مناصرون لحركة النهضة في تونس

تونس: أكدت quot;حركة النهضةquot; الإسلامية الحاكمة في تونس خلال مؤتمرها العام التاسع التزامها بالنهج السياسي quot;الوسطيquot; وquot;المعتدلquot; وبنبذ quot;التطرفquot; إلا أن الغموض لا يزال -بحسب محللين- يلف موقفها من الحريات وخاصة حريتي التعبير والإبداع إثر دعوة المؤتمر في بيانه الختامي إلى quot;تجريم التعدي على المقدسات باعتباره عدوانًا على حرية الغيرquot;.

وعقدت حركة النهضة التي كانت محظورة في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وخلفه زين العابدين بن علي، من 12 إلى 16 تموز/يوليو 2012 أول مؤتمر عام وعلني لها في تونس منذ تأسيسها قبل اكثر من 40 عامًا.

وتقود النهضة الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس منذ فوزها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي أجريت في 23 تشرين الأول/اكتوبر 2011. وأعلن مؤتمر الحركة في بيانه الختامي أنه quot;قرر (..) ضمان حرية التعبير والإبداع (..) وتجريم التعدي على المقدسات باعتباره عدوانًا على حرية الغيرquot; دون أن يدلي بالمزيد من التفاصيل في هذا الشأن.

وكان نواب النهضة في المجلس التأسيسي اقترحوا في وقت سابق التنصيص ضمن دستور تونس الجديد الذي يصوغه المجلس على quot;تجريم الاعتداء على المقدساتquot;. ويقول معارضون ومنظمات حقوقية إن حرية التعبير والابداع في تونس أصبحت مهددة منذ وصول الحركة الإسلامية إلى الحكم.

وفي 3 أيار/مايو 2012 قضت محكمة تونسية بتغريم نبيل القروي مدير تلفزيون quot;نسمةquot; التونسي 2400 دينار (1200 يورو) بعد أن أدانته بتهمة quot;عرض شريط أجنبي على العموم من شأنه تعكير صفو النظام العام والنيل من الاخلاق الحميدةquot;.

وعرضت القناة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2011 فيلم الرسوم المتحركة الايراني الفرنسي quot;بيرسيبوليسquot; الذي قال إسلاميون تونسيون إنه يتضمن quot;تجسيدًا للذات الإلهيةquot;. وquot;برسيبوليسquot; حاصل على ترخيص عرض من وزارة الثقافة وتم عرضه في قاعات سينما تونسية قبل وصول الاسلاميين إلى الحكم.

وقتل شاب سلفي برصاص الأمن وأصيب أكثر من 100 شخص في أعمال عنف وتخريب قادها سلفيون يومي 11 و12 حزيران/يونيو في 8 محافظات تونسية احتجاجًا على عرض فنانين تشكيليين تونسيين لوحات فنية quot;مسيئة للمقدساتquot; خلال مهرجان ثقافي أقيم يوم 10 من الشهر نفسه في مدينة المرسى (شمال العاصمة).

ودفعت أعمال العنف والتخريب السلطات إلى فرض حظر تجول في المحافظات الثماني أيام 12 و13 و14 حزيران/يونيو. ويوم 25 حزيران/يونيو 2012 قضت محكمة تونسية بسجن شاب سبع سنوات ونصف السنة بعدما نشر قبل عام على صفحته الشخصية في الفيسبوك رسومًا اعتبرها متشددون quot;مسيئةquot; لنبي الاسلام محمد.

ويخشى مراقبون من انحراف النهضة نحو الاستبداد واستبدال الدكتاتورية quot;البوليسيةquot; التي كانت سائدة في عهد بن علي بدكتاتورية quot;دينيةquot; رغم تخلي الحركة في آذار/مارس على مطلب سابق بالتنصيص ضمن الدستور على أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع.

وقال منجي الخضراوي الصحافي والباحث في مجال الاتصال لوكالة فرانس براس إن quot;مفهوم المقدس يظل غامضًاquot;، متسائلاً: quot;هل أن من لا يصلي ومن لا يصوم اعتدى على المقدس أم لا، لأن هذا اعتداء على المقدس حسب قواعد الاسلامquot;.

ولم يستبعد الخضراوي أن يكون تنصيص مؤتمر النهضة على تجريم الاعتداء على المقدسات quot;مدخلاً لإيجاد شخص أو مؤسسة تتولى تحديد ما هو مقدس وماهو مدنس وتكون وسيطًا بين فكرة المقدس والممارسة الانسانية وهي المهمة التي كانت تقوم بها الكنيسة في العصور الظلاميةquot;.

وتابع: quot;الافضل هو تجريم الاعتداء على الشعائر الدينية المعترف بها قانونيًا مع ضرورة تحديد مفهوم الاعتداء حصريًا وبدقة لانه لا يجوز في القانون استعمال المصطلحات العامةquot;. وصرح المحلل السياسي أحمد المناعي لفرانس براس أن مؤتمر النهضة لم يرفع quot;الغموضquot; الذي يكتنف مواقفها من عدة مسائل، غير مستبعد أن يكون الإبقاء على هذا الغموض متعمدًا للحفاظ على quot;وحدةquot; الحركة.

وأشار إلى أن quot;الوحدةquot; التي تربط أعضاء الحزب quot;مصطنعةquot; وأن الشيء الحقيقي الذي يوحدهم في الوقت الحالي هو quot;الرغبة في الحفاظ على السلطةquot;. وقال راشد الغنوشي في ختام مؤتمر حركة النهضة إن quot;الحركة متعددة لكنها موحدة ولم تقع فيها انشقاقات منذ نشأتهاquot;.

لكن أحد المشاركين في مؤتمر النهضة أكد لفرانس برس وجود خلافات في وجهات النظر داخل الحزب quot;بين الشباب والشيوخ والمعتدلين والمتشددين وأعضاء الحركة داخل تونس وفي المهجر وكلهم يريدون لعب دور أكبر داخل الحركة والاستفادة من الوضع الجديدquot;.