مليونية سابقة في ميدان التحرير

ينظم المصريون اليوم تظاهرة مليونية أطلقوا عليها اسم quot;العدالةquot; تارة، وquot;حماية الثورةquot; تارة أخرى، وتنطلق ثلاث مسيرات أساسية يقود كل واحدة مرشح رئاسي سابق. وقد عادت الاعتصامات تملأ ميدان التحرير احتجاجا على الحكم الصادر بحق مبارك ونجليه ونتائج الجولة الاولى من الانتخابات.


القاهرة: تصاعدت حدة الإحتجاجات المندلعة في مصر منذ الثاني من حزيران (يونيو) الجاري، ضد الأحكام القضائية بتبرئة علاء وجمال نجلي الرئيس السابق حسني مبارك وستة من كبار مساعدي وزير الداخلية السابق حبيب العادلي في تهم تتعلق بقتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير، وأعادت تلك الأحكام القضائية الثورة إلى ميدان التحرير مرة أخرى، ومنحته بريقه وحيويته، لاسيما أنها تزامنت مع صعود المرشح المحسوب على النظام السابق الفريق أحمد شفيق إلى جولة الإعادة في الإنتخابات الرئاسية، ما اعتبره المصريون إجهاضاً لثورتهم.

إعتصام في الميدان

يعتصم الآلاف من المصريين في ميدان التحرير وسط القاهرة منذ الإعلان عن نتائج الجولة الأولى من الإنتخابات الرئاسية في 28 آيار (مايو) الماضي، وزادت أعداد المعتصمين والمحتجين بعد أربعة أيام من هذا التاريخ، في أعقاب صدور الحكم بقضية مبارك، حيث جاء الحكم صادماً، لاسيما في ما يخص تبرئة مبارك ونجليه من تهم تتعلق بالفساد ونظراً لانقضاء عشرة أعوام على ارتكاب الجرائم، فضلاً عن تبرئة ست من قيادات وزارة الداخلية أثناء الثورة من تهم قتل المتظاهرين، ويخرج المصريون اليوم في مليونية جديدة أطلقوا عليها اسم quot;مليونية العدالةquot;، والتيتشبهالتظاهرات المليونية التي دعا إليها شباب الثورة، وتبنتها بقوة جماعة الإخوان المسلمين بالإضافة إلى ثلاثة مرشحين سابقين للرئاسة، وهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وحمدين صباحي، وخالد علي.

أجواء 25 يناير

وتجولت quot;إيلافquot; في ميدان التحرير مساء أمس الإثنين 4 حزيران (يونيو)، حيث كان عشرات الآلاف من المصريين يتظاهرون ضد الأحكام القضائية، مطالبين بإنشاء محاكم ثورية للقصاص من قاتلي شهداء 25 يناير، بالإضافة إلى تطبيق قانون العزل السياسي على الفريق أحمد شفيق المرشح الرئاسي المحسوب على النظام السابق، وبدا واضحاً أن أجواء ثورة 25 يناير، التي اندلعت ضد الرئيس السابق حسني مبارك، وأطاحت به بعد 18 يوماً من اندلاعها عادت لميدان التحرير مرة أخرى، فاختفت الشعارات الفئوية والحزبية، وانصهر جميع المتظاهرين في بوتقة واحدة، ولم تعد تسمع سوى الشعار الشهير quot;الشعب يريد إسقاط النظامquot;، quot;الشعب يريد تطهير القضاءquot;، quot;الشعب يريد تطهير الداخليةquot;، quot;الشعب يريد إسقاط حكم العسكرquot;، quot;الشعب يريد تطبيق قانون العزل على شفيقquot;، إضافة إلى شعارات أخرى من قبيل quot;لا إخوانية ولا عسكرية.. مدنية مدنيةquot;، في إشارة إلى انحسار جولة الإعادة في الإنتخابات الرئاسية بين مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي ومرشح النظام السابق أحمد شفيق.

عودة لجان الأمن والنظام

كما اختفت المنصات الإعلامية التي كانت تقيمها كل حركة أو مجموعة سياسية، ولم يعد هناك سوى منصة واحدة ضخمة، تقع إلى جوار مقر الجامعة الأميركية، وهي المنصة التي كانت موجودة أثناء الثورة. وعادت اللجان الشعبية لتغلق ميدان التحرير من جديد، وتضبط الأمن بداخله، حيث تقوم بتفتيش جميع الداخلين إليه بدقة، بعد الإطلاع على هوياتهم الشخصية، ومصادرة جميع الآلات الحادة، حتى ولو كانت قصافة الأظافر، والقبض على المشاغبين أو تسليمهم إلى الشرطة. كما عادت ظاهرة لجان النظام والنظافة مرة أخرى للعمل في الميدان، وأوكل المتظاهرون إلى مجموعات منهم القيام بمهام تنظيم الميدان ومتابعة الباعة الجائلين، وتنظيم أعمالهم، والقيام بأعمال تنظيف الميدان، ونقل القمامة إلى خارجه، تمهيداً لتحميلها في سيارات القمامة.

قبور الشهداء

ونصب المتظاهرون مشانق رمزية لمبارك ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه الستة، غير أن المشهد الجديد في الميدان، كان قبور الشهداء، فقد أنشأت أسرهم قبوراً رمزية في وسط الميدان، وبنوها بالطوب والرمال، ووضعوا عليها صورهم، وجلست أمهاتهم وذووهم عند رؤوس تلك القبور، وقالت والدة الشهيد شهاب أحمد بينما كانت تجلس عند رأس قبر نجلها، وتضع صورته عليها إنها حزينة جداً، ومازالت دموعها لم تجف حتى الآن، رغم مرور أكثر من عام على مقتله، وأضافت لـquot;إيلافquot; أنها لا تكف عن البكاء منذ صدور الحكم بتبرئة مساعدي العادلي من تهمة القتل، ومن قبلها تبرئة عشرات الضباط من التهمة نفسها، وتابعت والدموع تترقرق في مآقيها: دمي راح هدر يعني ولا إيه؟ لو واحد من القضاة اللي حكموا في القضايا دي ابنه اتقتل في الثورة وذاق حرقة القلب على ضناه ما كنش حكم ببراءة السفاحين دولquot;. وأشارت إلى أنه لم يعد أمامها هي وأمهات باقي الشهداء من بديل عن الإعتصام في ميدان التحرير، حتى تعاد محاكمة مبارك والعادلي وجميع الضباط المتهمين بالقتل وإنزال حكم الإعدام فيهم.

الإخوان في الميدان وشفيق لا

وفي الوقت الذي انتشر فيه أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في الميدان في صورة مجموعات لإقناع المصريين مرتادي الميدان بضرورة التصويت لمرشحهم بالإنتخابات الرئاسية محمد مرسي، إختفى أنصار المرشح أحمد شفيق، ولم تعد تسمع في الميدان أي شخص يمكن أن يعلن دعمه له، لأنه قد يتعرض للضرب أو على الأقل الإتهام بأنه تابع للأمن أو من فلول شفيق، وأنه يحاول شق صفوف المتظاهرين.

مليونية العدالة

وينظم المصريون عصر اليوم تظاهرة مليونية أطلقوا عليها اسم quot;العدالةquot; تارة، وquot;حماية الثورةquot; تارة أخرى، وتنطلق ثلاث مسيرات أساسية يقود كل واحدة مرشح رئاسي سابق، الأولى تنطلق من مسجد الفتح في ميدان رمسيس إلى مقر دار القضاء العالي، ثم تستقر في ميدان التحرير، ويقودها المرشح السابق خالد علي، فيما تنطلق مسيرة أخرى من ميدان مصطفى محمود الذي كان معروفاً أنه ميدان مناصري مبارك، ويقودها المرشح السابق عبد المنعم أبو الفتوح، أما المسيرة الثالثة فتنطلق من مسجد الإستقامة في ميدان الجيزة بقيادة المرشح السابق حمدين صباحي.

إسلاميون، علمانيون، حركات شبابية.. جنبا إلى جنب

احتشد آلاف المتظاهرين من إسلاميين وشباب حركات وائتلافات ثورية او ناشطين علمانيين ويساريين الثلاثاء في ميدان التحرير في القاهرة تجمعهم رغبة مشتركة في التنديد بالحكم الذي صدر في قضية الرئيس السابق حسني مبارك ومعاونيه والذي اعتبروه quot;مهزلةquot; وخيانة لمبادئ quot;الثورةquot;.

وقد وصل الكثير من المتظاهرين الى الميدان في حافلات استأجرتها جماعة الاخوان المسلمين او الجماعات السلفية وجاءت خصوصا من مدن وقرى الدلتا.

واتجه آخرون الى الميدان في مواكب بقيادة شخصيات مثل المرشحين اللذين لم ينجحا في الجولة الاولى للانتخابات الرئاسية الناصري الاشتراكي حمدين صباحي والاسلامي المعتدل عبد المنعم ابو الفتوح.

ويقول عبد الوهاب وهو عامل بناء من المنصورة، شمال، ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين quot;نريد حكما عادلا لمبارك وقادة الاجهزة الامنيةquot;.

من جانبه، يقول هشام خليفة وهو فني كمبيوتر quot;نرفض محاكمة مبارك التي كانت مهزلة كبرى. نريد ايضا رحيل النائب العام الذي ترك كل شكاوى الفساد في الدرجquot;.

وانتهز العشرات من الباعة الجائلين الفرصة لبيع ملصقات او رسوم مركبة للرئيس السابق تسخر منه وتظهره بعضها في جسد طفل.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قضت السبت بالسجن المؤبد على مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي لكنها برأت ستة من كبار المسؤولين الامنيين مشيرة الى عدم كفاية الأدلة التي تحدد مرتكبي جرائم قتل المتظاهرين.

وكانت تبرئة هؤلاء الستة من مساعدي العادلي هي أكثر ما اثار غضب الكثير من المصريين معتبرين أن المحكمة باعت بذلك دماء شهداء الثورة التي سقط خلالها نحو 850 قتيلا.

واستنكر هؤلاء أيضا سقوط تهمة الفساد عن علاء وجمال مبارك بتقادم المدة متهمين القضاة بعدم النزاهة ومطالبين بتطهير القضاء.

كما هاجم المتظاهرون الفريق احمد شفيق الذي سيخوض جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية ضد مرشح جماعة الاخوان محمد مرسي معتبرين أنه سيعيد إنتاج النظام السابق.

وكان شفيق الذي سيخوض جولة الاعادة في الانتخابات الرئاسية امام مرشح جماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي شكك في شرعية التظاهرات التي بدأت السبت في ميدان التحرير والمطالب التي تتبناها الاحزاب والحركات الشبابية والشخصيات المشاركة في الدعوة لهذه الاحتجاجات.

الا أن الكثير من المتظاهرين وخاصة من انصار الحركات الثورية وأحزاب اليسار لا يريدون ايضا تولي مرسي الرئاسة بلا ضمانات معتبرين ان الاخوان المسلمين يريدون السيطرة على كل مقاليد البلاد بعد أن هيمنوا على البرلمان.

ويقول ايمن محمد العامل في شركة تجارية محذرا quot;لن نقبل اعطاء صوتنا لمرسي الا بشرط ان يعين نوابا ورئيس وزراء من خارج الجماعةquot;.

بعض الشباب رفع لافتات تدعو الى مقاطعة الجولة الثانية فيما طالب آخرون بإلغاء هذه الجولة بانتظار صدور حكم المحكمة الدستورية في سلامة ترشيح شفيق الذي يريدون أن يطبقوا عليه قانون العزل الذي يحرمه من ممارسة العمل السياسي لمدة عشر سنوات.

الا ان عبد الوهاب العامل الاخواني من المنصورة يريد quot;اجراء الجولة الثانية في الموعد المحدد حتى ننتخب محمد مرسيquot;.