طرابلس: أثار قانون quot;تجريم تمجيد القذافيquot; الصادر من المجلس الوطني الانتقالي الليبي موجة من الانتقادات اللاذعة لدى العديد من النخب السياسية لأنه يعد في رأيها خطوة أولى في اتجاه مصادرة الحريات وتكميم الأفواه في ليبيا.

وينص القانون الصادر في 2 ايار/مايو 2012، على quot;ان اذاعة اي اخبار او دعاية كاذبة او مغرضةquot; تضرّ quot;بالاستعدادات الحربية للدفاع عن البلاد او إلقاء الرعب بين الناس او اضعاف الروح المعنوية للمواطنين يعتبر جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة غير محددةquot;.

ويجرم القانون quot;الدعايةquot; لـquot;تمجيد القذافي أو نظامه أو أبنائهquot; وquot;إذا أدت الدعاية او الأخبار الى ضرر بالبلادquot; من الممكن ان يحكم من يقوم بها quot;بالسجن المؤبدquot;. كما يقضي بتجريم وسجن quot;أي شخص يفعل أي شيء يمس بثورة 17 فبرايرquot;، كما يمكن توجيه اتهامات إلى أي شخص quot;أهان الدين الإسلامي، أو هيبة الدولة ومؤسساتها النظامية والقضائية أو أهان علانية الشعب الليبي أو شعار الدولة أو علمهاquot;.

في هذا السياق رأى نشطاء في مجال حقوق الإنسان والسياسة في ليبيا quot;أن المجلس اتخذ في هذا القانون الخط العريض الذي يتفق عليه معظم الليبيين في عدم تمجيدهم للقذافي ليمرروا سياسة تكميم الأفواهquot;.

حتى إن رئيس لجنة السياسات العامة في المجلس الوطني الانتقالي فتحي البعجة انتقد القانون بشدة لما يثيره من quot;الحرج حول ما يتردد في الشارع بأن أعوان القذافي ما زالوا موجودين في هرم السلطة السياسية للدولةquot;. وقال quot;هذا القانون كان الأولى به عندما صدر بهذا الشكل أن يمنع تمجيد الأشخاص أو الحكام أيًا كانوا إذا كان هذا هو الغرضquot;.

واكد ان هذا quot;القانون يتعارض مع مطالب الحريات الديمقراطية في العالم، كما يتعارض مع جوهر وقلب ثورة 17 فبراير وطموحاتهاquot;، داعيًا الشعب الليبي إلى الوقوف في وجه quot;فكرة التخوينquot; ومنع الانتقادات. واضاف quot;ان تضع قانونًا يوقف الانتقادات والنكتة السياسية ويحكم عليك بالمؤبد لأنك قمت بها، فهذا مخالف لأي مطالب بالحريات الديمقراطيةquot;.

ووصف وزير الإعلام الليبي في المكتب التنفيذي السابق محمود شمام القانون بأنه quot;معيبquot; يهدف الى quot;التضييق على الحرياتquot;. واعتبر ان quot;الجزء الموجّه إلى أنصار القذافي تضليلي، لأن الواقع يقول إن المجلس والحكومة يمكنونهم كل يوم من السيطرة على مقدرات الأمور في البلدquot;.

إلى ذلك قال منسق ائتلاف ثورة 17 فبراير المؤسس المحامي عبدالسلام المسماري إن quot;هذا القانون لا يساوي الحبر الذي كتب به، لأن المجلس تجاوز حدود صلاحياته كسلطة مؤقتة تلتزم بإصدار القوانين الضرورية اللازمة لإدارة المرحلة الانتقاليةquot;.

ورأى في ذلك quot;محاولة مكشوفة من المجلس تستهدف دسّ السم في العسل باستغلال المشاعر المشحونة لدى الشعب الليبي ضد طغيان ودكتاتورية القذافيquot;، لافتًا إلى أن quot;هذه النصوص تؤسس لاستبداد جديد، بإصدار قوانين وقرارات، تعيد تدوير عبارة أحكمكم أو أقتلكم التي رددها القذافي قبل موتهquot;. واتهم جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف خلف هذا القانون.

وقال الناشط الحقوقي عبدالسلام صبري الشريف إن القانون quot;ما هو إلا لمصادرة الحريات، فليس ثمة جدوى من إصدار قانون يمنع أنصار القذافي من تمجيده بقدر ما كانت الجدوى بإصدار قانون يعزلهم سياسيًاquot;. ورأى ان هذا القانون quot;يصادر الحريات ويمنع حرية التعبير ويمنع النقد ويخالف القاعدة الأساسية في علم السياسةquot;، معتبرًا ان المجلس الانتقالي quot;نقلنا من نظام الدكتاتور الفرد الى الدكتاتورية الجماعيةquot;.

في السياق عينه اعتبر الناشط السياسي يوسف الترهوني ان تفسير القانون quot;خاضع للأهواءquot;. واضاف محذرًا quot;يبدو اننا سنقبل على مرحلة يتم فيها الاعتقال ومصادرة الآراء بحجة معاداة الثورة، ما يعني أن المجلس يعيد خطوات القذافي نفسها التي اتخذها حين وصل إلى سدة الحكم، وأننا على أبواب قانون فاشيquot;.

من جهته دافع رئيس تحرير صحيفة قورينا الجديدة الليبية فاتح الخشمي عن القانون بقوله إن quot;هذا القانون صدر لأجل قطع الطريق أمام كل من تسوّل له نفسه زعزعة أمن البلاد والتشكيك في أهداف الثورة وبثّ روح الهزيمة بين الناس من خلال نشر الأخبار الكاذبة والدعايات المغرضة.. وليس لأجل تكميم الأفواهquot;.

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قالت في بيان حول القانون إن المجلس الانتقالي الليبي quot;يقوم بعملية قص ولصق لقوانين القذافيquot;، وطالبت الانتقالي بـquot;إلغاء القانون فورًاquot;. واضافت quot;ان هذا القانون ينتهك الإعلان الدستوري المؤقت للبلد والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكلاهما ينصان على ضمان حرية التعبيرquot;.

وصرحت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن هذا التشريع quot;يعاقب الليبيين على ما يقولونه، وهو يعيد إلى الأذهان النظام الدكتاتوري الذي تم التخلص منه للتوquot;، موضحة ان القانون سوف quot;يقيد حرية التعبير ويخنق المعارضة ويقوّض المبادئ التي تستند إليها الثورة الليبيةquot;.