قضية رئيس الحكومة السابق ايهود أولمرت هي واحدة من بين عدة تحقيقات مماثلة أدت إلى الإسرائيليين بالتشكيك في مصداقية قادة الحكومة في السنوات الأخيرة، حتى أن أولمرت نفسه قال إن القضية قد أثرتفي محادثات حكومته مع الفلسطينيين.


برّأت محكمة إسرائيلية يوم الثلاثاء رئيس الوزراء السابق ايهود اولمرت من اتهامات الفساد الخطرة ضده، بما في ذلك الاحتيال، وإخفاء الهدايا النقدية والفواتير المزدوجة، لكنها أدانته على الأقل بخيانة الثقة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود اولمرت

وصدر هذا القرار بعد تحقيقٍ حول اتهامات بالفساد دامت خمس سنوات، ودفعت أولمرت عن منصبه في العام 2009 لتساعد في دخول حكومة يمينية برئاسة بنيامين نتنياهو.

واعتبرت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; أن البراءة لا تعني نهاية لمشاكل أولمرت القانونية، فهو لا يزال يواجه محاكمة لاتهامه بالرشوة في قضية التنمية العقارية التي كانت تجري في القدس حين كان رئيساً لبلدية المدينة.

لكن الحكم الذي صدر يوم الثلاثاء الماضي يعتبر بمثابة دليل على تبييض صفحة الرئيس السابق لحزب كاديما، الذي كان قد أصر دائماً على انه كان ضحية بريئة لمطاردة سياسية وملفقة، وأن أي مخالفات أو أنشطة غير مشروعة هي نتيجة لسوء الإدارة والفوضى في مكتبه.

quot;لم أكن أحتال على أحد. لم يكن هناك فسادquot;، قال أولمرت بنبرة عاطفية للصحافيين خارج قاعة المحكمة في القدس.

ومع ذلك اولمرت (66 عاما)، أصبح الرجل الذي يتمتع بأعلى منصب سياسي في تاريخ إسرائيل، الذي سيدان بنشاط إجرامي. وسيعلن الحكم في سبتمبر/ ايلول القادم.

وقال خبراء قانونيون إن اولمرت قد يواجه السجن ثلاث سنوات لإدانة انتهاك بنود الثقة، على الرغم من أن محاميه توقّع أن الرئيس السابق سيتجنب أي حكم بالسجن.

قضية أولمرت هي واحدة من عدة قضايا الفساد وسوء السلوك التي حطمت إيمان الإسرائيليين في قادة حكوماتهم في السنوات الأخيرة.

في العام الماضي، أدين الرئيس الاسرائيلي السابق موشيه كاتساف بالاغتصاب ويقضي حكماً بالسجن لمدة سبع سنوات. ويواجه وزير الخارجية افيغدور ليبرمان احتمال توجيه التهم إليه بسبب مزاعم الرشوة وتبادل المنافع والنفوذ، وإن لم يتم توجيه اتهامات رسمية لرفعها.

ويقول مايكل بارتيم، احد المحامين في حملات ضد الفساد، إن quot;لا أحد من الطرفين في قضية أولمرت ينبغي أن يحتفل بقرار المحكمةquot;، مشيراً إلى أن القرار ليس انتصاراً لأحد.

وتوقع ان القضية ستقوّض ثقة الإسرائيليين في المؤسسات الحكومية، مشيراً إلى أن هذه الثقة quot;مضمحلة حتى من قبل هذه القضية لأنهم غير راضين عن المسؤولين المنتخبينquot;.

وأمل بارتيم أن المدعين العامين والمحاكم ستظل يقظة وحازمة في التعامل مع الفساد الحكومي، حتى وإن دعا بعض مؤيدي أولمرت إلى إقالة أو كبح جماح المدعي العام للدولة في ضوء التبرئة على الاتهامات الأكثر خطورة في هذه القضية.

لائحة الاتهام ضد أولمرت تضم 61 صفحة تقول إن رئيس الحكومة الاسرائيلي السابق أخذ quot;مبالغ كبيرة من رجل الأعمال الأميركي موريس تالانسكي، وعمد إلى الفواتير المزدوجة لتغطية نفقات السفر إلى الخارج، إضافة إلى توجيه العقود الحكومية والمنح لأنصاره.

هذه المزاعم، التي تنطوي على مئات الآلاف من الدولارات، تركزت على الفترة التي كان فيها أولمرت رئيساً لبلدية القدس ووزير التجارة، لكنها ظهرت على السطح بعد أن تم انتخابه رئيساً للوزراء في العام 2006.

كان يمكن أن يواجه خمس سنوات في السجن إذا أدين بتهم أكثر خطورة.

في النهاية، قضت المحكمة بأن أولمرت كان مذنباً فقط في محاولة منح امتيازات لأحد الأصدقاء السابقين والمنتسبين عندما كان وزيراً للتجارة. واعتبرت المحكمة أن ذلك كان تضارباً في المصالح، بينما قال القضاة إنه لا توجد أدلة كافية لإدانته بتهم أخرى.

البعض يعتقد أن الادعاء ضد أولمرت قد يغيّر وجه الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني لأن حكومته كانت تشارك بنشاط في محادثات السلام. وقال اولمرت انه منذ ذلك الحين، عرض لتقديم تنازلات هامة نحو إقامة دولة فلسطينية. وانهارت المحادثات في نهاية عام 2008 عندما بدأت حكومة اولمرت في الانهيار، ولم تستأنف بشكل كامل في ظل نتنياهو.

وقال القادة الفلسطينيون ان الاتفاق لم يكن قريباً للصورة التي قدمها اولمرت. لكن الأخير ألمح إلى أن قضية الفساد ضده قد غيّرت مجرى التاريخ، إذ قال: quot;لا يمكن تجاهل الآثار البعيدة المدى لقرار محاكمتي، سواء داخل اسرائيل وخارجهاquot;.