باتت الأصوات الليبرالية والمحافظة في الولايات المتحدة تفضّل الآن خيار التدخل العسكري في سوريا، وذلك إما نتيجة لرفضها حملة القتل الفظيعة، التي يشنّها بشار الأسد ضد المدنيين، أو لوجود فرصة إستراتيجية تعنى بتقويض أقوى الحلفاء العرب لإيران.


إجماع أميركي على أولوية الخيار العسكري في سوريا

أشرف أبوجلالة من القاهرة: هناك تآزر لافت بالفعل بين أهداف الولايات المتحدة الإنسانية والإستراتيجية في سوريا، قد يتسبب أي منهما في إطلاق عمل عسكري داخل البلاد. بيد أن النوايا الحسنة لا تصنع سياسة جيدة، على حسب ما أكدته مجلة فورين بوليسي الأميركية.

وتابعت المجلة بقولها إن الإطاحة بالأسد وإضعاف إيران ووقف أعمال القتل التي تمارسها الحكومة السورية... كلها أهداف جديرة بالثناء، وتستحق تدخل الولايات المتحدة، لكن اقتراح استخدام القوة العسكرية لتحقيق تلك الغايات لا بد وأن يقارن بأخطاره.

وأضافت المجلة quot;ربّما الدرس الوحيد المستفاد من السياسة الخارجية للولايات المتحدة على مدار العقد الماضي، هو ذلك المرتبط بأن التداعيات غير المقصودة للعمل العسكري المرتب له ترتيباً جيداً قد تكون كبيرة، وربما تفوق إنجازات خيارات السياسة النبيلةquot;.

ثم مضت المجلة تشير إلى وجود ثلاث مشاكل أساسية في ما يتعلق بالمقترحات الخاصة بالتدخل العسكري في سوريا، وتحدثت عنها باستفاضة كما هو مبين في النقاط الآتية:

1- الخطة الأبرز للتدخل في سوريا عسكرياً تنطوي على تدريب وتسليح الثوار، مع استخدام القوة الجوية لتكوين quot;مناطق آمنةquot; في شمال البلاد وشرقها، حيث يمكن للاجئين أن يجدوا ملاذاً آمناً، ويمكن للثوار أن يعاودوا التجمع والتدريب. بيد أن المجلة أشارت إلى أن تلك الفكرة غير مترابطة في الأساس، وذلك لأن إنشاء quot;مناطق آمنةquot; من غير المحتمل أن يحلّ الأزمة الإنسانية هناك، أو أن يقوّض نظام الأسد، لكنه سيشير إلى التزام سياسي تجاه التسوية العسكرية للصراع القائم في البلاد.

وأضافت المجلة أن quot;المناطق الآمنةquot; لن توقف التطهير الطائفي، كما إن التدخل العسكري ليس دواءً لمنع وقوع كارثة إنسانية، وأن الأسد قد يتعامل مع الهجوم على سوريا لإنشاء quot;مناطق آمنةquot;، باعتباره حملة لتدميره، وهو ما قد يدفعه إلى التصرف بصورة حادة للغاية، وبطريقة غير متوقعة، كرد فعل من جانبه على هذا الأمر. كما إن إنشاء تلك المناطق الآمنة لن يكون بالعملية اليسيرة أو السهلة، لا سيما بالنسبة إلى هؤلاء المواطنين السوريين الذين يعيشون بالقرب من منشآت الدفاع الجوي.

2- قد يكون التدخل العسكري في سوريا مفيداً في الإطاحة بالأسد، لكنه لن يسهّل من مهمة تكوين حكومة ثابتة بعد سقوط نظام الأسد، وذلك في الوقت الذي تهيمن فيه حالة من الانقسام على الأطراف الإقليمية، التي تدعم العمل الثوري ضد نظام الأسد، نتيجة للتحديات السياسية التي قد تواجه البلاد في مرحلة ما بعد الرئيس الأسد. وهي حال الثوار أنفسهم عينها المنقسمين كذلك بشأن العديد من الأمور ذات الصلة.

ونوهت المجلة أيضاً بأن احتمالية نشوب فوضى في البلاد عقب سقوط الأسد من ضمن الأسباب الرئيسة التي شددت على ضرورة أن تلتزم الولايات المتحدة بالحذر إزاء تزويد الثوار السوريين بالأسلحة. إضافة إلى استمرار مخاطر تزويدهم بالسلاح، وذلك بالاتساق مع ضرورة ألا تتخلى الولايات المتحدة عن تقديم الدعم إلى المسلحين.

3- كما إن النقاش العلني المحتدم بشأن خوض الحرب في سوريا يعني التفكير بجدية في العواقب غير المقصودة التي قد تحدث هناك. وهناك في سوريا تخوف من أمرين: أولهما أن تتولد الفرصة للجهاديين المنتمين إلى تنظيم القاعدة، وثانيهما زيادة احتمالات وصول مخزون سوريا من السلاح الكيميائي إلى حزب الله أو أي تنظيم جهادي آخر.

وتابعت المجلة بقولها إن هناك سياسة احتواء مرنة، تنطوي على ضرورة أن تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق خمسة أهداف في سوريا: التخلص من بشار الأسد، واحتواء الصراع الطائفي المتنامي في البلاد، وتقليص انتشار أسلحة سوريا الكيميائية والبيولوجية، والحد من انتشار جهاديي القاعدة، والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية.

وختمت فورين بوليسي بتنويهها ببضع نقاط، منها أن احتمالات الاستعانة بالقوة أو الدبلوماسية أو العقوبات (أو أية تركيبة من تلك الوسائل) لتحقيق تلك الأهداف على المدى القريب تعتبر احتمالات ضعيفة، وأن مجموعة الأدوات هذه من غير المحتمل أن تسفر عن نتائج جيدة في سوريا، وأن العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية من غير المحتمل أيضاً أن تنجح في سوريا، على المدى القريب على أقل تقدير، لكنه من غير الكافي أن يكون الخيار العسكري quot;ملاذًا أخيرًاquot; لجعله مستساغًا.