها في العالم العربي بكل من الأردن ولبنان ( 10% ) وكانت النسبة الأقل في مصر وتونس والجزائر وموريتانيا والسودان وهي ( 1 % ). وبسؤال الأشخاص الذين شاركوا في الدراسة عن آرائهم في أي الدول التي تشكل التهديد الأكبر على بلادهم، قال 7 % إن تلك الدولة هي إيران، و 14 % قالوا أميركا، و35 % قالوا إن تلك الدولة هي إسرائيل.

وأعربت نسبة تراوحت بين 50 إلى 68 % من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة في 10 من الـ 12 دولة التي أجريت فيها الدراسة عن دعمها لفكرة شرق أوسط خال من الأسلحة النووية، بينما قلَّت تلك النسبة دون 50 % في دولتين هما (المغرب بنسبة وصلت إلى 47 % وموريتانيا بنسبة قدرها 41 %). بيد أن هذا الرأي تغير كليا عند النظر في مسألة امتلاك إسرائيل أسلحة نووية، حيث أبدى أكثر من نصف الذين شملتهم الدراسة (55 %) اعتقادهم أن امتلاك إسرائيل أسلحة نووية يبرر لدول أخرى في المنطقة السعي وراء امتلاك مثل هذه النوعية من الأسلحة.

واللافت للنظر هو ارتفاع تلك النسبة إلى حوالى 60 % في السعودية ومصر والأردن (وهو الائتلاف الذي يطلق عليه الائتلاف السني). كما عبر حوالى 70 % ممن يؤيدون شرق أوسط خاليا من السلاح النووي عن تأييدهم لحق باقي الدول في المنطقة أن تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية في ضوء امتلاك إسرائيل تلك النوعية من الأسلحة.

وأعقبت فورين بوليسي بقولها إن التكيف مع التغييرات الكبرى التي أحدثتها موجة الربيع العربي يتطلب وضع نموذج جديد بشأن الشرق الأوسط، نموذج يدرك ويحترم الإرادة الديمقراطية للرأي العام في العالم العربي. وحذرت في السياق ذاته كذلك من أن العمل داخل إطار النموذج القديم قد يؤدي إلى أخطاء إستراتيجية خطيرة.

ثم مضت المجلة تشدد على ثلاث نقاط هامة في هذا السياق، أولها أنه لم يعد من الصحيح القول إن الدول العربية تدعم شن هجوم على إيران. وثانيها أن الحكومات العربية التي كانت مستعدة في الماضي لتجاهل شعوبها قبل التغييرات الأخيرة في تونس ومصر وليبيا واليمن سوف تتردد الآن في الإقدام على ذلك، بفضل القوة التي منحها الربيع العربي للشعوب. وثالثها هو بدء ظهور نداءات تطالب بتوضيح الأسباب التي تقف وراء منح إسرائيل الحق في امتلاك العديد من الأسلحة النووية، في الوقت الذي يتعامل فيه البعض بصورة مختلفة تماماً مع مجرد سعي إيران وراء امتلاكها. وهو ما يزيد من احتمالات تعامل الشعوب العربية مع التهديدات التي تتحدث عن استهداف إيران عسكرياً من جانب إسرائيل أو أميركا باعتبارها ترهيباً غاشماً.
وأكدت المجلة في الختام كذلك أنه ما زال بالإمكان تجنب تلك الأخطاء في التقدير، خاصة وأن الظروف الراهنة في الشرق الأوسط تعتبر فرصة مواتية بالنسبة إلى أميركا والغرب بشكل عام كي يغيروا نموذج علاقاتهم القديم مع الشرق الأوسط.