شركة لوبي أميركية حاولت مساعدة النظام السوري

نشر على موقع ويكيليكس وثيقة تؤكد أن شركة اللوبي التي كانت وراء تقرير quot;وردة الصحراءquot; الذي نشرته مجلة فوغ عن سيدة سوريا الأولى، واصلت مساعدة النظام على تحسين صورته وتوقفت بعد العنف الذي اجتاح البلاد.


لندن: تبين وثيقة نُشرت على موقع ويكيليكس أن شركة اللوبي نفسها التي كانت وراء التقرير الذي نشرته مجلة فوغ عن أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، واصلت محاولتها مساعدة النظام السوري على تحسين صورته في الخارج، بعد شهرين على نشر ذلك التقرير سيئ التوقيت والسمعة، ثم توقفت عن المحاولة بعد العنف الذي اجتاح سوريا.

وبحسب الوثيقة فان quot;مكتب السيدة الأولى للجمهورية العربية السورية أسماء الأسدquot; تعاقد رسميا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 مع شركة براون لويد جيمس العالمية على منحها 5000 دولار شهريا مقابل المساعدة على طبخ التقرير الذي نُشر في عدد مجلة فوغ بتاريخ آذار (مارس) 2011. وأُزيل التقرير المتزلف الذي نُشر تحت عنوان quot;وردة الصحراءquot; من موقع مجلة فوغ بدافع الإحراج حين بدأ الأسد حملة البطش ضد الاحتجاجات السلمية في ذلك الشهر على وجه التحديد.

وتبين وثائق نُشرت على موقع قانون تسجيل وكلاء الأجانب الأميركي، أن عقد شركة براون لويد جيمس للعلاقات العامة مع نظام الأسد، الذي وقعه مايك هولتزمان شريك براون لويد جيمس، والمسؤول السوري فارس كلاس، انتهى في آذار (مارس) العام الماضي. وزعمت الشركة أن عملها بالنيابة عن أسرة الأسد انتهى في كانون الأول (ديسمبر) 2010.

ولكن شركة براون لويد جيمس أرسلت في ايار (مايو) 2011 مذكرة أخرى إلى كلاس والحكومة السورية، تقدم لهما مشورتها عن سبل تحسين صورة النظام واعتماد استراتيجية علاقات عامة أشد فاعلية في غمرة العنف المتفجر في سوريا. ونُشرت المذكرة على موقع ويكيليكس ضمن 2.4 مليون وثيقة تتعلق بسوريا.

وتقول الوثيقة المؤرخة في 19 ايار (مايو) 2011 في مستهلها: quot;يتضح من بيانات الحكومة الأميركية منذ بداية التظاهرات الشعبية في سوريا أن ادارة اوباما تريد بقاء القيادة في سورياquot;. وتلاحظ المذكرة أن الولايات المتحدة quot;بخلاف ردها على تظاهرات في بلدان أخرى في المنطقة لم ترفع مطالب بتغيير النظام في سوريا، ولا أي دعوات إلى التدخل العسكري بل كانت الانتقادات خرساء والغرض من العقوبات التأديبية - غير الموجهة إلى الرئيس الأسد مباشرة - تحذيريا أكثر منه أداة لإيذاء القيادةquot;.

وأُرسلت المذكرة بعد أيام فقط على اقتحام قوات النظام السوري مدينة بانياس ودخولها مدينتي حماة وحمص، حيث ارتُكبت مجازر بعد فترة وجيزة على ذلك. وقبل ثلاثة أيام على إرسال المذكرة، عُثر على جثث 20 مدنيا مقتولا في قبر ضحل في مدينة درعا. ودعا الرئيس باراك أوباما إلى تنحي الأسد في آب (اغسطس).

وتمضي المذكرة محذرة نظام الأسد من ان المزاج في واشنطن أخذ يتغير ضد النظام ، كما تؤكد التصريحات المتشددة لعضو مجلس الشيوخ جون كيري والتقارير النقدية بصورة متزايدة في الإعلام الأميركي. وتنبه شركة براون لويد جيمس أفراد أسرة الأسد إلى أنهم إذا لم يتحركوا بسرعة على جبهة العلاقات العامة، فإن النظام الأميركي قد ينقلب عليهم. ثم تطرح الشركة مجموعة توصيات تقترح فيها كيف يمكن لنظام الأسد أن يقدم أعمال العنف التي يرتكبها بصورة أفضل.

وجاء في المذكرة quot;ان القوة الناعمة مطلوبة لطمأنة الشعب السوري والرأي العام في الخارج إلى أن الإصلاح يجري على قدم وساق وأن المظالم المشروعة تُعالج وتؤخذ مأخذ الجد وأن أعمال سوريا تهدف في نهاية المطاف إلى اشاعة بيئة يمكن أن يتحقق فيها التغيير والتقدمquot;.

واقترحت الشركة على نظام الأسد تعيين شخصية ترتبط بها أجندة الإصلاح لإقناع السوريين والعالم الخارجي بأن التوجه الاصلاحي توجه quot;صادقquot;. وقالت إن quot;من شأن إعادة توجيه أنظار العالم الخارجي والسوريين نحو الإصلاح أن يوفر غطاء سياسيا للحكومة الأميركية المتعاطفة عموما ويجرد المنتقدين في الداخل والخارج من شرعيتهمquot;.

وذهبت شركة براون لويد جيمس، إلى حد التوصية بانخراط quot;السيدة الأولى أسماء الأسد في اللعبةquot; وقيامها بـ quot;جولة استماعquot; مع الرئيس والشروع في إجراء مقابلات صحافية لبناء quot;حجرة صدىquot; في الإعلام، تعزز الفكرة القائلة إن الأسد صاحب تفكير إصلاحي.

وكتبت الشركة في المذكرة quot;أن غياب شخصية عامة تكون شعبية وقادرة ومتناغمة مع آمال الشعب مثل صاحبة السيادة في مثل هذه اللحظة الدقيقة غياب ظاهر، وأن المفتاح يتمثل في إبداء قوة وتعاطف على الفورquot;.

كما توصي شركة اللوبي الأميركية بأن يكون النظام السوري أكثر جدية في احتواء التغطية الإعلامية السلبية وأصوات المعارضة السورية في العالم أو quot;سيل الانتقادات والأكاذيب اليوميquot; على حد تعبير المذكرة. وقالت شركة براون لويد جيمس لأسرة الأسد إن عليها ان تُنشئ جهازاً لرصد الإعلام الأميركي على مدار الساعة وتحدي أي مواقع quot;كاذبةquot; ثم ازالتها.

وعموما توصي المذكرة بأن يكون نظام الأسد ذكيا في توجيه رسائله وان يبدأ بمحاولة إقناع العالم ان النظام السوري نظام خيِّر ، وان اعمال القتل التي يرتكبها الجيش لا تحظى بموافقة رسمية وان الأزمة ليست خطيرة كما يظن المجتمع الدولي.

وجاء في المذكرة quot;أن جهودا يجب أن تُبذل للإيحاء بأن الوضع quot;طبيعيquot; على النقيض من الأنباء التي تصور سوريا على حافة الفوضىquot;.

وأشارت مجلة فورين بولسي إلى ان هولتزمان، شريك براون لويد جيمس، قال للمجلة إن عملهم الرسمي مع النظام السوري جاء في وقت كان كثيرون، بينهم الحكومة الأميركية، يعلقون آمالا عريضة على الانفتاح في سوريا. وأضاف هولتزمان أن مذكرة ايار (مايو) 2012 كانت محاولة quot;أخيرةquot; لتشجيع التوصل إلى quot;مآل سلمي بدلا من العنفquot;.

وقال هولتزمان لمجلة فورين بولسي، إن شركة براون لويد جيمس لم تتقاض أجراً عن كتابة المذكرة وان الشركة لم تقم بأي عمل لحساب النظام منذ ذلك الحين. وأكد أنه صاغ المذكرة كمحاولة لحمل نظام الأسد quot;على تحسين سلوكهquot;.

وقال هولتزمان إن الشركة لاحظت ان النظام السوري إذا كان جادا في توجهه الاصلاحي فان عليه تقديم هذا التوجه إلى العالم بصورة اشد فاعلية quot;وأوصينا بأن تبدأ سوريا إشراك عائلات وشباب في هذه الاصلاحاتquot;. واضاف quot;للأسف ان نصيحتنا قوبلت بالتجاهل ودورنا في البلد انتهى قبل دخول العقوبات الاميركية الجديدة في حيز التنفيذquot;.