اوغلو في كركوك يستلم هدية من رئيس مجلس محافظتها

تتواصل ردود الأفعال المنتقدة لزيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى إقليم كردستان، ويرى مراقبون أن الزيارة هي إهانة لبغداد ولحكومتها المركزية، لعدم إشعار كردستانلبغدادبهذه الزيارة. وبحسب المراقبين، فإن أوغلو سعى من خلال هذه الزيارة الى منع انتقال مقاتلي حزب العمال الكردستاني إلى سوريا، إلا أن خطوته جاءت متأخرة.


اعرب مراقبون وكتّاب عراقيون عن أسفهم للعلاقة التي تتردى بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان، والتي سمحت لوزير خارجية التركي بدخول العراق من البوابة الكردستانية دون إذن من الدولة المركزية، وعدوا ذلك ابتعادًا عن الاخلاق السياسية والوظيفية والادارية والحكومية ، مشيرين الى أن تركيا ارسلت وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو بصورة عاجلة من اجل منع حزب العمال الكردستاني من الذهاب الى سوريا والقتال هناك ليكون في ما بعد خنجرًا في الخاصرة التركية، لكن الزيارة جاءت متأخرة كون جنود حزب العمال ذهبوا الى سوريا جميعًا، حسب اعتقاد العراقيين.
واستغرب المراقبون في الوقت ذاته الموقف الكردي من زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى مدينة كركوك في 8 آذار / مارس الماضي حيث انتقد الاكراد الزيارة ووصفوها بالمستفزة ، معتقدين أن زيارة اوغلو هي مقترح كردي لاستفزاز المالكي أو اهانة للحكومة العراقية، فيما اشار بعض من لديهم اطلاع ومتابعة quot;أن زيارة اوغلو كانت تتركز على قضية واحدة هي منع تدفق مقاتلي حزب العمال الكردستاني الى سوريا وانشاء اقليم كردي فيها ، لكن سعي الوزير التركي خاب لأن المقاتلين الاكراد تدفقوا ، وعليه فإن اوغلو لكي يتستر على فشله قام بزيارة كركوك ليخلق مشكلة تبعد الانظار عن خيبتهquot;.
خلافات لا يحكمها قانون
ويقول الخبير القانوني طارق حرب إن قضية هذه الخلافات بدأت هذه في شهر نيسان quot;إبريلquot; من العام 2003 وأضاف:quot; المسألة لا يحكمها قانون ولا دستور وإنما تحكمها رغبة وارادة ومشيئة ، فلا يوجود تفسير وإنما تأويل ، فالنص الدستوري ، كل منهم يفسره على هواه ، بما يوافق مصالحه ، ما يتفق مع مقاصده ، وهذه هي المشكلة التي نعاني منها quot;.
وأضاف:quot; كان الاولى حتى بمحافظ كركوك أن لا يستقبل داود اوغلو ما لم يهاتف وزير الدولة لشؤون المحافظات على الاقل ،والمقصود هناالإشعار، والإخبار وليس مجرد الموافقة، ولكن نحن لا نتقيد بقانون وثانيًا ابتعدنا عن الاخلاق ، اخلاق سياسية سمها أو اخلاق وظيفية او ادارية او حكومية، ففي اميركا والدول الأخرى كلها هناك اخلاق وظيفة تفرض حدًا معينًا من التصرف للموظف العمومي بصرف النظر عن درجته، وهذا الذي نجده هنا، والا هل تعتقد أن (الفيزا) أو تأشيرة الدخول تمنح من غير الدول فقط ، خذ مثلاً ولاية كاليفورنيا التي هي اكثر مساحة من العراق واكثر واردات واكثر سكانًا ، هل تستطيع أن تعطي فيزا لمكسيكي واحد ؟ خذ ولاية الاسكا ، واميركا من أرقى الدول ديمقراطية وفيدرالية وارقى الدول في توزيع الاختصاصات ، وكل يعرف عمله ، فالاسكا ولاية اميركية ولكن تفصلها عن الولايات المتحدة الاميركية كندا ، الدولة الكبيرة مساحة وسكانًا، الاسكا لا تستطيع تصدير نفط ولا تستقبل زائرًا اجنبيًا إن لم توافق الحكومة الاميركية ولا تستطيع أن تفتح منفذًا مع كندا ما لم تقرر الادارة الاميركية ذلك ، ولا تمنح سمة دخول لأية جهة ، الا نحن في العراق.. نحن نعيش في فوضى ، نعم .. نحن مع اللامركزية ومع الفيدرالية التي تحمل الحقوق مع الالتزامات quot;.
واضاف : زيارة اوغلو لاربيل فاشلة ، فشلها يكمن في التالي ، أن اوغلو زار اربيل بهدف الضغط على بارزاني لمنع حزب العمال الكردستاني من التحرك من شمال العراق الى المحافظات الكردية السورية ، في حين أن حزب العمال الكردستاني ذهب كل مقاتليه الى المحافظات السورية ، يعني .. من يذهب الى خارج السليمانية ، ويطلع على معسكرات حزب العمال (به كه كه) يجد أن هذه المعسكرات ليس فيها غير الاطفال والنساء والمرضى بينما المقاتلون جميعهم ذهبوا ، اذن زيارة اوغلو لم تحقق شيئًا لأنها جاءت في غير وقتها، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أن لدى حزب العمال الكردستاني هنالك عدم رضى لبارزاني ، وهذا يكمن في أمرين ، الاول أن (بي كه كه) يجدون في عبدالله اوجلان القائد الكردي الوحيد ، ولا يعترفون لا بالبارزاني ولا بالطالباني ولا غيرهما ، فهم يقولون إن قائد الاكراد في المنطقة اوجلان ، في سورية والعراق وايران وروسيا وتركياquot;.
وتابع الخبير حرب:quot; إن حزب (به كه كه) يختار الفرص للذهاب الى خارج العراق لأنه غالبًا ما يتعرض اعضاؤه الى ضغط وابتزاز من اقليم كردستان ، ومن البارزاني بالذات ، فكان الحزب ميالاً الى سرعة الحركة ، وبالنسبة الى أن حركته الى سورية قد تكون مقبولة من البارزاني لأنه فقد السيطرة على هذا الحزب ، ذهاب( به كه كه) الى سورية يعني أن نجم عبدالله اوجلان يصعد ، ويعني أن القيادة الكردية التركية المتمثلة باوجلان هي القائدة ، وفعلاً من حيث العدد فهناك 25 مليون كردي موجودون في تركيا ، في حين في العراق لا يبلغون 4 ملايين ، فالفرق كبير ، ثم أن عبدالله اوجلان له السمعة الدولية في هذا الامر ، و(بي كه كه) ذهبوا الى هناك ومن خلال الاراضي السورية سيلقنون تركيا درسًا لن تنساه لأن الخنجر الكردي سيكون قريبًا من القلب التركي ، يعني عندما كان الحزب يقوم بعملية يطلع من معسكر في السليمانية ويمشي 3 ايام في الجبال ، الى أن يصل اول مدينة تركية، الآن المدينة التركية محاددة لهم ، ويمكن أن تلاحظ في الايام المقبلة وسط الاضطراب الحاصل أن المحافظات الكردية ستكون اقليمًا وفيدرالية وستكون دولة جديدة مقرًا للاكراد في جميع العالم وليس الاكراد في سوريا فقط وأن غدًا لناظره قريب quot;.
بلدان إقليمية تحبس أنفاسها
اعتقادات بأن مقاتلي حزب العمال الكردستاني انتقلوا فعلاً إلى سوريا
اما النائب عبد الرحمن اللويزي، رئيس كتلة quot;وطنيون للمجلس الاعلى الاسلامي - محافظة نينوىquot;، فقال : إن تداعيات الوضع السوري و تسارع تلك التداعيات وازدياد حدتها جعلت الكثير من القوى السياسية و البلدان الاقليمية تحبس انفاسها للحظة الحاسمة التي ينتظرونها بفارغ الصبر، لذلك تزامنت تلك الزيارة مع زيارة عبد الباسط سيدا (الكردي) الى الاقليم وجعلت خارطة التحالفات السياسية تتبلور مجددًا لتسفر عن تحالف جديد وتقارب كبير بين القائمة العراقية، التي يقودها الاخوان من الباطن، و الاحزاب الكردية في مشروع ظاهره سحب الثقة وباطنه دوران عجلة مشروع التقسيم الذي يراد بالعراق و تنفذه أيادي داخلية و خارجية كلها لها مصلحة مباشرة من قيام نظام سوري يسيطر فيه الاخوان وكيان سياسي يقوده الاخوان من الباطن (العراقية) وعراب اقليمي لهذا التحالف تعتنق قياداته الفكر الاخواني، ولتتخذ تلك التحالفات حججاً منطقية في الظاهر مثل الوقوف بوجه التفرد مرة ودعم الاقلية التركمانية مرة أخرى فيرحبون بزيارة الاجانب اذا كانوا وكلاء عنهم في تنفيذ سياستهم و تستفزهم زيارة رئيس وزرائهم اذا كان (العقبة) التي تقف بوجه مشاريعهم التي تستهدف وحدة البلدquot;.
خطوة في الاتجاه الصحيح
ومن جهته، قال رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي : إن زيارة وزير الخارجية التركي داود اوغلو الى محافظة كركوك مهمة ، وهي الأولى من نوعها لمسؤول تركي منذ 1976 ، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح لتعزيز العلاقات الثنائية بين العراق وتركيا ومد جسور التعاون بين الجانبين ، وهذه الزيارة تأتي متزامنة مع ما يحدث في سوريا والأحداث الدامية التي تطال الشعب السوري والتحول الحاصل في المنطقة، ونؤكد أن التركمان مكون رئيس يلعب دورًا كبيرًا في التقارب العراقي التركي .
محاولات شق الصف الكردي السوري
اما القيادي في التحالف الكردستاني الدكتور محمود عثمان فقال : إن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي الى محافظتي اربيل وكركوك سلبية ومرفوضة، نظراً لتدخله في شؤون البلد بصورة عامة، والشؤون الكردية بصورة خاصة .
وأضاف:quot; الوزير التركي بزيارته هذه يحاول أن يشق الصف الكردي السوري، لأن الاكراد في سوريا لهم مجلس موحد، وهو يرغب بتحفيز اقليم كردستان من اجل عمل اجراءات ضد بعض اطراف هذا المجلس ممن لهم علاقة مع حزب العمال الكردستاني على اساس أنهم يشكلون خطراً على الحدود التركية ، واعتقد أن زيارة اوغلوا لكركوك خلقت مشكلة جديدة بين حكومتي الاقليم وبغداد ، خاصة أننا نعرف أن تركيا لديها خطوط حمراء، تجاه تطبيق (المادة 140) و تجاه (الاستفتاء في كركوك) وتجاه (كردستانية كركوك) ، ونحن نعرف أن سياسة انقرة تجاه الاكراد خاطئة، ومع الاسف أنها مسنودة من قبل الولايات المتحدة الاميركية، لذا على تركيا الاعتراف بالشعب الكردي وأن تعطيهحقوقه، لتحل المشاكل بين انقرة والاكراد بصورة نهائية . واضاف أنه فضلاً عن أن هذه الزيارة مضرة للكرد، وليس فيها أي فائدة لهم ، فإنها تدخل واضح في الشأن العراقي الداخلي، ولخلق مشاكل جديدة بين حكومتي الاقليم وبغدادquot;.

انتهاك للسيادة العراقية
وقال النائب سعد عن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي: زيارة وزير الخارجية التركي الى كركوك ما هي الا انتهاك للسيادة العراقية، واعتقد أن هذه الدعوة قد دخلت في باب توسيع الازمة القائمة حاليًا بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان ، وهذه هي سياسة رئاسة اقليم كردستان ، فنحن نعرف أنه عندما يزور وزير خارجية دولة ما لمحافظة عراقية من دون اعطاء علم للحكومة المركزية ، فهذا يعني عدم اعترافه بالسيادة الدولية وسيادة العراق ، لذلك تعد زيارة اوغلو الى إقليم كردستان ايضًا خرقًا آخر للسيادة العراقية وتجاوزًا من وزير خارجية تركيا ومن رئيس اقليم كردستان ايضًا لعدم اشعاره الحكومة العراقية بذلك .
اما الكاتب محمد ناصر فقال : quot;قام الوالي العثماني وزير الخارجية التركي بزيارة الى كركوك من دون إخطار وعلم الحكومة العراقية المستغرقة في نوم في بغداد ( لان النوم في رمضان عبادة ) وبتسهيل من أربيل ، وتم عقد اجتماع بين رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ووزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ورئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا الذي يزور أربيل من دون علم الحكومة المستغرقة ( بالعبادة ) لبحث القضية السورية والاوضاع في المنطقةquot;.
وأضاف:quot; ثمة سؤال يطرح وهو كنت اتمنى أن يطرح على القيادات الكردية التي لم تجد في زيارة أوغلو الى كركوك ودخوله مبنى المحافظة من دون علم المحافظ ولا الحكومة الاتحادية أي مشكلة كبيرة : لماذا وجدت بعقد مجلس الوزراء اجتماعًا في كركوك استفزازًا؟ ، بالمناسبة ، لا اقف الى جانب المالكي ولا حكومته ولكن أحاول عبثاً أن افسر استغراقه وفريقه الحكومي في نوم عميق لا يصحون منه الا بعد حدوث الأخطاء، وسؤال آخر اتمنى من الحكومة أن تجيب عليه ما موقف وزير الخارجية هوشيار زيباري من هذه الزيارات والا يعدها عرقلة لجهود وزارته في توحيد خطاب الدولة الاتحادية وهل يمكن سؤال نائب رئيس الوزراء روز نوري شاويس عما اذا كان على علم بها وهو مقرب من بارزاني ؟!!.