مخاوف من ضرب المنشآت النووية الايرانية

يؤكد المحللون إقدام إيران على الانتقام في حال ضربت إسرائيل منشآتها النووية، وذلك برأيهم من الممكن أن يتم بطرق مختلفة من بينها خيار الهجوم العسكري. وقالت تقارير صحافية إن هذا التنوع في الخيارات هو جزء من الصعوبات التي يمكن مواجهتها عند التنبؤ بالعملية الانتقامية.


القاهرة: أعرب محللون شرق أوسطيون عن تيقنهم من أن إيران ستنتقم إذا أقدمت إسرائيل على ضرب منشآتها النووية، على الرغم من حالة الغموض التيلا تزال تهيمن على حجم وطبيعة وأهداف الهجوم المضاد، وفقاً لما نقلت عنهم صحيفة واشنطن تايمز الأميركية.

وتمتلك إيران العديد من الخيارات التي يمكنها أن ترتكز على أي منها في مواجهة التهديد الإسرائيلي، كإمكانية قيامها بشن هجوم عسكري شامل من المحتمل أن يغمر المنطقة بأسرها، أو هجوم أكثر محدودية باستخدام وكلاء تابعين لها في لبنان وقطاع غزة، أو حملة إرهابية تستهدف السفارات الإسرائيلية والمواقع اليهودية حول العالم.

والأكثر من ذلك هو أن خيارات الهجوم المضاد تنطوي على تداعيات عالمية، بما في ذلك حدوث تباطؤ في النمو الاقتصادي بسبب ارتفاع أسعار النفط والبنزين، ونقص الوقود نتيجة انقطاع الملاحة في الخليج، واحتمالية تورط الولايات المتحدة في حرب أخرى.

وقال في هذا الصدد ماتيو كروينيغ، زميل الأمن النووي لدى مجلس العلاقات الخارجية:quot;ستواجه إيران ورطتها الإستراتيجية بعد الهجوم. فهي سترد من ناحية لحفظ ماء الوجه داخلياً، وإعادة توطيد قدرات الردع الخاصة بها دولياً. كما أنها لن ترغب من ناحية أخرى في خوض حرب مع إسرائيل أو أميركا قد تؤدي إلى تدمير النظام. لذا ستحاول معايرة ردة فعلها، وأن تفعل شيئاً، لكن ليس على نطاق كبيرquot;.

ويتفق المحللون على أن طبيعة ردة فعل إيران سوف تعتمد على العديد من العوامل غير المتوقعة، بما في ذلك الدرجة التي تنظر من خلالها طهران إلى واشنطن باعتبارها موافقة على شن هجوم إسرائيلي. والافتراض العام هو أن إيران ستطلب من الجماعتين الإسلاميتين المسلحتين حماس في قطاع غزة وحزب الله في لبنان أن يطلقا صواريخهما على مراكز سكنية إسرائيلية. كما ستطلق طهران هي الأخرى ربما بعضاً من صواريخها طويلة المدى شهاب-3 في الوقت الذي ستقوم فيه برعاية عمليات إرهابية تستهدف سفارات إسرائيلية وأهدافاً يهودية حول العالم.

ومع هذا، اختلف المحللون بشأن ما إن كانت ستقوم إيران بمهاجمة أهداف أميركية وأطراف أخرى ثالثة في المنطقة، من منطلق أن قيامها بعملية انتقامية شاملة من الممكن أن يثير ردة فعل من جانب أميركا ويخفف التعاطف الدولي عقب شن إسرائيل لهجومها.

وقال علي رضا نادر، محلل بارز في السياسة الدولية لدى مؤسسة راند والمؤلف المشارك في كتاب quot;إسرائيل وإيران: منافسة خطرةquot;:quot; إن هناك اعتقاداً وتصوراً في إيران بأن المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة تكاد تكون متطابقة ومتقاربة، لذا إن قامت إسرائيل بمهاجمة إيران، فإن طهران ستعتقد أن الولايات المتحدة منحت إسرائيل الضوء الأخضر. وقد تلعب إيران دور الضحية، وتقوم بعملية انتقامية محدودة ضد إسرائيل، ثم تستغل الغضب الدولي لطرد المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة، ومن ثم تبدأ بعد ذلكبإعادة تشغيل برنامجها النوويquot;.

لكنه أشار إلى أنه من الصعب التوقع بكل هذه الأمور، لأن الحروب لا تسير دائماً وفقاً للخطط، مؤكداً أن الأوضاع من الممكن أن تتفاقم بصورة تكون خارجة عن نطاق السيطرة.

ورأت واشنطن تايمز أن جزءاً من الصعوبات التي يمكن مواجهتها عند التنبؤ بالصورة التي قد تأخذها العملية الانتقامية من جانب إيران يتمثل في عدد الخيارات المتاحة للنظام الإيراني. فقد سبق لإيران، على سبيل المثال، أن هددت بإغلاق مضيق هرمز، كما يمكن للنظام الإيراني أن يدعم هجمات يمكن تنفيذها ضد القوات الأميركية في أفغانستان أو ضرب أهداف أميركية في الخليج، مثل الأسطول الخامس في البحرين. كما يمكن لطهران مهاجمة حلفاء للولايات المتحدة في منطقة الخليج.

من جهتها، قالت سوزان مالوني، الخبيرة المتخصصة في الشأن الإيراني لدى معهد بروكنغز:quot;سوف تُفَضِّل طهران تجنب الدخول في مواجهة كاملة مع واشنطن، غير أن كثافة القوات الأميركية في منطقة الخليج قد تُصعِّب على طهران القيام بأي شيء في الخليج من دون انتزاع ردة فعل من جانب الولايات المتحدة الأميركيةquot;.

كما شدد المحللون على أنه من الصعب أيضاً التنبؤ بالطريقة التي سيتصرف من خلالها الرئيس أوباما مع كل سيناريو، خاصة إذا نشبت الأزمة في أوج انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة الخريف المقبل، حينها سيواجه ضغوطات متزايدة من أجل الظهور بشكل قوي والتحكم في أسعار النفط من أجل تفادي حدوث موجة ركود أخرى.

وقال مايكل أوهانلون، الزميل البارز لدى معهد بروكنغز :quot; من المحتمل ألا نقوم بأي شيء، بعيداً عن أي دفاع ذاتي فوري لأي قوات، لأن أوباما سيكون محبطاً للغاية من اتخاذ إسرائيل لقرار كهذا وسيرغب في التأكيد أنه لم يكن قراراً أميركياًquot;.

وعلى الرغم من حالة الغموض التي تكتنف تصرفات إيران وحلفائها، إلا أن محللين يرون أن الجمهورية الإسلامية ستستغل الأزمة التي يتوقع نشوبها في أعقاب الهجوم لتقضي بشكل أكبر على المعارضة التي تقف في وجه النظام. وختمت الصحيفة بنقلها عن عباس ميلاني، المدير المشارك لمشروع الديمقراطية الإيرانية في معهد هوفر، قوله: quot;أعتقد أنه سيتم إعلان حالة الطوارئ في اليوم التالي للهجوم، وسيحاصر النظام أي شخص يعتقد أنه قد يكون متعاطفاً مع ذلك الهجومquot;.