على الرغم من المجتمع المحافظ الذي تعيش فيه المبتعثة السعودية والمحاضرة في جامعة أم القرى امل محمد بنونه، إلا انها كسرت كل الخطوط الحمراء من أجل الطفل والطفولة، وقامت على دراسة بحثية تخص الأسئلة الجنسية التي يسألها ويستفسر عنها الطفل في محيط مجتمعه خاصة الأسرة والمدرسة.
أظهرت دراسة بحثية قامت بها المحاضرة في جامعة أم القرى أم بنونه، أن91%من الآباء والأمهات والمعلمين السعوديين يطالبون بإلزامية تدريس التربية الجنسية ضمن المناهج الدراسية في السعودية. والجدير بالذكر أن البحث حاز على أفضل دراسة ضمن المؤتمر البريطاني للباحثين التربويين، ولأهميته في العالمين الغربي والعربي وسيتم عرض نتائجه قريبًا في أكبر مؤتمر دولي للطفولة المبكرة في دولة البرتغال.
فلماذا هذه الدراسة جذبت المجتمع الغربي لها؟ ولماذا ستعرض نتائجها في دولة البرتغال؟ ولماذا تميزت وحازت على أفضل دراسة في مؤتمر الباحثين التربويين في بريطانيا؟ وماهي الصعوبات التي واجهتها هذا ما سنتعر ف عليه من خلال لقائنا بالمدربة والمستشارة التربوية في دراسات الطفولة والمحاضرة في جامعة أم القرى امل بنونه.
الدراسة اثبتت أهمية إدراج التربية الجنسية في المناهج |
تحدثت بنونه عن الهدف من هذه الدراسة وقالت: لقد أثبتت الدراسات التربوية
أن الأطفال ما بين عمر 3 الى 8 سنوات تكثر لديهم الأسئلة والفضول لمعرفة واستكشاف انفسهم والعالم المحيط بهم ومن تلك الاسئلة ما يضع الكبار في موقف محرج خاصة الأسئلة المتعلقة بالجنس والنوع، ومن هنا يعاني بعض الآباء والمعلمين من الحرج والحيرة في أن يجيب على السؤال أم يتجنبه؟ والخوف من تبعات الإجابة سلبيًا، وأضافت:quot;بما أننا اليوم في عصر العولمة والانفتاح العلمي نجد الكثير من المشكلات المتعلقة بالجانب الجنسي والتساؤلات،ما دفعني للتفكير مليًا بأن أناقش هذه المسألة ضمن إطار إسلامي يحترم الحياة الجنسية الفطرية لجميع الأفراد، وفعلاً قمت على الدراسة البحثية والتي تعتبر كجزء اساسي للحصول على درجة الماجستير في دراسات الطفولة المبكرة في كلية التربية في جامعة هال في المملكة المتحدة البريطانية.
وتكمل أمل quot;حقيقة أردت معرفة موقف الوالدين والمعلمين من تقديم التربية الجنسية
المبكرة للأطفال من عمر 3 الى 8 سنوات ومدى اهمية تقديمها في النظام التعليمي للمملكة العربية السعودية ومعرفة الصعوبات التي تواجه الوالدين والمعلمين من الاطفال في هذا الجانب والذي ينعكس بدوره على نمو الطفل الجسدي والنفسي والاجتماعيquot;.
كما أوضحت بأنها استهدفت شريحة مؤثرة ولها دور كبير في حياة الطفل وهي الأمهات والآباء والمعلمون، وتم تجميع البيانات الكمية والنوعية للدراسة من مدينتي الرياض وجدة في السعودية، وذلك من خلال تقديم 500 استبانة على الوالدين واجراء المقابلات مع 63 معلمة في رياض الأطفال والصفوف الأولية ومع المختصين في مجالات متعددة منها النفسي, والاجتماعي والتعليمي.
وتكمل امل بنونه أن نتائج هذه الدراسة في البداية كانت واقعية ضمن مجتمع يخشى الحديث عن الحياة الجنسية للأطفال كالسعودية، فقد تبين أن 78 % من الآباء يواجهون صعوبة في اجابة اسئلة اطفالهم المتعلقة بالجنس والفروقات بين الجنسين و 74 % من الآباء يجدون احراجًا كبيرًا بالتحدث في هذه المواضيع،فيلجأون الى تجاهل سؤال الطفل وتغيير محور الحديث الى موضوع آخر.
تجد العائلة إحراجًا في الإجابة على أسئلة الأطفال |
مستغربة وموضحة في الدراسة أن الدين الإسلامي ناقش ادق التفاصيل المتعلقة بالتربية الجنسية للحفاظ على المسلم سواء كان طفلاً ام بالغًا، وتبين أن هناك عوامل كثيرة كانت سببًا في تجاهل الآباء والأمهات والمعلمين للأسئلة.
وتضيف آسفة quot;بأن أهم العوامل هو نقص المعرفة والمعلومات المناسبة المقدمة للأطفال بحسب أعمارهم وحصل هذا العامل على 49% من النتائج. و 98 % من المشاركين في الشريحة ابدوا قلقهم من العولمة والعلم في العصر الحالي، والذي يحتوي على مشاهد تعود بالسلب على الطفل والمجتمع، وطالبوا بحضور دورات تربوية تدريبية في التربية الجنسية للأبناءquot;.
ولكن ما أثار إعجاب بنونه هو أن 91% من الآباء والأمهات وجميع المعلمين المشاركين في الشريحة يناشدون بادخال بعض المواضيع الجنسية المتدرجة في المنهج الدراسي بصورة الزامية ابتداء من مرحلة رياض الاطفال حتى تكون حماية لأبنائهم من الاستغلال والتحرش.
تخبرنا بنونه أن التوصيات المقترحة من هذه الدراسة هي تقديم دورات تربوية للمعلمين والمعلمات والآباء والأمهات في التربية الجنسية، وكيفية مواجهة اسئلة الطفل بكل ثقة حسب اختلاف الفئة العمرية. وتؤكد بنونه بأن الدراسة اوصت أيضا بادخال بعض المواضيع في المناهج الدراسية المتعلقة بالتربية الجنسية بمسمى تربية الحياة السرية احترامًا للعادات والتقاليد للمجتمع السعودي
أما بالنسبة للصعوبات التي واجهتها اثناء إجرائها هذه الدراسة تقول: لا توجد
صعوبات تذكر إلا انه كان يوجد خلط بين مفهوم التربية الجنسية والثقافة الجنسية،
التي تكون مقدمة للبالغين فقط وهذا اكبر سبب في تجاهل المجتمع بالحديث عن هذه المواضيع فالتربية الجنسية هي تهذيب للغريزة والسلوك ووقاية للفرد والمجتمع صحيًا واجتماعيًا ونفسيًا وتقدم لجميع المراحل العمرية. كما تؤكد أنه لم تكن هناك أي صعوبات من الآباء والأمهات والمعلمين ايضاquot;.
وتضيف quot;لقد كان لتعاون إدارة التربية والتعليم في السعودية وقسم ادارة البعثات في جامعة ام القرى دور رائع من إهتمام وترحيب بالموضوع وذلك لما له من اهمية في حل الكثير من المشكلات التي يعاني منها ابناؤنا ومجتمعنا. وبعد اطلاع قسم التخطيط والتطوير للدراسات البحثية على اهداف الدراسة واسئلة الاستبيانات والمقابلات تم اعتمادهاquot;
ونكمل مع بنونه ونسألها عن ردة فعل مشرفيها في الجامعة خاصة وانها من مجتمع محافظ؟ وكيف كان تعاون الجامعة معها فتقول: حقيقة قبل الابتعاث قدمت دورات تدريبية في مجال التربية الجنسية واكتشفت ان اكثر المشكلات الزوجية ومشكلات المراهقين يعود سببه لقلة الوعي الجنسي وضعف التواصل بين الأسرة واطفالها. لذا أردت عرض الفكرة مجدداً كدراسة في جامعة هال البريطانية، وقد ابدوا الترحيب ولكن اكتشفت أن لديهم فكرًا خاطئًا عن التربية الجنسية في الإسلام وانها تعتبر من المحرمات! وهنا قمت على نقاش الموضوع بابعاد مختلفة واثبات بأن التربية الجنسية المقدمة في المجتمعات الغربية تدعو الى اقامة العلاقات وهذا ما سبب الكثير من المشكلات في المجتمع الغربي بينما الدين الإسلامي يقدمها بطريقة مهذبة تدعو الى حماية الفرد من كثير من المشكلات. وهذا ما أذهل المشرفين من خلال النتائج وهذا ما جعل البحث يحصل على التميز العلمي في جامعة هال في المملكة المتحدة.
وتضيف بأن الدراسة تمت مناقشتها في المؤتمر البريطاني للباحثين التربويين وقد حاز على افضل بحث في المؤتمر أيضا وستعرض النتائج في اكبر مؤتمر دولي للطفولة
.المبكرة في دولة البرتغال خلال الأيام المقبلة.
أما عن الأسئلة الجنسية الرائجة لدى الطفل السعودي تقول بنونه أنه لا توجد اسئلة يختص بها مجتمع عن آخر لأن اسئلة الاطفال في هذه السن فطرية وتتشابه نوعًا ما بسبب النمو المعرفي , الجسمي والجنسي للطفل. ولكن اغلب اسئلة الأطفال تدور حول ماهي الفروقات بين الجنسين؟
من اين يأتي الاطفال؟ كيف يتكون الجنين؟ وعدم سؤال الطفل اشارة كبيرة للفجوة بين الوالدين والطفل. لذلك من الأفضل التقرب من الطفل والحوار والنقاش وتقديم المعلومة الصحيحة قبل أن يكتسبها من الآخرين وقد تكون خاطئة فيكون الخطر.
ثم سألناها عن مرجعية الطفل السعودي لثقافته الجنسية، فأجابت يقتبس الأطفال عادة ثقافتهم من والديهم ومحيطهم ثم من المدرسة والمجتمع بما يحتويه من العلم الذي قد يكون بعض منه سلبياً. ومن هناتشدد على اهمية التواصل السليم داخل العائلة فإذا كان مبنيًا على الحوار وتنمية التفكير النقدي لدى الطفل بطريقة ايجابية يكون لدى الطفل حصن منيع من أي ثقافة مخالفة لمجتمعه ودينه.
وتعتبر المستشارة أمل بأن الصراحة في المواضيع الجنسية مهمة جدًا، حيث يكتشف الآباء من خلالها تفكير ابنائهم والمشكلات التي قد تعرضوا لها وحمايتهم في المستقبل. وحرصت بنونه على أن يكون الحديث فيه احترام لخصوصية الطفل وعدم الاستهانة بالسؤال أو الضحكما يدعم الثقة بينه وبين الوالدين. وعلى أن تكون الإجابة على السؤال وفقاً للفئة العمرية للطفل فالإجابات تتدرج حسب عمر الطفل وهذا مهم جداً. وتضيف:quot; لابد أن نتذكر بأننا نعد ابناءنا لتكوين أسر سليمة في المستقبل خالية من المشكلات المختلفةquot;.
التعليقات