مع بقاء الوضع كما هو عليه في سوريا، في ظل استمرار عمليات القمع الوحشية التي تمارسها قوات النظام بحق المعارضين والمتظاهرين وكذلك الأبرياء، يبدو أن الرئيس بشار الأسد يعكف الآن على اختبار صحة الافتراض الذي يتحدث عن جدوى القمع.

وفي هذا الصدد، أكدت مجلة quot;التايمquot; الأميركية أن المذبحة التي وقعت مؤخراً في الحولة هي أحدث مثال على ما يبدو أنها إستراتيجية خاصة بعدم تقديم تنازلات واستخدام الحد الأقصى من القوة. ووفقاً لطريقة تفكير نظام الأسد، فإن الرئيس المصري، حسني مبارك، والزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، قد أخطئا بترددهما وبتشجيعهما المعارضة وببثهما الشكوك في نفوس أنصارهما. ما جعل المجلة تخلص إلى حقيقة أن الإستراتيجية التي ينتهجها بشار الأسد على هذا الصعيد تسير بخطى ثابتة.

وأعقبت التايم بتأكيدها أن مهمة كوفي أنان، التي ترتكز فيما يبدو على فكرة أن الأسد سيدخل في مفاوضات بشأن رحيله عن سدة الحكم، قد بات محكوماً عليها بالفشل.

وعن الطرق التي بات من الممكن اللجوء إليها لإزاحة الأسد من السلطة، أوضحت المجلة أن التدخل العسكري في سوريا غير وارد، لعدة أسباب، منها اختلاف الطبيعية الجغرافية لسوريا عن ليبيا، وعجز الحركة الثورية في البلاد عن فرض سيطرتها على أي جزء هام من البلاد، وتمركز نصف السوريين تقريباً في أو حول مدينتين، هما دمشق وحلب، اللتين لا تزالا تخضعا على ما يبدو لسيطرة النظام الحاكم.

ثم تحدثت المجلة عن إشكالية وحدة الصف التي تعانيها المعارضة السورية، موضحةً أن المعارضة الشعبية للأسد ليست حاصلة على نطاق واسع وليست منظمة. وأشارت إلى أن المجلس الوطني السوري يبدو عاجزاً عن التوحد خلف قائد أو أجندة أو مجموعة أهداف. وقالت ربما فليحان، وهي واحدة من الناشطات البارزات التي لاذت بالفرار من سوريا، لتنظم المعارضة، وتركت المجلس، في تصريحات أدلت بها لصحيفة النيويورك تايمز الأميركية :quot; إنهم يتقاتلون أكثر مما يعملونquot;.

ومضت المجلة تقول إن الناحية الجيوسياسية للتدخل العسكري غير جذابة أيضاً. وهو ما يبدو واضحاً في المواقف التي تلتزمها القوى العالمية والإقليمية الكبرى فيما يتعلق برفض التدخل في سوريا، خاصة في ظل ارتباط إيران وروسيا بعلاقات قوية بنظام الأسد.

وعللت المجلة كذلك بأنه في حالة تدخل القوى الغربية، فإن الأمور ستتحول هناك سريعاً لصراع بالوكالة، في ظل وجود ميليشيات تحصل على تمويلات من قوى كبرى في كلا الجانبين. وقال كثير من المحللين إنهم يرون الوضع في سوريا مشابه بصورة أقل للوضع في ليبيا وبصورة أكبر للوضع في لبنان، حيث تمخضت هناك الحرب الأهلية المستمرة منذ عقود عن وفاة أكثر من 150 ألف شخص وتشرد مليون آخرين.

ثم أبرزت المجلة حقيقة غياب أي إشارة دالة على حدوث انشقاقات من قيادات رفيعة المستوى، سواء في صفوف الجيش أو أجهزة المخابرات أو مجتمع رجال الأعمال.

وبالإضافة إلى تشبث كثيرين بالولاء للرئيس، خشية ما قد يصيبهم في مرحلة ما بعد الأسد، أشارت المجلة إلى أن نجاح النظام في منع حدوث انشقاقات بين الأفراد السنة والمسيحيين في طبقة النخبة الحاكمة، كما يفترض عبر مزيج من التهديدات والرشاوى.

وتابعت المجلة بلفتها إلى أن تشديد العقوبات، بما في ذلك فرض حظر على الطاقة، قد يؤدي إلى تصدع النظام، وهو ما قد يسفر عن خروج مدعوم بوساطة لعائلة الأسد أو حدوث انهيار كامل للنظام. فمن غير الوارد على ما يبدو أن يبقى النظام دون أن يكون لديه قدراً من السيولة النقدية.

وختمت التايم الحديث بتأكيدها أن إدارة أوباما تحاول التعامل مع تلك المشكلة مع أكبر عدد ممكن من الحلفاء، بما في ذلك الجهود التي تبذلها من أجل إقناع الجانب الروسي، إن لم يكن بالانضمام للائتلاف، فعلى الأقل تخفيف اعتراضها على العقوبات. لكن حتى بدون روسيا وإيران، سيعمل الحظر والعقوبات الحقيقة ببطء على إفلاس النظام السوري، ومن ثم تعجيل نهايته.