أثارت صورة لباراك اوباما وهو يحادث رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان ردة فعل غاضبة في أنقرة، لأنها تظهر الرئيس الأميركي ممسكًا بمضرب لكرة البيسبول. فقيل فورًا إن رسالتها واضحة وهي إهانة تركيا وشعبها.


تجد واشنطن نفسها في غمرة معركة دبلوماسية فجائية مع أنقرة بسبب صورة فوتوغرافية. فالأسبوع الماضي تبادل الرئيس الأميركي باراك اوباما الآراء عبر مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان عن الأوضاع في سوريا. وسار كل شيء بشكل عادي إلى أن نشر البيت الأبيض صورة للرئيس أثناء تلك المحادثة. فإذا بتركيا تغوص في موجة من الغضب الجارف (أو السخرية السياسية).

أوباما حادث إردوغان laquo;والعصا بيدهraquo; كما قيل

ومرد الغضب هو أن الصورة أظهرت الرئيس الأميركي وهو يمسك بمضرب لكرة البيسبول عندما كان يخاطب رئيس الوزراء التركي. وفي عالم السياسة الذي لا يمر فيه شيء مرور الكرام مهما صغر شأنه، سارعت أنقرة - بمعية مراقبين ومحللين- للتوصل إلى تفسير واحد، وهو أنها طوع بنان واشنطن بفضل العصا التي ترفعها في وجهها متى أرادت.

ولم يفوّت المراسلون الغربيون الفرصة للتوجه بالسؤال إلى البيت الأبيض عن المقصد الحقيقي وراء الصورة. فجاءت الإجابة أن laquo;كل ما في الأمر هو أن الرئيس عاشق للبيسبول وبين أشد المشجعين حماسة لفريق laquo;شيكاغو وايت سوكسraquo;. وتصادف أنه كان ممسكًا بمضرب أثناء مكالمته الهاتفية مع رئيس الوزراء التركيraquo;.

لكنّ المراقبين والمحللين الأتراك أنفسهم ذهبوا إلى غير ذلك. وكمثال، فنقلت الصحف الغربية عن متين لطفي بيدر، النائب البرلماني عن laquo;حزب الشعب الجمهوريraquo; المعارض قوله: laquo;لا يستلزم للناظر الكثير من الذكاء ليعرف أن المقصود هو إيضاح من أين يتلقى رئيس الوزراء التركي أوامره في كيفية إدارة شؤون بلادهraquo;.

وبلغ الأمر بحزب الشعب الجمهوري نفسه حد أن نائب رئيسه، اوميت اوران، توجه بسؤال داخل البرلمان حول ما إن كان رئيس الوزراء قد رأى الصورة موضع الجدل بعينيه. ومضى يتساءل: laquo;إذا كان قد رآها بالفعل، فما هي الخطوات التي يعتزم اتخاذها بمواجهة هذه الإساءة الضمنية لتركيا وشعبهاraquo;؟

لكن الصحف التركية مالت عمومًا لرؤية الجانب الهزلي في هذه العاصفة الدبلوماسية. فقال أحمد هاكان، كاتب العمود المنتظم في جريدة laquo;حُريّتraquo;: laquo;على تركيا الركون إلى العمل الحاسم في هذه المسألة التي تستدعي أقسى أشكال الانتقام. ونقترح على رئيس الوزراء أن يجري محادثة أخرى مع الرئيس الأميركي وهو يحمل إما حذاء أو حزامًا أو مرقاقًا للعجينraquo;.

العاصفة هبّت رغم تقارب الجانبين خلال laquo;ربيع العربraquo;

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم الأبيض، كيتلان هايدن في بيان قصير له إن الإدارة الأميركية اطلعت على ردود الأفعال السياسية والإعلامية التركية على صورة اوباما ومضرب البيسبول. وقال: laquo;الصورة التقطت للرئيس خلال محادثته الهاتفية مع رئيس الوزراء التركي. وكان الدافع الوحيد للإفراج عنها بغرض التداول العام هو التأكيد على أهمية العلاقات بين البلدينraquo;.

وأضاف قوله: laquo;الرئيس الأميركي يعتز بصداقته مع رئيس الوزراء التركي وشراكتهما اللصيقة في طيف عريض من القضايا التي تهم الجانبين حول العالم. والصورة في الواقع تأكيد على الأهمية التي يوليها الرئيس للدور الأساسي الذي تؤديه تركيا خاصة في ما يتعلق بمجريات الأمور الخطيرة في سورياraquo;.

يذكر أخيرًا أن العلاقات الأميركية - التركية تتميز بشيء من التفرد، كون تركيا الدولة المسلمة الوحيدة في حلف شمال الأطلسي (الناتو). ورغم التنافر الأيدلوجي - الديني، فقد شهد البلدان تقاربًا ملحوظًا في الفترة الأخيرة منذ توالي أحداث laquo;ربيع العربraquo; خاصة في مصر وليبيا وسوريا.