تمول وزارة الخارجية الأميركية مشروعا ينفذ في ألمانيا بمشاركة 40 شخصية سورية معارضة للتخطيط لشكل نظام الحكم في سوريا ما بعد إسقاط النظام الحالي.


يشارك منذ ستة أشهر 40 من كبار ممثلي فصائل المعارضة السورية على اختلافها في فعاليات تستضيفها المانيا بعيدا عن الأضواء برعاية معهد السلام الاميركي لتخطيط شكل الحكم في سوريا بعد الرئيس بشار الأسد.

ويكتسب المشروع الذي ليس لمسؤولي الحكومة الاميركية دور مباشر فيه ولكنه ممول من وزارة الخارجية الاميركية الى جانب اطراف أخرى ، وجاهة متزايدة هذا الشهر بعد خروج النزاع السوري عن السيطرة وتلاشي فرص نقل السلطة بالطرق السلمية. وأطلع الأكاديمي المختص بالشؤون السورية في معهد السلام الاميركي ستيفن هايدمان ، رئيس المشروع ، مسؤولي الادارة في واشنطن على مشروعه فضلا عن اطلاع مسؤولين اجانب ، تحدث لهم بشأنه على هامش مؤتمر اصدقاء سوريا الذي عُقد في اسطنبول الشهر الماضي.

سوريون مسيحيون يهنئون المسلمين بمناسبة شهر رمضان

وأُطلق على المشروع أسم quot;اليوم التالي: دعم الانتقال الديمقراطي في سورياquot;. وتحدث هايدمان عن المشروع لأول مرة لمجلة فورين بولسي الاميركية واصفا جهود معهد السلام الاميركي بأنها quot;العمل بدور مساند مع طائفة واسعة من فصائل المعارضة لتحديد معالم عملية انتقالية في سوريا ما بعد الأسدquot;.

ويلتقي قادة المعارضة السورية المشاركون في المشروع منذ كانون الثاني/يناير ويقدمون تقارير منتظمة عن مستجداته الى الجامعة العربية ومجموعة اصدقاء سوريا وفريق المبعوث الدولي الخاص كوفي انان والمجلس الوطني السوري.

وتتركز جهود المشاركين على تطوير خطط ملموسة للمرحلة التي تلي انهيار النظام مباشرة من اجل تطويق مخاطر الفوضى الادارية والأمنية والاقتصادية. كما حدد المشروع خطوات يمكن اتخاذها قبل ذلك استعدادا لمرحلة ما بعد الأسد.

وقال هايدمان لمجلة فورين بولسي ان المشروع quot;نُظم على أُسس منهجية ، بما في ذلك اصلاح الجهاز الأمني ، وقدمنا دعما تقنيا للمشاركين في مشروعنا من المعارضة السورية ، وحدد السوريون أولويات للأشياء التي يتعين تنفيذها الآنquot;.

وشدد هايدمان على ان دور معهد السلام الاميركي يتمثل بتقديم التسهيلات والتنسيق ، quot;وان السوريين هم الذين يأخذون موقع الصدارة في هذا الشأنquot;.

ويعتزم معهد السلام الاميركي نشر تقرير عن المشروع في الأسابيع المقبلة سيكون بمثابة وثيقة لاستراتيجية الانتقال تعتمدها الحكومة الجديدة.

وستكون الخطوة التالية اقامة شبكة لدعم الانتقال quot;تبدأ تنفيذ التوصيات الخاصة بما يتطلب عمله الآنquot;.

وبالاضافة الى اصلاح القطاع الأمني اعد المشروع خططا لاصلاح القضاء واطارا لدور المعارضة المسلحة في سوريا ما بعد الأسد. وتهدف هذه الخطط الى الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية التي يمكن نقلها الى المرحلة الجديدة والاستعداد لاصلاح الأخرى. وعلى سبيل المثال ان اقساما كبيرة من النظام القضائي السوري يمكن الحفاظ عليها ونقلها الى المرحلة الجديدة.

وتقدَّم المشروع بمقترحات تجديدية هدفها الحد من فوضى عملية الانتقال بعد رحيل الأسد. ومن الأمثلة التي اوردها رئيس المشروع هايدمان فكرة الفرق القضائية المتنقلة التي يمكن ان تُستخدم للنظر بسرعة في الملفات والافراج عن المعتقلين بعد سقوط النظام.

حتى الأطفال كانوا ضحايا لنظام الأسد

كما حاول المشروع ان يحدد كوادر النظام الذين قد يكونون قادرين على القيام بدور فاعل في المرحلة التي تعقب سقوط الأسد مباشرة.

وقال هايدمان لمجلة فورين بولسي ان هناك تفاهما واضحا بين السوريين المشاركين في المشروع على ان الانتقال لا يعني كنس الاطار السياسي والقضائي السوري برمته. واضاف quot;نحن عرفنا الكثير عن المشاركين وبالتالي نستطيع في الواقع ان نبدأ عملية تدقيق ابتدائية جداquot;.

وحرص المشروع الذي يرعاه معهد السلام الاميركي على تجنب العمل من اجل اسقاط نظام الأسد. وقال هايدمان quot;ابتعدنا بقصد عن المساهمة في الاطاحة المباشرة بنظام الأسد. فان مشروعنا يُسمى quot;اليوم التاليquot; وهناك جماعات أخرى تعمل من أجل اليوم الذي يسبقهquot;.

وتولت وزارة الخارجية الأميركية تمويل المشروع لكنه تلقى تمويلا من وزارة الخارجية السويسرية ايضا الى جانب منظمات غير حكومية هولندية ونرويجية. ويتعاون معهد السلام الاميركي مع معهد الشؤون الدولية الالماني ولهذا السبب تُعقد جميع الاجتماعات في برلين.

وكان غياب مسؤولين من ادارة اوباما في هذه الاجتماعات حتى كمراقبين ، متعمدا. وفي هذا الشأن نقلت مجلة فورين بولسي عن هايدمان quot;ان هذا وضع سيكون للدور الاميركي الظاهر ظهورا واضحا فيه مردود عكسي جدا ومن شأنه ان يمنح نظام الأسد وعناصر في المعارضة ذريعة لنزع الشرعية عن العمليةquot;.

وقال هايدمان ايضا ان المجموعات التي تعمل خارج التيار الرئيسي للمعارضة لا تمت بصلة الى المشروع رغم ان المشاركين يفترضون ان السياسة الاسلامية ستكون عنصرا مهما في أي نظام سياسي سوري يُقام في المستقبل.

والفكرة من المشروع هي ليس التنبؤ بسقوط نظام الأسد أو كيف يسقط أو متى يسقط بل عمل كل ما يمكن عمله وبأكبر قدر ممكن من الهدوء بهدف الاستعداد لكل الاحتمالات.

وقال هايدمان quot;ان انهيار النظام يطرح جملة تحديات والانتقال عن طريق المفاوضات يطرح تحديات أخرى. وحتى إذا لم نكن متأكدين من حدوث انتقال سيكون من اللامسؤول الى حد بعيد ألا يجري الاستعداد لحدوث انتقالquot;. واضاف هايدمان quot;نحن نوفر للمعارضة فرصة من أجل ان تعبر المعارضة نفسها عن قدرتها على الاضطلاع بهذا العمل ، الأمر الذي يتسم في الواقع بأهمية بالغةquot;.