لم يكن القرار الذي اتخذه مؤخراً الطيار السوري، أحمد طراد، بالانشقاق عن سلاح الجو السوري، ومن ثم لجوئه للأردن، قراراً وليد اللحظة، بل كان يخطط له منذ مطلع العام الجاري، لكنه كان يخشى تنفيذه، لإدراكه أن الأمور لن تكون سهلة ويسيرة.


القاهرة: كان الطيار السوري المنشق أحمد طراد يعلم أن قاعدته التي يوجد مقرها في دمشق مراقبة عن قرب، وكان متأكداً من أن هاتفه مراقب، وكان يشتبه في أن واحداً من بين كل ثلاثة من أصدقائه يتجسس لصالح الحكومة، طبقاً لما ذكرته بهذا الشأن صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

وقد تحدث طراد عن المعضلة التي يرى ومنشقون آخرون أنها تشكل العائق الأكبر أمام كل من يريد الخروج من عباءة النظام السوري لكنهم لا يجرؤون على ذلك حتى الآن، وهي المتعلقة بأمان عائلاتهم. فقال في هذا الصدد وهو جالس ومن حوله 15 من أفراد أسرته ممن لاذوا معه بالفرار الشهر الماضي لمدينة ألتينوزو الخلابة في جنوب تركيا ومعهم زوجته الحامل: quot; تعين عليّ أن أخرج كل أقربائي من البلادquot;.

وأكمل حديثه بالقول: quot;إن كنت تريد أن تنشق، فعليك أن تخطط للأمر جيداً، لأنه في غاية الصعوبةquot;. وأشارت الصحيفة من جهتها إلى أن هروب العائلة جاء تتويجاً لرحلة امتدت على مدار خمسة أشهر من الخداع والتآمر والشجاعة في نهاية المطاف وأظهرت التحديات التي واجهت عشرات الآلاف من الجنود الذين انشقوا بالفعل عن جيش بشار الأسد وربما بعض الأسباب التي منعت آخرين من الإقدام على ذلك.

ومع هذا، أكدت الصحيفة أن أياً من الانشقاقات التي تمت حتى الآن حظيت بقدر كاف من الأهمية فيما يتعلق بإمكانية تغييرها ميزان القوى في صراع سوريا المسلح على نحو متزايد، وإن نوهت إلى أنها تتسارع، وتساهم بذلك في حدوث تآكل تدريجي للقوات الأمنية يمكن أن يؤدي في النهاية إلى إضعاف قبضة الأسد على السلطة.

ثم أشارت إلى وصول رياح الانشقاقات هذه إلى قلب المؤسسة السورية، بتخلي السفير السوري لدى العراق عن منصبه الأسبوع الماضي، وكذلك هروب العميد مناف طلاس، الذي كان من أكثر المقربين للرئيس الأسد، في إشارة واضحة على حالة السخط الموجودة بين صفوف النخبة السنية التي لا تزال موالية لنظام الأسد العلوي.

ومع تزايد ارتكاز النظام على المروحيات المقاتلة لتأكيد سيطرته على المناطق التي باتت تخضع لسيطرة الثوار، بدأت تتزايد التساؤلات كذلك بشأن ولاء سلاح الجو، الذي ينتمي معظم طياريه للتيار السني. وقال طراد إنه علم بخبر انشقاق ثمانية آخرين من طياري المروحيات من العاملين في قاعدته في نفس الأسبوع الذي انشق فيه.

وتابع طراد حديثه بالقول quot; هناك عدداً ضخماً من الطيارين الذين أعلم أنهم يريدون أن ينشقوا. ورغم أن دور سلاح الجور كان يتم تهميشه في البداية، إلا أنه وبعد أن بدأ يشارك، بدأ يفكر كثيرون في إمكانية اتخاذ قرار بالانشقاق عن النظامquot;.

هذا ولم يتم التحقق من المعلومات التي ذكرها طراد، بشكل مستقل، نظراً للقيود المفروضة على التغطيات الصحافية والإعلامية في سوريا، لكنه قدّم بطاقات تظهر أنه عضو بالجيش وقام بتسجيل فيديو يستخدمه الجيش السوري الحر للإعلان عن الانشقاقات على موقع يوتيوب وذلك فور وصوله تركيا.

وأوضح طراد من جهته أنه بدأ يفكر في الأمر جدياً قبل بضعة أشهر نتيجة شعوره بحالة من عدم الارتياح جراء التكتيكات التي تنتهج ضد الثوار، مبيناً أنه لم يكن يشارك في الأعمال القتالية، وأن دوره كان منصباً على تسليم الذخائر ونقل الجنود الجرحى أو القتلى من ساحات القتال في جميع أنحاء البلاد.

وأكد أنه حسم موقفه خلال شهر شباط/ فبراير الماضي بعد الإهانة الشديدة التي تعرض لها نائب القائد الخاص به، وهو سني مثله، من جانب ضباط علويين، اتهموه بالتجسس لصالح إسرائيل والقاعدة، وأنه أدرك أن ذلك قد يحدث معهم ( كأفراد سنة في الجيش ) خلال أي مرحلة في المستقبل.