نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي

أجلت المحكمة الجنائية العراقية اليوم محاكمة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي وصهره وعدد من أفراد حمايته والتي جرت في جلسة سرية الى الاحد المقبل حيث استمعت الى إفادات مدعين بالحق الشخصي وشهود إثبات عن جرائم يحاكم المتهمون وفقها وتتعلق بعمليات قتل والذين اعترف احدهم بقيادة مجاميع مسلحة.


جرت جلسة محاكمة نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي في مبنى مجلس القضاء الأعلى وسط بغداد بحضور عدد من الاشخاص الذين تقدموا لتقديم شكاوى ضد المتهمين الذين يحاكمون عن ثلاث جرائم سيتم التعامل معها في قضية واحدة وتتعلق باغتيال مدير عام في وزارة الامن الوطني وزوجته وضابط في وزارة الداخلية وزوجته واغتيال محامية . واستمعت المحكمة الى شهادات لذوي الموظف في وزارة الامن الوطني ابراهيم صالح مهدي الذي اغتيل في بغداد مع زوجته اواخر تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2007 .. ومقتل ضابط في الداخلية مع زوجته اضافة الى اغتيال المحامية.

وقرر القاضي المسؤول عن المحاكمة تأجيل جلساتها الى العشرين من الشهر الحالي بعد ان استمعت إلى شهادة اثنين من المتهمين في القضية احدهما مسؤول العمليات الخاصة في مكتب الهاشمي واربعة من الشهود بينهم النائبة منى العميري التي قدمت شكوى ضد الهاشمي بتهم قتل شقيقها الموظف في الامن الوطني ابو غالب الاسدي .

وتم تحويل جلسة المحاكمة الى سرية عند الاستماع الى شهادة رشا الحسين موظفة العلاقات العامة في مكتب الهاشمي والمتهمة بالقضية quot;بداعي الخوف على السمعةquot;. وقد اعترف المتهم احمد شوقي مسؤول العمليات الخاصة في مكتب الهاشمي بوجود ثلاثة مجاميع تحت امرته تضم كل واحدة ما بين ثلاثة اشخاص وخمسة اشخاص نفذت العديد من العمليات الإرهابية وعمليات الاغتيال من بينها تفجير سيارة مفخخة بالقرب من جامع براثا شمال بغدادquot;.

وقد جرت الجلسة الاولى من المحاكمة اليوم بعد ان أرجأتها المحكمة الجنائية مرتين على التوالي منذ الثالث من الشهر الحالي . وقال مدير ادارة المحكمة للصحافيين ان التأجيل جاء quot;نظرا لتقديم دفاعه (الهاشمي) الطعن التمييزي الرابع على التواليquot;. واكد مؤيد العزي احد اعضاء فريق محامي الهاشمي ان التأجيلين جاءا بسبب تقديم وكلاء المحامين وحمايته تدخلا تمييزيا، يخص وجود مخالفة دستورية في اختصاص المحكمة حيث يرفض الهاشمي المثول امام المحكمة الجنائية المركزية.

وقال مؤيد العزي إن quot;المحكمة الاتحادية مختصة بالنظر في القضايا المتعلقة بأصحاب المناصب السيادية وفق احكام المادة 93 من الدستورquot;. واضاف ان quot;الطعن تضمن كذلك وجود نواقص واخطاء في التحقيقات التي اجريت من قبل اللجنة القضائية التحقيقية التساعيةquot; مشيرا خصوصا الى quot;وجود إكراه معنوي في الاستجوابquot;. وقال quot;طالبنا في الطعن كذلك بضرورة ان تنظر محكمة التمييز في امكانية ان تجتمع بكافة اعضائها لاهمية القضية وحساسيةquot; للنظر في قضية نقل المحاكمة.

وتنص الفقرة سادسا من المادة 93 من الدستور العراقي الذي تمت الموافقة عليه باستفتاء شعبي اواخر عام 2005 على :
سادساً :ـ الفصل في الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، وينظم ذلك بقانون.
ودفع فريق محامي الهاشمي بان الفقرة السادسة من المادة 93 تشمله باعتباره نائبا لرئيس الجمهورية ويجب محاكمته امام المحكمة الاتحادية لكن بدء المحاكمة اليوم امام هذه المحكمة يعني رفض نقلها الى المحكمة الاتحادية استجابة لطلب فريق الدفاع.

وفي وقت سابق اعتبر خبير قانوني عراقي في حديث مع quot;إيلافquot; طلب فريق الدفاع عن الهاشمي المتهم بالإرهاب بنقل محاكمته من المحكمة الجنائية الى الاتحادية العليا خطأ فادحا لأن احكام الاخيرة نهائية لا يجوز الطعن بها اضافة الى كونها مسيسة وخاضعة لرغبات رئيس الحكومة. وقال المستشار القانوني رئيس جمعية الحقوقيين العراقيين الدكتور طارق علي الصالح، إن طلب فريق الدفاع عن الهاشمي بنقل محاكمته من المحكمة الجنائية الى المحكمة الاتحادية العليا سيضع الفريق في مأزق خطير لان احكامها قطعية ونهائية لايجوز الطعن بها.

لكن الصالح يرى ان نقل المحاكمة من الجنائية الى الاتحادية سيشكل ورطة ومأزقا لفريق الدفاع لان هذه الاخيرة مسيسة شأنها شأن القضاء العراقي الخاضع للتسيس ولرغبات رئيس الحكومة نوري المالكي ولذلك فإن احكامها ستكون منطلقة من ذلك بحسب قوله. ويضيف انه من هنا فإن نقل المحاكمة لن يشكل منفعة قانونية للهاشمي بقدر ما سيكون قرارا معنويا . واوضح ان بقاء المحاكمة في الجنائية سيمكن الدفاع من الطعن بأحكامها، لكن نقلها الى الاتحادية سيحول دون اي طعن بأحكامها لأنها باتة ونهائية وملزمة بحسب الدستور العراقي كما انه سيضفي شرعية على احكامها. واشار الى انه كان على المحامين بدلا من طلب نقل المحاكمة الى الاتحادية العليا الاصرار على طلب الهاشمي بنقلها الى اقليم كردستان او الى كركوك لضمان حياديتها.

والأحد الماضي، أكد رئيس الوزراء نوري المالكي ان قضية نائبه القيادي في العراقية صالح المطلك سياسية قابلة للحوار لكنه شدد على ان مسألة نائب رئيس الجمهورية المتهم بالارهاب طارق الهاشمي لا يمكن ان تحل الا عن طريق القضاء.

وأضاف المالكي في تصريحات وزعها مكتبه الاعلامي حول موقفه من طلب العراقية ادراج قضيتي الهاشمي وصالح المطلك في الاجتماع الوطني المرتقب لحل الأزمة السياسية الحالية التي تضرب البلاد منذ خمسة أشهر أن quot;موضوع الهاشمي مرجعه القضاء العراقي ولا يمكن إدراجه ضمن أي حوار سياسي أو اجتماع وطني أو مساومات لأن ذلك يتعلق بدماء الناس الأبرياءquot;. وقال quot;أما قضية الدكتور صالح المطلك فهي سياسية قابلة للحوار وليست قضائيةquot;.

والأحد الماضي، قال الهاشمي إنه سيقدم طعنا في المذكرة الحمراء التي أصدرتها الشرطة الدولية الانتربول بحقه بناء على تهم بالضلوع في عمليات مسلحة في البلاد. وأضاف أنه فوجئ بصدور المذكرة وقال إن قضيته خارج صلاحية الشرطة الدولية لأن لها أبعادا سياسية ودينية موضحا أنه ترك العراق quot;في وضح النهارquot; وأنه ليس هاربا أو لاجئا سياسيا خارج العراق. وأشار إلى أن موقف حكومة أنقرة حيال قضيته نابع من تفهمها للظلم الذي وقع عليه، فضلا عن علاقاته الجيدة معها ومع بقية الدول. واشار الى أن سياسيين عراقيين ناشدوه عدم العودة إلى البلاد في الوقت الراهن بانتظار حل سياسي لقضيته، لكنه أبدى تفاؤلا بشأن عودته إلى بغداد قريبا.

وأضاف الهاشمي أنه بانتظار أن يتدخل الرئيس جلال طالباني في القضية وقال إنه بعث برسالة إلى طالباني لكنه لم يتلق ردا منه حتى الآن كما بعث برسالة إلى رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وأخرى إلى رئيس مجلس القضاء يطالبهما فيها بشموله بنص المادة 93 من الدستور العراقي.

وبشأن غياب قضيته عن طاولة الحوارات بين قائمة العراقية وائتلاف دولة القانون المتعلقة بحل خلافات بين المالكي ونائبه صالح المطلك أجاب الهاشمي أن قضيته تختلف عن قضية المطلك بأنها قضية سياسية ذات بعد قانوني.

وكانت الشرطة الجنائية الدوليةquot; الانتربولquot; قد اصدرت مذكرة اعتقال الثلاثاء الماضي بحق الهاشمي بموجب طلب وردها من الحكومة العراقية. وقالت الانتربول في بيان رسمي إنها أصدرت مذكرة حمراء دولية بالقبض على الهاشمي مضيفة ان سبب طلب القبض عليه هو quot;الاشتباه في توجيهه وتمويله هجمات إرهابيةquot;، لكن أنقرة أكدت عقب ذلك أنها لن تسلم الهاشمي .

ويتهم الهاشمي، الذي خرج من بغداد إلى إقليم كردستان العراق ثم منه إلى تركيا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بافتعال أزمة طائفية في البلاد. ورفضت تركيا تسليم الهاشمي بعدما نشر quot;الانتربولquot; الثلاثاء مذكرة توقيف دولية تطالب بتسليمه. واتهم الهاشمي في العاشر من الشهر الماضي مكتب القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي بالتسبب بوفاة اثنين من عناصر حمايته المحتجزين quot;من جراء التعذيبquot; وأكد أن الأجهزة الأمنية تتكتم على وفاتهما منذ قبل انعقاد القمة العربية في 29 آذار (مارس) الماضي.

واثارت قضية الهاشمي الذي صدرت مذكرة توقيف بحقه في كانون الاول (ديسمبر) الماضي توترا بين القوى السياسية خصوصا بين القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي والتي ينتمي اليها الهاشمي وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي .. ثم دخل الاكراد على خط الازمة بعد ان سمحوا للهاشمي بالبقاء في الاقليم ورفضوا تسليمه الى حكومة بغداد. واتخذت قضية الهاشمي بعدا اقليميا بعدما قام بزيارة الى قطر والسعودية وبعدها الى تركيا حيث يقيم حاليا.

وبحسب المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى عبد الستار بيرقدار فان القضاء اطلق سراح 13 متهما من حمايات الهاشمي لعدم ثبوت الادلة ضدهم خلال مرحلة التحقيق الابتدائي مبينا ان من تبقوا رهن الاعتقال يبلغ عددهم 73 متهما.

يذكر أن العراق يعيش أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي في أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي، بعد اتهامه بدعم الإرهاب، وذلك في 19 من الشهر نفسه.. وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة من نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية أيضاً بعد وصف الأخير للمالكي بأنه quot;دكتاتور لا يبنيquot;، الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب، وإلى أن تقدم طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي، قبل أن تقرر في 29 من كانون الثاني (يناير) الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب، ثم لتعود في السادس من شباط (فبراير) الماضي وتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء، وعودة جميع وزرائها إلى حضور جلسات المجلس.