السيارات المفخخةما زالت ترعب العراقيين

رغم حالة الهدوء النسبي التي يمر فيها العراق في بعض الأوقات، إلا أن التفجيرات التي تقع بين الحين والآخرما زالت ترعب العراقيين، وتؤكد لهم أن بلدهمما زال بعيدًا عن الأمان.


التاجي: يجلس الطفل محمد فوق انقاض منزله الذي فجرته سيارة مفخخة صباح الاثنين شمال بغداد، متأملاً بقايا غرفته، فيما يبحث والداه كل من جهة عن مأوى جديد يقيهم على الاقل حر الشمس.
ونجا محمد (11 عامًا) وأسرته بأعجوبة من التفجير الذي وقع على مسافة خمسة امتار من منزلهم الفقير في التاجي (25 كلم شمال بغداد) الذي يعود بناؤه الى خمسين سنة، بعد أن اكتشف والداه السيارة وتمكنوا من الفرار قبل أن تنفجر بهم.

ويقول محمد لوكالة فرانس برس وقد وضع منشفة على رأسه والعرق يتصبب من جبينه: quot;والدي ذهب شمالاً ووالدتي توجهت جنوبًا بحثًا عن مأوى جديد ننتقل اليهquot;.
وانهار منزل عائلة محمد بشكل كامل، وتهاوت جدرانه المتقادمة اصلاً وتطايرت سقوفه الى مسافات، فيما ظلت حاجات المنزل متبعثرة بين الانقاض وقد طال التدمير معظمها.

ويضيف محمد: quot;علي أن ابقى هنا لأحرس ما تبقى من منزلنا حتى يعود والدايquot;.
ويروي بحزن عميق يغيّر من ملامح وجهه لحظات التفجير quot;كنت نائمًا واذا بوالدي يرفعني من فراشي وهو يصرخ بصوت عال: انهض بسرعة وساعد اخوتك الصغار، هناك سيارة مفخخةquot;.

ويضيف وهو يحاول العثور على ألعاب اشقائه الصغار: quot;قمت بحمل شقيقتي الصغيرة وعمرها اربع سنوات، ورأيت كل الناس تهرب بعيدًا عن السيارة، وما هي الا لحظات وانفجرت، مخلفة شعلة نار كبيرة، وبدا الحطام يتساقط فوق رؤوسناquot;.
ويقول محمد إن quot;المشهد كان مرعبًا جدًا واخوتي الصغار بدأوا يصرخون من الخوف وكانت صدمة كبيرة حيث ايقظناهم من النوم واذا بهم يشاهدون هذا المشهد المرعب الذي رافقه صوت رهيب لم نسمعه من قبل في حياتناquot;.

يأمل العراقيون أن يستتب الأمن في بلدهم وينتهي عصر التفجيرات

ونقل والد محمد اولاده الصغار الثلاثة الى منزل قريب له الى حين العثور على مأوى جديد.
وتقطعت اسلاك الكهرباء بشكل كامل في المنطقة إثر التفجير فيما انكسر انبوب المياه الرئيسي، وتحطم احد المولدات الكهربائية التي تزود المنطقة بالكهرباء حيث اصبحت الحياة مستحيلة مع تصاعد درجات الحرارة الى ما فوق الخمسين درجة.

ورغم الدمار الذي حل بمنزل محمد، الا أنه يفضل العيش على انقاض منزله بدلاً من الانتقال الى مكان غريب آخر.
ويقول: quot;ولدت هنا وترعرعت هنا، واصدقائي ومدرستي هنا، ولا احب الانتقال الى مكان آخر، لكن هذا التفجير يجبرنا على ذلكquot;.

وقتلت في التفجير امرأة وحفيدتها التي تبلغ من العمر يومين اثناء محاولة الفرار، فيما قتل شرطي كان يحاول تحذير السكان من السيارة المفخخة.
والمنطقة التي حدث فيها التفجير عبارة عن مجمع سكني صغير جداً يضم مجموعة من المنازل القديمة التي بنيت في خمسينات القرن الماضي، وهي تابعة لموظفين يعملون في السكك الحديدية.

وأتى التفجير على عشرة منازل بالكامل.
والى جانب محمد، تقف عدد من النسوة في دهشة من أمرهن، وتقول احداهن واسمها ام علي: quot;الى أين نذهب، لا نملك المال لاستئجار منزل آخر، وليس لدينا المال لاعادة بناء منزلناquot;.
وتضيف وبدت عليها علامات التعب اثناء فترة الصيام: quot;كل ما سنفعله هو الجلوس وانتظار رحمة اللهquot;.

ولم يزر المنطقة المنكوبة أي مسوؤل، حتى المسؤول المحلي في التاجي، بحسب السكان الذين ابدوا غضبهم من ذلك.
ويقول وليد محمد وهو سائق حافلة صغيرة أتى عليها الانفجار بالكامل: quot;لقد فقدت مصدر رزقي ومنزلي في آن واحدquot;.

ويضيف هذا الشاب المنهمك باصلاح ما يمكن اصلاحه في منزله المدمر أنه quot;لامر مؤلم أن يتجاهلك المسؤولون في الدولة وأنت تتعرض الى مثل هذه النكبةquot;.
وتابع: quot;نريد مسؤولاً أو نائبًا برلمانيًا من الذين انتخبناهم أن يمر علينا ويرى بعينه حجم النكبة التي حلت بناquot;.
وقتل في التاجي في سلسلة تفجيرات الاثنين 42 شخصاً على الاقل من بين 108 اشخاص لقوا حتفهم في انحاء العراق في اكثر الايام دموية منذ ايار/مايو 2010، وذلك في استمرار لاعمال العنف التي تمزق البلاد منذ أن اجتاحتها القوات الاميركية عام 2003.