في مؤشر واضح إلى أن الحكومة البريطانية ضاقت ذرعًا بالحماية التي يوفرها القضاة للأشخاص غير المرغوب فيهم والسماح لهم بالبقاء على أراضي البلاد بفضل حقوقهم الإنسانية والأسرية، أعلنت وزيرة الداخلية ما يرقى إلى laquo;حربraquo; على السلطة الثالثة في البلاد.


صلاح أحمد: بلغ حنق الحكومة البريطانية إزاء عجزها عن ترحيل المجرمين (ومن تعتبرهم إرهابيين) لأنهم يتحصنون وراء حقوق الإنسان حد أنها أعلنت الحرب عمليًا على جهازها القضائي.

فقد أعلنت وزيرة الداخلية، تيريزا ماي، أنها ستتصدى - بقوة البرلمان التشريعية - للقضاة الذين يسمحون للمجرمين المُدانين ومنتهكي القانون والمهاجرين غير الشرعيين والمشكوك في نواياهم الأمنية بالبقاء على الأراضي البريطانية على أساس حقهم في الحياة مع أسرهم أو قريًبا منها.

تيريزا ماي على تلفزيون laquo;بي بي سيraquo;

وقالت صراحة - في لقاء مع تلفزيون laquo;بي بي سيraquo; - إنها ستلجأ الى البرلمان، الذي تتمتع فيه بالغالبية، من أجل إصدار تشريع يجبر القضاة على تجاوز مسألة حقوق الإنسان (ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبية) عندما يتعلق الأمر بالإجراءات التي تتخذها الحكومة من أجل ضمان الأمن للبريطانيين، laquo;لأن المجرمين الأجانب يستغلون هذه الناحية الى الحد الأقصى الممكنraquo;، كما قالت.

وكما هو متوقع فقد فجّرت هذه التصريحات النارية الانتقادات هنا وهناك باعتبارها مسعى حكوميًا سافرًا للتعدي على استقلالية الجهاز القضائي كسلطة ثالثة. وقال منتقدون - بمن فيهم نواب من حزب الوزيرة نفسه ومن الليبراليين الديمقراطيين المتآلفين معه في الحكومة - إن ما تريده الوزيرة يعني - في أحد مضامينه الكبيرة - استقلال بريطانيا الكامل عن السلطة القضائية المخولة لمحكمة حقوق الإنسان الأوروبية.

وقالت وسائل الإعلام، التي تداولت التصريحات وردات الفعل، إن laquo;إعلان الحربraquo; هذا يأتي بعد عقود عانى فيها وزراء الداخلية البريطانيون من عدم انصياع قضاة البلاد لقوانين الهجرة المستنّة في برلمان ويستمنستر. ومكمن الشكوى هو انحياز هؤلاء القضاة إلى المجرمين والإرهابيين الذين يتمسكون بحقهم في الحياة الأسرية، كما ورد في نصوص محكمة حقوق الإنسان الأوروبية.

لكن أنصار الاتجاه الحكومي الأخير ضربوا مثالاً، أولاً بقضية الواعظ الفلسطيني الأردني أبو قتادة الشهيرة، ثم آخر بقضية الكردي العراقي محمد ابراهيم. فقيل إن هذا الأخير أخفق في طلبه اللجوء السياسي، وإنه مُدان بسلسلة من الجرائم، آخرها دهسه صبية في الثانية عشرة من عمرها تدعى إيمي هيوستون بسيارته وقتلها رغم أنه محظور من قيادة السيارات.

الوزيرة أعلنت الحرب عملياً على القضاة

مع ذلك، فقد سمح له القضاء بالبقاء على الأراضي البريطانية لأنه متزوج ببريطانية وله منها طفلان. وعمومًا فإن الأرقام تظهر أن 100 مدان ومسجون من الأجانب ينجحون بعد الإفراج عنهم في تصديهم القانوني لقرار ترحيلهم من الأراضي البريطانية، بحجة حقهم في الحياة مع أسرهم.

يذكر أن معركة وزيرة الداخلية مع القضاة بدأت في الخريف الماضي عندما خاطبت المؤتمر السنوي لحزبها، وضربت أمثلة على laquo;اللامعقوليةraquo; التي تسود باسم حقوق الإنسان. وساقت ضمن هذه أن قاضيًا أمر ببقاء سجين أجنبي في بريطانيا بعد إطلاق سراحه من السجن laquo;حتى يتمكن من رعاية قطّتهraquo;.

وفي اتجاه تضييق المنافذ على المهاجرين المحتملين، أعلنت الوزيرة أيضًا أنه لن يكون بوسعهم العيش على إعانات الدولة فقط بسبب الزواج بشخص يحمل الجنسية البريطانية. وقالت إنها في صدد إصدار تشريع يمنع المتزوجين البريطانيين من إحضار أزواجهم الأجانب (من غير مواطني الاتحاد الأوروبي) إلى البلاد إذا قلّ دخل الواحد (من الأزواج البريطانيين) عن 18600 جنيه (نحو 30 ألف دولار) في السنة.