منذ بدء الاضطرابات في سوريا، توّجه الى quot;الشبيحةquot; اتهامات بارتكاب اكثر المجازر وحشية، ويقول محللون وخبراء إن هؤلاء أداة في يد النظام لتنفيذ quot;الاعمال القذرةquot; التي لا يقر بمسؤوليته عنها.


بيروت: رغم عدم وجود اثباتات دامغة على مشاركة هذه المجموعات، التي تسمى quot;شبيحةquot;، في حملة القمع المنظمة في البلاد للانتفاضة الشعبية المستمرة منذ منتصف آذار/مارس 2011، فقد عبر مسؤولون في الامم المتحدة عن quot;شكوك قويةquot; في تورط افراد من الشبيحة في مجزرة الحولة في محافظة حمص التي قتل فيها في 25 ايار/مايو 108 أشخاص بينهم 49 طفلاً.

ونفى نظام الرئيس بشار الاسد أي علاقة له بهذه المجزرة التي نسبها الى quot;مجموعات ارهابية مسلحةquot;.

ويقول مدير مركز quot;غريموquot; الفرنسي للابحاث فابريس بالانش لوكالة فرانس برس إن quot;الشبيحة هم الاشخاص الذين يتم استخدامهم للقيام بالاعمال القذرة. ويمكن للحكومة أن تقول بعد ذلك quot;لست انا من فعل هذا، لست مسؤولةquot;.

ويرى مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن من جهته أن quot;الشبيحة يستخدمون من اجل تبرئة النظام عندما ترتكب المجازرquot;.

ويثير اسم quot;الشبيحةquot; الرعب في نفوس السوريين، وهم اجمالاً بلباس مدني ومسلحون، وتتراوح الاتهامات الموجهة اليهم بين quot;الاعتقالات العشوائيةquot; وquot;الاعدامات الميدانيةquot; وعمليات التعذيب.

الشبيحة في سوريا ... العصا الغليظة لبشّار الأسد

ويقول محلل في دمشق لوكالة فرانس برس طالبًا عدم الكشف عن اسمه quot;منذ 15 شهرًا، لا يغض النظام النظر فحسب عن ظاهرة الشبيحة، بل يستغلها، ما يساهم الى حد بعيد في المزيد من الاهتراءquot;.

ويقول بالانش: quot;الامر يشبه الوضع في اميركا اللاتينية حيث كانت تنتشر quot;كتائب الموتquot;. إنها وسيلة ايضًا لترهيب الناسquot;.

وتعود كلمة quot;شبيحةquot; المشتقة من كلمة quot;شبحquot; الى الثمانينات. وقد استخدمت اولا في اللاذقية (غرب) من اجل الدلالة على مجموعة من المهربين عرفوا بتنقلهم بواسطة سيارات المرسيدس المعروفة بـquot;الشبحquot;، وكانوا، بحسب ما يفيد ناشطون، يحظون بغطاء من مقربين من عائلة الاسد.

وظهروا مع بداية الحركة الاحتجاجية في سوريا وكانوا يشاركون في قمع المتظاهرين.

ويقول بالانش إن الشبيحة quot;هم خصوصًا شبان من دون عمل يقطنون الضواحي، يتم تقديم المال لهم وبندقية كلاشينكوفquot;، فيعتبرون أنهم quot;يملكون السلطة المطلقةquot;.

ويقول الناشط من مدينة حماة في وسط سوريا داني الحموي لوكالة فرانس برس إن النظام يلجأ الى الشبيحة ليوفر على الجيش التورط في جرائم كبيرة والحؤول دون حصول انشقاقات بالجملة. ويوضح أن quot;ضابطًا أو عنصرًا يمكن أن يرفض تنفيذ الاوامر، لكن الشبيح يبقى وفيًا حتى النهايةquot;.

وتظهر مقاطع فيديو عدة منشورة على شبكة الانترنت رجالاً بلباس مدني يحملون العصي والرشاشات ويعتدون على متظاهرين، أو تجمعات لشبان يتظاهرون وهم يهتفون quot;شبيحة للابد، كرمال عينك يا اسدquot;.

ولا يمكن لوكالة فرانس برس التحقق بنفسها من التقارير حول quot;الشبيحةquot;، بسبب القيود التي تفرضها السلطات السورية على عمل الصحافيين.

ويقدر المرصد السوري لحقوق الانسان عدد الشبيحة بحوالي ستة آلاف، مشيرًا الى أن بعضهم تم دمجه بأجهزة امنية.

وغالبية هؤلاء ينتمون الى الطائفة العلوية، لذلك في ذهنهم أن الدفاع عن النظام يعني الدفاع عن وجودهم، علمًا أن العلويين في البلاد ومنهم الرئيس بشار الاسد يشكلون اقلية.

في الحولة ذات الغالبية السنية، اتهم ناشطون معارضون للنظام quot;شبيحةquot; قدموا من قرى علوية مجاورة، بارتكاب المجزرة المروعة.

ويقول بالانش إن الشبيحة quot;هم المدافعون الاكبر عن النظامquot;، مشيرًا الى أن quot;العلويين يخشون اكثر من كل شيء انتقامًا سنيًاquot; بعد سقوط النظام.

وبعد أن كانوا متورطين في مجرد القمع، باتت اليوم تنسب اليهم تجاوزات لا تحصى، ابرزها تنفيذ المجازر.

ويقول الناشط عمر شاكر من مدينة حمص إن quot;النظام كان في السابق يدفع لهؤلاء رواتب شهرية. مع الازمة الاقتصادية، اعطاهم الضوء الاخضر من اجل نهب الاحياءquot;.

ويقول رامي عبد الرحمن إن هناك quot;قسمًا من الشبيحة يسمى quot;الجرادquot;، ومهمته الدخول بعد العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات النظامية الى المنازل التي تركها اصحابها ونهبها، فلا يتركون شيئًا في البيتquot;.

ويوضح عبد الرحمن أن quot;الشبيحة ينتشرون بشكل حصري في الساحل السوري ومحافظة حمص، أي المناطق ذات الاختلاط الطائفيquot;، الا أن الناس quot;باتوا يطلقون هذه التسمية على كل المسلحين الموالين للنظام الذين يقومون بتجاوزات وانتهاكات في أي منطقةquot;.

ويتوقف الخبير المقيم في دمشق عند تزايد اعمال الخطف والسرقات، مرجحًا أن يكون الشبيحة متورطين فيها.

ويقول quot;في حلب مثلا في شمال البلاد، كان الاتفاق بين النظام والشبيحة: تحرصون على عدم حصول تظاهرات، في المقابل، تفعلون ما تشاؤون. وقد ساهم هذا في جعل حلب تنقلب ضد النظامquot; بعد أن ظلت لفترة طويلة في منأى عن الحركة الاحتجاجية.

ويرى المحلل أن الخطر الاكبر هو في أن يفقد النظام السيطرة quot;على quot;هذا الوحشquot; الذي صنعه بنفسهquot;.