جانب من التظاهرات السلمية في يبرود

القاهرة: على عكس ما يحدث في مدن ومناطق عديدة في جميع أنحاء سوريا، حظيت مدينة يبرود (الواقعة في جنوب غرب البلاد) بوضعية مختلفة، نظراً لارتقاء علم الثورة عالياً هناك، في الوقت الذي ينزل فيه الآلاف كل أسبوع للشوارع من أجل التظاهر بشكل سلمي.

وهو الأمر الذي اهتمت بإبرازه اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية، بإشارتها إلى حرية الحركة والتعبير التي يتمتع بها الثوار هناك، دون أن يلجأوا إلى حمل السلاح.

وأعقبت بتأكيدها أن حكومة الرئيس بشار الأسد فقدت سيطرتها على تلك المدينة، وأنه على عكس حمص وحماة وأماكن أخرى لا تحصى أطلقت بها قوات الأسد هجمات عنيفة لإحكام قبضتها في ظل الانتفاضة المستمرة منذ 16 شهراً، تبدو يبرود راضخة لإرادة الثوار، ويبدو أن الثورة قد انتصرت هناك في الوقت الراهن على أقل تقدير.

ورغم الجهود التي ما زال يقوم بها الجيش لفرض سيطرته على يبرود، إلا أنه لم يفلح في ذلك. وقال ناشط مناهض للحكومة يدعى أبو محمد بعد رفضه الكشف عن باقي اسمه quot; تواجدوا هنا لبضعة أيام قليلة، لكنهم غادروا بعد ذلك. ولم تنشب هنا معركة كبرىquot;.

وتابعت الصحيفة بلفتها إلى أن يبرود باتت أشبه بواحة من الهدوء وسط صراع أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر رسمياً يوم أمس الأحد أنه تحول إلى حرب أهلية، تسببت بمقتل ما لا يقل عن 14 ألف شخص. وأضافت الصحيفة أن يبرود أضحت مكاناً يتحدث عن الحدود التي يتمتع بها الأسد إزاء الانتفاضة الشعبية التي تطالبه بالرحيل، وكذلك عن الآمال التي تحدو الناشطين الذين يعتقدون أن الانتفاضة قادرة على تحقيق أهدافها دون جرّ البلاد على نحو أعمق نحو مزيد من الصراع.

وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن مزارع يبرود الشاعرية وحياتها المدنية الصاخبة تتناقض تماماً مع جزء كبير من باقي مدن ومناطق البلاد، حيث تحولت الحرب لواقع يومي.

ونوهت أيضاً بأن الوضع مختلف في يبرود، لأنها وعلى عكس باقي المدن التي تخضع لسيطرة الثوار، لا توجد هناك قوات موالية للأسد تحاول أن تداهم المدينة وتطرد المقاتلين المناوئين للنظام وتذهب إلى أبواب المنازل وتحاول الانتقام من المعارضين.

وقال قائد ثوري محلي وهو ملازم منشق عن الجيش السوري: quot;الأمر هنا بسيط. إذ إن الجيش يخوض الحرب في حمص ودمشق. وليس بمقدورهم خوض الحرب أيضاً في يبرود. كما أن الثوار لا يريدون اندلاع معركة هنا كذلك، وهم يسعون لتجنب ذلكquot;.

وعزا الناشط أبو محمد حالة الهدوء التي تعيشها يبرود إلى النهج الأكثر تحفظاً الذي يتم التعامل من خلاله مع الثورة مقارنةً بذلك النهج الذي تسير عليه مدن سورية أخرى.

وتابع حديثه بالقول: quot;لقد اقتحموا العديد من المنازل، ومنزل والدي، وقاموا بسرقة وتكسير الأشياء. ونحن لم نرد من جانبنا بعنف. فنحن لا نريد جلب الحرب إلى هناquot;. وحين ألقي القبض قبل شهرين على ناشط بارز من المدينة، ردّ الجيش السوري الحر بخطف نجل أحد الجنرالات وتفاوض الطرفان بعدها لإجراء عملية تبادل.

ولفتت واشنطن بوست في هذا الإطار إلى أن قوات الجيش السوري الحر لا تحمل سلاحا صراحةً في يبرود، وأنه لا يوجد إلا في نقاط التفتيش التابعة للثوار حول المدينة. وقال هنا أبو محمد quot; لا نريد إحباط أو تخويف الناس في المدينة. فالحياة هنا عاديةquot;.

وبعدها مضت الصحيفة تشير إلى تيسير أحوال كثيرين في المدينة، التي تعتبر من أكثر المدن السورية ثراءً، وحيث تنتشر السيارات ماركة بورش ومرسيدس في شوارعها، وحيث يقوم كثير من المواطنين هناك بالسفر لدمشق إما للدراسة أو للعمل. وأنه ونتيجة لهذا السبب، يلتزم الناشطون وأفراد جيش الثوار بالحيطة والحذر.

كما لفتت الصحيفة إلى أن جزءًا من هدوء المدينة ربما يعود لطبيعتها الجغرافية، حيث توجد في وادٍ ضيق، وتحول التلال المرتفعة المحيطة دون استعانة الحكومة بعمليات إطلاق النار بشكل مباشر من الدبابات أو المدافع التي تلجأ اليها عادةً لقمع الثوار. كما أن المدينة تخدم كمركز لعلاج المقاتلين الذين يصابون في مدينة حمص القريبة، وتمر من خلالها الذخيرة وباقي المواد التي تأتي من لبنان حتى تصل دمشق.

وختمت الصحيفة بقولها إن الطريقة التي تتعامل من خلالها الحكومة مع الوضع في يبرود ربما كانت أيضاً نتيجة حسابات سياسية دقيقة. وقال أحد سكان المدينة من المسيحيين ويدعى جوستين quot; النظام يريدنا أن نخاف من المسلمين، لكني لا أخاف أشقائيquot;. بينما عبّر أبو محمد عن تمنياته ألا تأتي قوات الأسد للمدينة عما قريب.