القاهرة: يتوجه حالياً أسطول روسي مكون من اثنتي عشرة سفينة حربية، مستمد من ثلاثة أساطيل بحرية، إلى الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط لإجراء مناورات، وسوف يتوقف في ميناء طرطوس السوري، حيث تشغل روسيا هناك قاعدة إمداد بحرية.

وقال مسؤولون روس إن ألعاب الحرب هذه تم التخطيط لها منذ فترة طويلة، وأنها وضعت لكافة الأغراض التقليدية لمثل هذه التدريبات، وإظهار العلم في الأساس بمناطق نائية في الكرة الأرضية.

لكن معلومة جديدة لم يكن يعلمها كثيرون أبرزتها صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية وهي أن ما يقرب من نصف السفن المتجهة إلى البحر الأبيض المتوسط من الأساطيل الروسية الموجودة في القطب الشمالي وبحر البلطيق والبحر الأسود يعتبر سفناً هجومية برمائية عملاقة الحجم.

ومضت الصحيفة تقول إن تلك النوعية من السفن تعتبر نوعية جيدة في ما يتعلق بنقل أعداد كبيرة من الأشخاص ( والدبابات )، وإدخالهم وإخراجهم من الأماكن محكمة الإغلاق.

وقال خبراء إن هذه أدلة قاطعة للغاية على أن الكرملين يتحضر على نحو نشط للضرورة القاتمة التي تبدو وشيكة أيضاً بشأن ترحيل عشرات الآلاف من المواطنين الروس وعائلاتهم من سوريا في الوقت الذي يتعرض فيه نظام الأسد لحالة انهيار.

وأوردت الصحيفة عن سيرجي ماركوف، نائب رئيس جامعة بليخانوف الاقتصادية في موسكو ويعمل كمستشار دائم للرئيس فلاديمير بوتين، قوله: quot;أنا متأكد تماماً من أن روسيا تفكر بشأن الطريقة التي يمكن التعامل من خلالها مع احتمالية ترحيل عشرات الآلاف من مواطنينا، وربما آخرين، من وضعية خطرة ومتقلبة في سورياquot;.

وتابع حديثه بالقول: quot;هذه تدريبات معد لها، والغرض من ورائها إظهار دعم روسيا للأسد، ودورها الهام في المنطقة، لكن ربما تغيّر مزيج السفن في الأسطول لعكس غرض يحتمل أن يكون أكثر واقعيةquot;.

ومن الجدير ذكره أن سوريا تعتبر شريكاً سياسياً وعسكرياً لموسكو منذ العام 1971، وترفض روسيا تماماً الرضوخ لأي قرارات دولية من شأنها إجازة التدخل العسكري أو فرض عقوبات مشددة ضد نظام الأسد.

لكن الصحيفة قالت إن روسيا ربما بدأت تستشعر خلال الأسابيع القليلة الماضية بزوال نظام الأسد الذي لا مفر منه، وأنها قررت تغيير موقفها لهذا السبب. وأعلنت روسيا هذا الأسبوع بأنها ستلغي صفقات سلاح جديدة مع سوريا. كما استضافت أول أمس وفداً من المجلس الوطني السوري، كجزء من محاولتها للظهور بصورة أكثر مرونة.

وتابعت الصحيفة بنقلها عن فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة quot;روسيا في الشؤون العالميةquot; الرائدة في تغطية السياسة الخارجية في العاصمة موسكو، قوله :quot;إن هناك تحولاً ما في الموقف الروسي، يمكن استشعاره من الموقف الدبلوماسي الذي يُتَّخَذ الآن بصورة أكثر فعالية. ويمكن القول إن روسيا متلهفة لتنويع خياراتهاquot;.

وتشير تقديرات إلى أن عدد المواطنين الروس المتواجدين في سوريا يقدر بحوالي 100 ألف، وذلك على الرغم من عدم وجود أرقام واضحة بهذا الخصوص. وأرجعت الصحيفة ذلك جزئياً إلى زواج آلاف الروسيات من رجال سوريين خلال الأربعين عاماً الماضية ndash; وتحديداً منذ أن أصبحت سوريا من الزبائن الرئيسيين للاتحاد السوفياتي.

وقال جورجي ميرسكي، الخبير في المعهد الرسمي للاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية في موسكو: quot;لا يعلم أحد العدد الحقيقي بالضبط، لكنّعدداً يتراوح بين 30 ألفاً و 40 ألفاً يعتبر تخميناً جيداً، معظمه سيدات روسيات، وزوجات لطلاب سوريين، انتقلن للعيش هناك على مدار العقود الماضية.

ولهذا السبب هناك كذلك أطفال، وعائلات أخرى. وهناك عدد صغير من المسؤولين الروس وعائلاتهم، إلى جانب مجموعة من الموظفين الذين يعملون في شركات روسية تمارس أعمالها من داخل سورياquot;.

وأشار خبراء إلى أن روسيا بدأت تتنبّه للأمر باهتمام عندما نجحت الصين في ترحيل أكثر من 30 ألفاً من مواطنيها خارج ليبيا أثناء فترة الثورة التي مرت بها خلال العام الماضي، باستخدام حاملة طائرات تابعة للبحرية الصينية لانجاز جزء من المهمة.