صورة نادرة تجمع بشار الأسد ومناف طلاس

تستمر التحليلات في أعقاب الاعلان عن انشقاق العميد المقرب من عائلة الرئيس السوري بشار الأسد مناف طلاس وذهب الكثير منها الى القول إن هذا الانشقاق يشكل بداية نهاية النظام السوري.


القاهرة : انهالت التحليلات السياسية في أعقاب الإعلان عن خبر انشقاق العميد مناف طلاس، الذي كان يعد من أكثر الأصدقاء قرباً للرئيس بشار الأسد، بدأت تتساءل تقارير صحافية عما إن كان هذا الانشقاق هو بداية النهاية للنظام السوري أم لا.

وفي هذا الصدد، قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية إن تلك الواقعة تسببت في إثارة عدد كبير من الأسئلة بشأن المسار الذي ستتخذه الانتفاضة السورية المستمرة منذ 16 شهراً، من بينها: هل هذه هي بداية النهاية لبشار؟ ومن الذي تتعرض قبضته على السلطة لتهديد على نحو متزايد نتيجة الثورة الشعبية المشتعلة هناك ؟

ومع هذا، رأت المجلة أن انشقاق طلاس هذا لا يشير إلى أن تصدعاً في الصفوف العليا للنظام السوري يبدو وشيكاً، رغم أن سفره لتركيا يعتبر أمراً مهماً من الناحية الرمزية، نظراً لتاريخ عائلة طلاس المعروفة بدعمها ومساندتها لعائلة الأسد سابقاً.

وأعقبت المجلة بتأكيدها أن عائلة طلاس مرتبطة، ربما أكثر من أي عائلة أخرى في سوريا، بصعود عائلة الأسد وارتقائها. ثم مضت تتحدث عن الدور الذي لعبه الأب، مصطفى، وهو quot;صانع الملوكquot; بالنسبة إلى حافظ الأسد وخصوصاً نجله بشار، عندما توليا الحكم عامي 1970 و 2000، على الترتيب. ونتيجة لدعمه الثابت والمتواصل، تم تعيينه في منصب وزير الدفاع عام 1972، وظل محتفظاً به طوال ثلاثين عاماً.

وباعتباره الشخصية السنية الأبرز في القيادة العليا للبلاد التي تهيمن عليها طائفة الأسد العلوية، فقد ساعد مصطفى طلاس الرئيس السابق حافظ الأسد على تكوين علاقات هامة مع بعض قطاعات المواطنين السنة في سوريا، الذين يشكلون 75 % من السكان.

وهي الخطوة التي تمخضت عن تكون تحالفات هامة مع طبقة رجال الأعمال وضباط الجيش السنة، ما ساعد على التأكد من ولائهم لنظام تحكمه أقلية وتشكيل تركيبة عسكرية تجارية كانت بمثابة الأساس بالنسبة لحكم الأسد. وفي غضون ذلك، بدأت تنمو ثروة وقوة العائلة بما يتناسب مع مكانتها في هرم نظام الحكم القائم في البلاد.

ثم أكدت المجلة أن ولاء مصطفى طلاس لحافظ الأسد لم يسبق وأن كان مثاراً للتساؤلات، وذلك نظراً لوضوح موقفه الداعم والمساند له في كثير من المواقف. كما كان يثق حافظ بصورة كبيرة للغاية بمصطفى، لدرجة أنه بدأ يعتمد عليه لمساعدته على إعداد نجله، بشار، لمنصب الرئيس بعد وفاة شقيقه، باسل، الوريث المفترض، في حادث سيارة عام 1994. ويتردد، وفقاً لرواية أحد المسؤولين السوريين الكبار، أن طلاس قام بتجميع جنرالات الجيش لتوجيههم لدعم بشار بعد وفاة والده.

ومع هذا، لم يبق مصطفى طويلاً في منصبه كوزير للدفاع بعد تنصيب بشار، حيث خرج من الوزارة في العام 2002، واختلفت حينها التفسيرات بين من قال إن بشار وقادة الجيل الشاب السوريين هم من أطاحوا به، وبين من قال إنه استقال من منصبه طواعيةً.

ورغم أن صورة مناف تبدو لشخص أكثر اهتماماً بنشاطاته الاجتماعية عن نشاطاته السياسية، إلا أن المجلة أكدت أنه شخصية جادة وواقعية، وأشارت إلى أنه وزوجته، تالا، يبدو أنهما ملتزمان على وجه الخصوص بمسألة التنوع الديني في سوريا.

وأعقبت المجلة بقولها إن التسامح بين الأديان كان من الأمور التي يؤمن بها مناف في واقع الأمر، وأنه كان يرغب في تطبيقها على أرض الواقع في سوريا. وربما جاء موقفه إزاء هذا الموضوع ليلقي الضوء على الأسباب التي دفعته لإنهاء علاقات أسرته الممتدة على مدار عقود طويلة مع عائلة الأسد. وختمت فورين بوليسي بتأكيدها على حقيقة هامة وهي أن انشقاق مناف، رغم استمرار غموض المكان الذي يتواجد فيه حالياً، جاء كذلك ليدعم الانطباع القائم بأن الانتفاضة وردة فعل النظام بدأت تنمو بشكل أكثر طائفية مع مرور الوقت ومع تصاعد حدة أعمال العنف هناك.