ارتفاع سعر السلاح يشير إلى تصاعد النزاع في سوريا

يبحث الكثير من السوريين عن السلاح، رغم ارتفاع أسعاره، بعد تصاعد النزاع واتساع صفوف المعارضة المسلحة في الأشهر الماضية. ويقول نقيب منشق عن الجيش السوري إن سعر الكلاشنكوف يكلف 2000 دولار أو اكثر.


لندن: جلس أبو حامد النقيب السابق في الجيش السوري والقائد العسكري حاليًا في صفوف المعارضة المسلحة التي تقاتل لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، متربعًا داخل خيمة في مخيم لاجئين سوريين في تركيا مرددًا شكوى باتت مألوفة من المعارضة حين قال: quot;نحتاج الى السلاح، نحتاج الى السلاح بكل انواعهquot;.

ثم بدأ ابو حامد يتحدث عن الأسعار. فهو يقود كتيبة تعمل قرب حلب حيث قال إن الطلب على السلاح في دائرة نشاطه كبير لكنّ العرض ضئيل حتى أنه دفع اكثر من 4 دولارات عن خرطوشة واحدة. واضاف ان الكلاشنكوف الواحدة تكلف 2000 دولار أو اكثر.

وتعتبر هذه الأسعار باهظة في تاريخ النزاعات وهي تشير الى قضايا متعددة تستحق التوقف عندها. واجرت صحيفة نيويورك تايمز استطلاعات قابلت فيها مقاتلين وقادة ميدانيين قرب الحدود التركية مع سوريا. وتبين الأسعار أن هناك طلبًا كبيراً على اسلحة المشاة.

ويشير مثل هذا الطلب في سياق النزاع السوري الى أن الكثير من السوريين يبحثون عن السلاح بعد تصاعد النزاع في الأشهر الماضية واتساع صفوف المعارضة المسلحة. وتشير الخبرة التاريخية الى أنهم سيجدون ضالتهم. فإن من المستبعد أن يفوت تجار السوق الرمادية والسوق السوداء مثل هذه الفرصة ومن المنطقي أن نتوقع استيلاء مقاتلي المعارضة على اسلحة أكثر من قوات النظام وميليشياته المهزومة، وبالتالي تسليح المزيد من الرجال.

واجمالاً، وإذا صحت التوقعات المتعلقة باتجاه اسعار السلاح فإن من المرجح أن يزداد السلاح المتاح بيد الأهالي إلا إذا حدثت مفاجأة مثل سقوط النظام واعتراف جيشه وانصاره بالهزيمة.

وتشير المعلومات التي جمعتها صحيفة نيويورك تايمز من استطلاعاتها أن سعر الذخيرة الذي تحدث عنه ابو حامد أعلى من الأسعار التي ذكرها نحو 12 قائدًا ميدانيًا، وقال مقاتلون آخرونإن سعر الخرطوشة دولاران. ولكن معلومات ابو حامد الأخرى تتفق مع اقوال مقاتلين آخرين بينهم قادة من ادلب وحماة اجتمع العديد منهم يوم الجمعة الماضي في انطاكيا للتعبير عن احباطهم إزاء شح السلاح.

ويقول هؤلاء الرجال إن الكلاشنكوف تكلف الآن من 1000 إلى أكثر من 2000 دولار حسب حالتها، وقاذفة آر بي جي 7 أكثر من 2000 دولار،وكل قذيفة من قذائفها 500 دولار. ويكلف المدفع الرشاش من نوع بي كي واسلحة مثيلة 6000 الى 7000 دولار.

ولا تتوفر بندقية مشاة حديثة بأقل من 900 دولار ويكلف بعضها اضعاف ذلك. وبالتالي، فإن تسليح ثلاثة مقاتلين ببنادق ورامي مدفع رشاش وحامل قاذفة آر بي جي يمكن أن يكلف القائد العسكري أكثر من 10 آلاف دولار عدا الذخيرة.

وكانت هناك عناصر مثيرة للاهتمام في هذه الخلطة، تسببت في رفع الأسعار حتى الى مستوى أعلى. فإن بندقية أم 16 الاميركية حاضرة في حرب سوريا الداخلية وهي تُستخدم بناظور في غالب الأحيان. وكانت اسعارها مرتفعة جدًا، من 5000 الى 7000 دولار للبندقية الواحدة ذات الناظور.

ويشير اقتران الناظور بهذه البندقية الى أن سرعتها ومسار طلقتها وسمعة أم 16 بكونها أدق من الكلاشنكوف، والى أنها تُستخدم بصورة محدودة كبنادق قنص. ولكن للسياق أهميته. وقال مقاتلون إن بندقية أم 16 ليست سلاحًا رئيسيًا.

واستهان القائد الميداني ابو حامد بقيمتها دون مواربة لا بسبب ادائها وانما لعدم توفر العتاد بامدادات يمكن الاعتماد عليها. وأوضح ابو حامد لصحيفة نيويورك تايمز قائلا: quot;كانت لدينا بنادق أم 16 ولكن لم تكن لدينا إلا 100 طلقة لها فأصبحت عديمة الفائدة ونحن الآن نستخدمها عصا نتكىء عليهاquot;.

ويبدو أن بنادق القنص من طراز دراغونوف أوسع تداولاً. وقال مقاتلون إنهم يحبونها لأسباب تتعلق بالامداد لا سيما وأن الذخيرة متوافقة مع ذخيرة المدفع الرشاش من من نوع بي كي لكنّ مقاتلين أكدوا صعوبة الحصول على هذه البنادق التي تتبدى في ما دفعوه لشرائها، من 1500 الى 5000 دولار للبندقية الواحدة. ولكن بعض المقاتلين لم يتعرفوا على هذه البنادق من اسمائها المستخدمة دوليا مثل أسي في دي أو دروغانوف ولم يميزوها إلا بعد أن شاهدوا تخطيطات للبندقية. وقال احد المقاتلين quot;آه، بريجنيفquot;.

وكان باحثون تابعوا في ليبيا العام الماضي حركة المنحنى المتسارعة من شح السلاح الى فيضه بين قوى المعارضة. فابتداء من اواخر الشتاء حتى اوائل الصيف كان السلاح شحيحًا حتى أن العديد من الليبيين كانوا يتوجهون الى الجبهة بلا سلاح مستعدين لأخذه من رفيق يسقط أو جندي يُقتل من جنود القذافي. وكانت الكلاشنكوف تكلف وقتذاك 2000 دولار أو اكثر، أي بقدر كلفتها على المقاتل السوري الآن.

ولكن بعد تغيّر ميزان القوى في النزاع من اجل السيطرة على ليبيا لصالح الثوار في الخريف الماضي كان كثير من المقاتلين يمتلكون اكثر من بندقية مع مدفع رشاش وقاذفة آر بي جي. وهبطت الأسعار هبوطًا حادًا حتى اصبحت الكلاشنكوف تباع مقابل أقل من 500 دولار. وأصبحت ليبيا ما بعد القذافي التي كانت طيلة أشهر quot;تتنفس اسلحةquot; سوقًا سوداء تصدر السلاح بكل اصنافه، على حد تعبير صحيفة نيويورك تايمز.

وأخذ قائد ميداني من ادلب بعد اجتماع يوم الجمعة صحافيي نيويورك تايمز بسيارته الى منزل يتقاسمه مع قائد عسكري آخر من حماة ومجموعة متغيّرة دائمًا من المقاتلين. وكان القائد العسكري الذي قدم نفسه باسم ابو حمزة رائدًا في الجيش السوري وقال انه يريد المزيد من السلاح ولكنه اعرب عن قلقه من أن ينتهي الوضع في نهاية المطاف الى الفوضى.

وشدد ابو حمزة على ضرورة quot;جمع هذا السلاحquot; في ما بعد. وأبدى ابو حمزة ثقة بآفاق الانتفاضة قائلاً إن الأسد راحل بلا ادنى شك. وقال لصحيفة نيويورك تايمز quot;نحن نراقب ولا نريد أن تكون سوريا مثل افغانستان أو الصومال أو ليبيا.

ونشرت صحيفة نيويورك تايمز مع تقريرها شريط فيديو قائلة إنه يصور معركة دارت على اطراف حماة. وتعرض بداية الشريط الدقائق الأخيرة لهجوم نفذه مقاتلون على مقر أمني في حمص. ويقدم الشريط المحرَّر بطريقة ابتدائية مشاهد متنوعة يقول منتج الشريط إنها من اشتباك وقع في منطقة سلقيم. ولاحظت صحيفة نيويورك تايمز أن مثل هذه الأشرطة القصيرة تكفي لتكوين فكرة عما يُستهلك من عتاد حتى في المناوشات المحدودة.

وقال مقاتل للصحيفة إن مواطنين اخذوا يبيعون سياراتهم أو حتى بيوتهم لجمع المال ومساعدة المقاتلين. ولكنه لفت الى quot;أن بامكان المرء أن يبيع بيته وقد يكون ذلك كافيًا لأن تخوض كتيبة ساعة أو ساعتين من القتال العنيفquot;.