رغم ان فرحة الاستقلال دغدغة مشاعر سكان جنوب السودان العام الماضي إلا أن الصعوبات التي تعيشها هذه الدولة الوليدة افسدت على مواطنيها عيشهم، حيث إن اعمال العنف مستمرة كما ان انتاج النفط توقف.
جوبا: كان العام الاول لاستقلال جنوب السودان، احدث دولة في العالم، صعبا اذ شهد معارك على الحدود مع الشمال واعمال عنف داخلية وتوقف انتاج النفط الذي يعتبر الركيزة الاساسية للاقتصاد.
ومع اقتراب موعد الذكرى السنوية الاولى للاستقلال عن السودان في التاسع من تموز/يوليو، حل الواقع بقساوته محل نشوة الاستقلال.
ورغم ان جنوب السودان حقق خطوات كبيرة نحو الامام الا انه يبقى من افقر الدول في العالم ولا يزال بحاجة لابسط اشكال البنى التحتية مثل الطرقات والكهرباء وشبكات توزيع المياه.
جنوب السودان ما زال من افقر الدول في العالم |
وبعد عام على الاستقلال، اقر نائب الرئيس ريك ماشار بان الحكومة لم تلب تطلعات الشعب بسبب quot;الصعوبات غير المتوقعة التي واجهناهاquot;.
وصرح ماشار لوكالة فرانس برس quot;لو لم تكن هناك صعوبات ولو استمر تدفق النفط ... (عندها) نعم لكنت شعرت بخيبة املquot; من ادائنا.
الا ان دبلوماسيا غربيا رفض الكشف عن هويته اعتبر ان quot;النتائج كارثيةquot;.
واضاف quot;لقد تم تحقيق تقدم لكن ليس بالسرعة المطلوبة ... الجيد في الامر هو ان جنوب السودان تبرز كدولة ويتم دمجها في الاسرة الدولية بشكل تدريجيquot;.
واقر ماشار بان دولة جنوب السودان quot;تراجعتquot; في علاقاتها مع السودان منذ الاستقلال.
وقال quot;لم تجر الامور كما يجب وتورطنا في حرب حدوديةquot;، مضيفا ان الجانبين عادا الى طاولة المفاوضات وانه يامل بتحقيق تقدم.
وتوصل جنوب السودان الى الاستقلال بعد قرابة 50 عاما من الحرب الاهلية مع الخرطوم راح ضحيتها ملايين الاشخاص، الا ان جنوب السودان لا تزال من بين الدول الاقل تقدما في العالم.
وقال الفريد لوكوجي عميد كلية التنمية الريفية في جامعة جوبا quot;ما الذي كنا نامل بتحقيقه خلال عام فقط؟ انها مجرد ذكرى سنويةquot;.
وتابع لوكوجي ان quot;المؤسسات لم تحقق انطلاقة بعد وفي ومقدمتها البرلمان ...هذه الادارة لا تعمل كما يجب ... والفساد يظل مشكلة كبرىquot;.
وتبلغ نسبة الامية بين البالغين 73% بينما نسبة الالتحاق بالمدارس الثانوية لا تتجاوز 6%، كما هناك نقص فاضح في المحترفين ذوي الخبرة، ولو ان العاملين الانسانيين قالوا ان جنوب السودان انطلق من الصفر بعد معاهدة السلام في العام 2005quot;.
من جهته، صرح جورج كونواي مدير مكتب جنوب السودان لوكالة التنمية التابعة للامم المتحدة quot;علينا ان نواصل التركيز على اهدافنا... فلم يمض سوى عام واحد ونحن نعلم ان العملية ستكون طويلة وشاقةquot;، مضيفا ان جنوب السودان يخرج من اطول حرب اهلية في افريقيا.
وفي البلاد عدد قليل فقط من الطرق تم تعبيده وفي العاصمة جوبا فان التيار الكهربائي تؤمنه مولدات خاصة والمستشفى يعاني من نقص في العاملين والادوية والاسرة. والعديد من المرضى يفترشون الارض وسط الحر الخانق.
احصائيا، فان مخاطر وفاة امراة من جنوب السودان خلال الولادة اكبر من احتمال ان تكمل تعليمها الثانوي.
لكن هناك اشارة بحصول تقدم سواء في العام الماضي او خلال سنوات الحكم الذاتي الست بعد معاهدة العام 2005 التي وضعت حدا لعقدين من الحرب وادت الى تنظيم استفتاء حول الاستقلال.
واشار كونواي الى السرعة التي تم فيها تنظيم الحكم على ثلاث مراتب - المحلية والولاية والوطنية - في الولايات العشر التي يتالف منها جنوب السودان.
الا ان المانحين يخشون من خسارة هذه المكاسب في ظل تصاعد التوتر مع الخرطوم وتوقف انتاج النفط الخام في كانون الثاني/يناير مما ادى الى معارك عنيفة على طول الحدود المتنازع عليها بين البلدين.
وعمدت الحكومة الى اقتطاعات في موازنة 2012-2013 التي اتت اساسا اقل ب40% من موازنة العام السابق.
والقطاع الوحيد الذي لم يتعرض لاقتطاعات هو الجيش الذي يمتص بحسب لوكوجي نصف الموازنة على حساب قطاعات مثل التربية والصحة.
الا ان السلطات تظل متفائلة في جوبا وتواصل طلب القروض من شركائها الدوليين وذلك على الرغم من الشكوك حول فرص نهوض الاقتصاد.
ولا تزال الجهات المانحة غاضبة لان جوبا لم تقم باستشارتها قبل وقف انتاج النفط.
ويعاني السكان حاليا من تضخم كبير وسط مخاوف من حصول ازمة غذائية على نطاق واسع.
وبينما يزداد القلق ازاء مستقبل البلاد، يسعى جنوب السودان لبناء هوية وطنية وسط مخاوف كبيرة من حصول تصعيد في النزاعات الاتنية العنيفة مع زوال الوحدة التي ادت الى تحقيق الاستقلال.
واضاف الدبلوماسي ان quot;جنوب السودان شبيه بطفل ولد قبل اوانه ولم تكن له فرص بالحياةquot;.
وقد اقر نائب رئيس جنوب السودان ريك ماشار بأن الصعوبات التي واجهها جنوب السودان خلال العام الاول منذ الاستقلال لم تتح تحقيق تطلعات الشعب التي عبر عنها عند نيله الاستقلال عن الشمال في التاسع من تموز/يوليو 2011.
وقال ماشار في مقابلة مع وكالة فرانس برس quot;لم نلب تطلعات الشعب خلال العام المنصرم بسبب الصعوبات ... غير المتوقعة التي واجهناهاquot;، في اشارة الى التوترات الخطيرة مع الشمال الذي انفصل الجنوب عنه بعد 50 عاما من حرب اعلية دامية.
وفي كانون الثاني، عمدت جوبا، التي تعتمد على انابيب النفط السودانية لتصدير نفطها الخام، الى وقف الانتاج اثر قيام الخرطوم باقتطاع نسبة منه لنفسها، وبالتالي حرمت جوبا نفسها من 98% من ايراداتها. وفي اذار/مارس وابريل/نيسان وقعت معارك ضارية على الحدود بين البلدين.
وتابع ماشار quot;انه وعلى الرغم من كل الصعوبات فانا راض. لانه لو لم نشهد هذه الصعوبات ولو استمر النفط في التدفق كالسابق، لكنت ساصاب بخيبة الامل. لكنني اعلم ان اداءنا كان سيكون افضل لو توفرت لدينا الموارد التي اعتدنا عليهاquot;.
وقال ان ابرز النجاحات التي حققها جنوب السودان في عامه الاول بعد الاستقلال كانت quot;تعزيز الاستقلالquot; وquot;تاسيس الدولةquot;. وابرز التحديات تظل quot;تلبية تطلعات الشعب وتامين حاجاته الاساسيةquot;.
كما اشاد ماشار بتمكن السلطات من وضع حد لاعمال العنف القبلية الدامية التي اندلعت في مطلع العام وخصوصا في ولاية جونقلي حيث تم نزع السلاح واجريت مصالحة بين السكان.
وشدد على ان quot;هذا دليل على ان الحكومة قادرة على حل هذا النوع من المشاكل ... لقد حصلت في وقت غير مناسب ابدا وبينما كنا ازاء تهديد من الخرطوم لكننا نجحناquot;.
لكن قدرة السلطات على وقف اعمال العنف تلك كانت موضع تشكيك واتهم جيش جنوب السودان بالوقوف الى جانب احد الاطراف المتنازعين ولو انه لم يتدخل عسكريا الا انه قدم مساعدة مباشرة.
ولم يخف ماشار خشيته من ان العام الثاني من الاستقلال سيكون quot;صعباquot; ايضا. وقال quot;لقد وضعنا موازنة تقشف للعام المقبل من تموز/يوليو 2012 الى حزيران/يونيو 2013quot;.
واضاف ان الوضع الحالي quot;ارغمنا على اعادة النظر في برامجنا وفي طموحاتناquot;، ودعا الشركاء الدوليين الى منح قروض لبلاده بانتظار النهوض الاقتصادي واستئناف انتاج النفط الخام. واكد ماشار quot;لن ننهار كما توقعت مذكرات خاصة للبنك الدولي في اذار/مارسquot;.
واعرب ماشار عن اسفه لquot;التراجعquot; في العلاقات مع السودان، بعد ان كانت وصلت الى مرحلة شبه تطبيع اثر توقيع معاهدة السلام الشامل في 2005 التي وضعت حدا للحرب الاهلية وافسحت المجال امام استقلال الجنوب.
وتابع quot;لكننا عدنا الى طاولة المفاوضات ونامل بتحقيق تقدمquot;، في اشارة الى المحادثات المباشرة التي استؤنفت في اواخر ايار/مايو في اديس ابابا دون تحقيق تقدم ملحوظ حتى الان.
وقال ان quot;الخلافات الاكبرquot; هي الامن وترسيم الحدود ووضع منطقة ابيي المتنازع عليها.
واضاف ان quot;النفط مشكلة وطنية وعلينا ان نقرر ما اذا كنا سنختار تصدير نفطنا الخام عبر الخرطوم. اذا اتفقوا معنا (في الخرطوم) على رسم (عبور) يتوافق مع المعايير الدولي فسنعيد ضخ النفطquot;.
واعرب ماشار عن امله في ان quot;يتفادىquot; البلدان العودة الى الحرب بسبب خلافاتهما quot;لان لا فائدة ترجى من الاقتتالquot;.
التعليقات