عراقيونيسبحون في أحد الأنهر هربًامنحر الصيف |
يقلق مواطنون عراقيون من قدوم الصيف ليس لأنه يحمل معه معاناة درجات الحرارة المرتفعة في ظل نقص إمدادات الكهرباء، بل لأن الكثير من الحشرات والأفاعي السامة والقوارض والعقارب تخرج من جحورها الى البيوت والساحات والمزارع لتثير القلق والخوف وهاجس المرض بين السكان.
بغداد: يثير قدوم فصل الصيف قلق العراقيين، الذين لا تقتصر معاناتهم على ارتفاع درجات الحرارة، ونقص في إمدادات الكهرباء، فتأتي الحشرات والأفاعي التي تنتشر وتدخل الى المنازل أحيانًا، لتزيد من خوفهم وتعرض حياتهم للخطر.
ويشير في هذا الصدد أحمد الجنابي في الصويرة (55 كم جنوبي بغداد) جنوبي بغداد، إلى أن بساتين المنطقة تشهد خروج الأفاعي من بين الأحراش بسبب درجات الحرارة العالية.
البعوض والبق وحشرات أخرى
وفي يوم واحد قنص أحد الأشخاص ثلاث افاعي في بستانه يقول عنها إنها من النوع السام، حيث تتسلل العقارب بشكل يومي الى البيوت خارجة من الجحور .
لكن المشكلة الأكبر التي تواجه سكان الريف والمدن، هي انتشار الحشرات مثل البعوض والبق وحشرات أخرى غريبة من كافة الأشكال والأنواع بسبب حرارة الجو .
وفي أشهر الصيف اللاهبةـ تتجاوز درجات الحرارة في العراق أحيانًا حاجز الخمسة والاربعين درجة مئوية .
وتعاني الكثير من دول العالم ارتفاعًا شديدًا في درجات الحرارة، وما يصاحب ذلك من انتشار الاوبئة والأمراض والحشرات والزواحف، ولا يستثنى من ذلك حتى اوروبا التي شهدت السنوات الماضية حرًا شديدًا.
ولدغت العقارب شخصين في مدينة بابل (100 كم جنوبي بغداد) الأسبوع الماضي نقلا على اثرها الى المستشفى .
واعتاد العراقيون على هذه الحالة كل صيف منذ اقدم الزمان، لكن الجفاف الذي أصاب الأراضي الزراعية جعل من الحشرات والقوارض تتسلل الى البيوت أو تقترب من المناطق السكنية.
الخبير البيئي مروان أحمد، يؤكد أن العراق يتأثر في الغالب خلال فصل الصيف بامتداد الكتلة الهوائية الحارة والجافة من أواسط آسيا، ما يؤدي الى ارتفاع درجات الحرارة الى نحو (50 درجة مئوية) في المنطقتين الوسطى والجنوبية.
أنواع ضخمة من الأفاعي
ويعزو المهندس الزراعي ابراهيم رشيد هذه الظاهرة، الى أن هذه الحيوانات تبحث عن مكان بارد هربًا من ارتفاع درجات الحرارة فتخرج من جحورها قاصدة البيوت والمناطق القريبة من الأنهر .
ونجا المزارع أبو عصام من المحمودية ( 15 كلم جنوب بغداد) من لسعة عقرب في رجله، وهو يتجول في مزرعته، حيث لم يشعر بوجود عقرب كبير الى جانبه إلا حين لسعه بقوة، حيث تحول ابو عصام الى شخص غير قادر على الحركة .
ابو حيدر يذكر أن اخاه أصيب ايضًا بلسعة ثعبان، كاد يفقد من جرائها حياته لكن العناية الالهية أنقذته .
وبحسب أبو حيدر، فإن المنطقة تشهد خروج أنواع ضخمة من الأفاعي من جحورها يبلغ طول بعضها المتر والنصف، كما يتعايش أبناء المنطقة يوميًا مع الكثير من انواع العقارب بينها السوداء والصفراء والحمراء .
وغالبًا ما تسبب لدغة الأفاعي والعقارب فقدان الوعي والقيء والارتفاع الحاد في درجات الحرارة والآلام الشديدة في الرأس .
وتصل حالة الهستيريا لأشدها حين تدخل الثعابين والعقارب غرف النوم، وهو ما تؤكده ام جابر التي وجدت عقربًا في فراشها سرعان ما نادت إبنها لقتله .
وتضيف ام جابر أن الشتاء اكثر أمانًا من الصيف في ما يتعلق بهذا الامر، داعية السلطات البيئية والصحية الى مساعدة السكان في تجنب الخطر الداهم .
المدن أيضًا
وفي وقت لا يشكل فيه هذا الأمر صدمة بالنسبة لسكان القرى، فإن دهشة سكان المدن كبيرة.
حين شاهد رحيم جاسم المقيم في منطقة البياع في بغداد في منزله أفعى كبيرة، لم يصدق الأمر، لأنها حالة نادرة الحدوث، لكنه حين روى القصة لأصدقائه اوضحوا له أن الكثير من سكان المنطقة يعانون من تسلل الثعابين والقوارض الى بيوتهم .
وتكبر المشكلة، إذ باتت الثعابين والقوارض كالفئران والجرذان، تتسلل الى المدارس، وتثير ذعر التلاميذ.
ويؤكد المعلم سفيان راضي أن المدارس في الريف غالبًا ما تشهد هجمات هذه الحيوانات.
وفي مدينة الصويرة ايضًا، راقب سعيد عامر الذي كان يعمل في مزرعته التهام أفعى كبيرة لفرخ دجاج كان في المزرعة .
وتؤكد ام عصام التي تربي الدجاج والبط في مزرعة مجاورة لبيتها، أن مشاهدة القوارض باتت أمرًا مألوفًا في الصيف، مؤكدة أن البط والإوز صار هدفًا للثعابين.
لكن القلق الأكبر بين العراقيين هو كثرة الحشرات مثل البعوض والبق وحشرات طائرة أخرى، اضافة الى الزواحف الصغيرة التي غالبًا ما تتجمع على الحيطان قرب مصادر الضوء لتصبح منظرًا مرعبًا بالنسبة للأطفال .
الخبير البيئي كامل حسن يقول إن أغلب المناطق الحارة في العالم تعاني من هذه الظاهرة، ولا حلول ناجعة لها إلا عبر إحكام البيوت بالصورة الصحيحة لمنع دخول أي غريب، لكن هذا يتطلب تقنيات تبريد لا تتوفر لدى أغلب العائلات العراقية لتكلفتها المادية العالية .
وتشير أم حميد بإصبعها الى نحو عشرة من (ابو بريص) تتجمع حول مصباح على الحائط، مؤكدة أنه في بعض الأحيان تقترب هذه الزواحف من الأطفال والطعام.
الأطفال في الصيف
وتعرض حنان الجبوري جسد إبنها وقد تحول الى جلد احمر من لدغات البق طوال الليل، التي تسببت بحدوث حبيبات صغيرة تتورم وتنتفخ.
ورغم محاولات الجبوري في حماية جسد ابنها من الحشرات عبر نصب (الكلة) وهي عبارة عن مظلة من القماش الأبيض، تصد هجمات الحشرات الا أن ذلك لا يجدي نفعًا الا بالنزر اليسير .
وإضافة الى الأطفال، فإن ضحايا القوارض والزواحف ودرجات الحرارة المرتفعة هي الحيوانات الاليفة التي كثيرًا ما تنفق لعدم قدرتها على الصمود في الأجواء الحارة.
ويتحدث الخبير الزراعي سلام فاضل عن أن حملات المكافحة التي تجريها الدوائر المعنية لا تحقق الا قسطًا بسيطًا من أهدافها بسبب المساحات الشائعة من الاراضي والمزارع والبساتين، والتي تتطلب تغطيتها بالكامل، امكانيات اكبر من تلك المتوفرة.
ويشير فاضل الى أن هناك هجرة لهذه الحيوانات من المناطق الصحراوية الى المناطق الزراعية الأقل حرارة، وبات من غير الإعتيادي رؤية كائنات صحراوية لم تألفها المدن والمزارع من قبل.
سعد الياسري عايش كثرة الزواحف الشديدة السمية في صحراء النجف، حيث بدأت تزحف باتجاه القرى والمزارع المحاذية.
ويؤكد الياسري أن هناك حالة من الإستنفار الكبير واليقظة بعدما أصيب عدد من أهالي المناطق بلدغات الثعابين والعقارب.
وعلى الرغم من أن الكثير من العوائل العراقية، تحرص في فصل الصيف على اقتناء مبيدات طاردة للحشرات والزواحف إلا أن ذلك لا يجدي نفعًا أمام حجم هجمة هذه الأحياء غير المرغوب فيها على المناطق الآهلة.
من جهته، يشير الخبير الصحي رعد عبد القادر إلى أن المشكلة الأكبر التي يعاني منها العراقيون كل صيف هي البعوض الذي يساهم بشكل كبير في انتشار مرض الملاريا، إضافة الى أمراض جلدية أخرى.
التعليقات