الجيش المصري يحاول القضاء على الجماعات الإرهابية

أعادت العملية الارهابية التي وقعت في مدينة رفح، الحديث عن الجماعات الارهابية في سيناء، كما طرحت تساؤلات حول هوية منفذيها ومصادر تسليحهم وتمويلهم.


القاهرة: أثارت العملية الإرهابية التي وقعت في مدينة رفح، والتي وقع ضحيتها 16 قتيلاً وسبعة مصابين، الحديث من جديد عن الجماعات الإرهابية في سيناء، وطرحت تساؤلات حول هويتها ومن يقف وراءها، وأين تتمركز في سيناء، إضافة إلى أعداد المنتمين إليها، ومصدر سلاحهم، ومن يقف وراء تمويلها. وفي محاولة للاجابة عن كل تلك الأسئلة، تحدثت quot;إيلافquot; إلى مجموعة من الخبراء والمصادر الأمنية، وأكدت أن أعداد الإرهابيين تتراوح ما بين 2500 وسبعة آلاف عنصر، ينتشرون في جبال سيناء.

جماعات مرتبطة بالخارج

قال مصدر أمني لـquot;إيلافquot; إن سيناء تعاني من إنتشار الجماعات المسلحة، والتي تعتنق الفكر التكفيري الجهادي، مشيراً إلى أن بعض هذه الجماعات مرتبط بتنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري، ولدى أخرى علاقات مباشرة مع إيران، وبعضها لديه ارتباط بتنظيمات مسلحة في قطاع غزة أو حزب الله في لبنان، ولفت المصدر إلى أن الأجهزة الأمنية المصرية تجد صعوبة في تقدير أعداد المنتمين إليها، لأنهم ينتشرون في الجبال، وينتمون إلى نحو 13 مجموعة صغيرة، وبعضهم يدخل ويخرج من سيناء، غير أن المصدر يشير إلى أن الأعداد تتراوح ما بين خمسة وسبعة آلاف عنصر غالبيتهم مسلحون.

وأكد المصدر أن هذه الجماعات خرجت من رحم تنظيم التكفير والهجرة، الذي يتخذ من سيناء مركزاً له، ويضم نحو 250 فرداً هو من الكوادر، مشيراً إلى أن هذا التنظيم عدل إسمه في العام 2004 بعد تفجيرات طابا إلى quot;التوحيد والجهادquot;، لكنه مجرد تغيير في الإسم، ومازال يعتنق الفكر التكفيري الجهادي، وأوضح المصدر أن هذا التنظيم يؤمن بأن المنتمين الى الجيش و الشرطة المصريين كفار، وأنهم يعملون لحماية إسرائيل، ويجب قتلهم، وإعلان الجهاد ضدهم.

تنظيم القاعدة

وأضاف المصدر أن هناك العديد من الجماعات التي تعتنق الفكر نفسه، ومنها quot;تنظيم القاعدة في الكنانةquot;، وquot;قاعدة الجهاد في أرض الكنانةquot;، ويعتقد أن هاتين الجماعتين جماعة واحدة، أعلن عنها في العام 2006 بعد تفجيرات شرم الشيخ، من خلال أحد قيادات تنظيم القاعدة المقيم في إيران، ويعتقد أن هذا التنظيم تابع لإيران. ولفت المصدر إلى أن من أشد التنظيمات خطورة، وأكثرها إنتشاراً في سيناء هو تنظيم quot;الرايات السوداءquot;، وهو تنظيم يعتنق الفكر التكفيري الجهادي، ولديه ارتباط فكري بتنظيم القاعدة بزعامة أيمن الظواهري، وأوضح المصدر أن تنظيم quot;أصحاب الرايات السوداءquot; سطع نجمه بعد الثورة، وقام نحو 40 عنصرًا منه بالهجوم على قسم شرطة ثان في العريش، ومحاولة احتلاله ورفع رايات القاعدة عليه، وهو ما يتبنى الدعوات لإقامة إمارة إسلامية في سيناء، وينسب إليه القيام بهجمات على مؤسسات الدولة، وقتل ضباط وجنود الشرطة، وهو أكثر التنظيمات تسليحاً، حيث يمتلك أسلحة ثقيلة متطورة ومنها الـ quot;أر بي جيهquot; ومضادات الطائرات والدبابات ومدافع الجرانوف.

إسرائيل تراقب ومصر لا

ولفت المصدر إلى أن هناك تنظيمات كثيرة وأقل خطورة مثل quot;مجلس شورى المجاهدينquot;، quot;أنصار بيت المقدسquot;، quot;الوعدquot;، حزب التحريرquot;، quot;الطائفة المنصورةquot;، quot;جند الإسلامquot;، وأشار المصدر إلى أن مصر تجد صعوبة كبيرة في تتبع هذه التنظيمات، وأوضح أن هذه العناصر تنتشر في الجبال وتتحرك باستمرار من مكان الى آخر، بالإضافة إلى أنها تستخدم شبكات إتصالات خاصة بها، أو شبكات إتصالات تتبع شركات سعودية وإسرائيلية وأردنية، وبالتالي فإن مصر تجد صعوبة في اقتفاء أثرها في الوقت الذي تستطيع إسرائيل مراقبة تحركاتها في ثانية من خلال مراقبة إتصالاتها، ولم يكن غريباً أن تعلم إسرائيل بعملية رفح وتستعد لها، في حين أن مصر لم تتوافر على المعلومات نفسها، لاسيما في ظل عدم تعاون تل أبيب مع القاهرة في هذا الجانب، مؤكداً أن إسرائيل من مصلحتها إثارة الفوضى والقلق في مصر، بعد شغلها عن إقامة الجمهورية الثانية على أسس ديمقراطية.

5 آلاف إرهابي

أما اللواء مصطفى كامل الخبير الإستراتيجي، فيرى أن تنظيم القاعدة له وجود قوي في سيناء، وقال لـquot;إيلافquot; إن إنكار وجود القاعدة في سيناء يمكن وصفه بـquot;دفن الرؤوس في الرمالquot;، وأضاف أن هناك عدة تنظيمات إرهابية تنتشر في سيناء، وتحركها جهات خارجية سواء إيران أو حزب الله أو إسرائيل، وبعضهم ينتمي إلى تنظيمات في قطاع غزة، ولفت إلى أن هناك صعوبة في معرفة أعداد العناصر التي تنتمي إلى تلك التنظيمات وتسلحها، لكن البعض يرى أنها تتراوح ما بين 2500 و5 آلاف عنصر. وأضاف أن هذه الجماعات المسلحة تنتشر في منطقة وسط وشمال سيناء في المناطق الجبلية الوعرة، وتتخذ من جبل الحلال وجبال المهدية مراكز لها، ولفت إلى أنه من العجائب أن جبل الحلال كان أحد أهم جيوب المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي في الفترة من 1967 حتى حرب التحرير في 1973، ولكنه تحول إلى بؤرة للإرهاب، وأضاف كامل أن مصر تجد صعوبة في تتبع هذه الجماعات والقضاء عليها في ظل تكبيل إتفاقية السلام لها، مشدداً على أنه لا مفر من تعديل الإتفاقية ما يتيح لمصر إدخال أسلحة متطورة وأجهزة إتصال، مع إدخال أعداد أكبر من الجنود إلى المنطقة quot;جquot; في سيناء.

خريطة الإرهاب

في حين يرى الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والإجتماعية أن تركيز هذه الجماعات على سيناء، ينسجم مع ظاهرة الهجرة إلى الأوطان التي تؤمن بها هذه الجماعات، وتأسيس نوع من الكجيتو للإقامة فيها، وإقرار تشريعات معينة فيها، تنسجم مع معتقداتها، خاصة أن في سيناء مناطق شاسعة وفوضى أمنية تتيح لها العمل بحرية وقوة.

وقال عامر، إن عدد المنتمين لهذه الجماعات يتراوح ما بين 1500 إلى 2500 شخص، وتنتشر في مناطق قرى جنوب الشيخ زويد ورفح، ومناطق محدودة في وسط سيناء. الفوضى الأمنية ساعدت على تسليح أفراد هذه الجماعات بأسلحة تم تهريبها من السودان عبر البحر الأحمر، ومن ليبيا عبر الطرق الجبلية.
وظهرت تلك الجماعات فى استعراضات علنية في المدن الحدودية يوم مقتل بن لادن، وهم يرتدون ملابس سوداء ويرفعون أسلحتهم، مشيراً إلى أن الأنفاق ساهمت بشدة فى ربط تلك الجماعات بأخرى مماثلة فى قطاع غزة، منوهاً بأن للتنظيمات الفلسطينية دورًا رئيسيًا في تدريب مجموعات سيناء الجهادية، وتزويدهم بمخططات وأفكار لتنفيذ عملياتهم. ونفى عامر أن تكون هذه الجماعات تحظى بدعم من القبائل السيناوية التي نبذت المعتنقين لهذه الافكار نظرًا لتكفيرهم المجتمع، فضلاً عما كان يسببه وجودهم إلى ذويهم في عهد النظام السابق، حيث كانت مباحث أمن الدولة التابعة لذلك النظام تحتجز أمهاتهم وآباءهم للضغط عليهم لحضورهم وتسليم أنفسهم رغم الاختلاف الكلي ما بين نهج الطرفين.

الجهاديون التكفيريون

وقال عامر إن الجماعات المسلحة تقودها تنظيمات سرية قديمة مثلquot;الجهادquot; وquot;التكفير والهجرةquot;، منوهاً بأن تنظيمات جديدة ظهرت ومنها تنظيم quot;الجهاديين التكفيريينquot; المنتشر في ربوع سيناء، ويعد أحد الأجنحة التي انفصلت عن تنظيم الجهاد المعروف، ويصل أعضاء quot;الجهاديين التكفيريينquot; ــ طبقًا لإحصائيات من داخل التيار الإسلامي ــ إلى 600 ناشط معظمهم من أصول ريفية وكانت لهم علاقة بشكل أو بآخر بالجماعات الإسلامية في فترة التسعينات، ويقيم هؤلاء في شبه الجزيرة السيناوية وتحديدًا في منطقة quot;جبل حلالquot; في الشيخ زويد منذ ما يزيد على العشر سنوات تساعدهم البيئة الصحراوية الحدودية على توفير الأسلحة. وأضاف عامر أنه رغم أن تنظيم quot;الجهادquot; جرى حله قبل عام 2005 بعد المراجعات الفقهية الشهيرة إلا أن quot;الجهاديين التكفيريينquot; يصرُّون على استكمال رحلة الكفاح المسلح بعيداً عن أعين أجهزة الأمن المصرية، وأوضح عامر أنه على مسافة قريبة من أفكار quot;التكفيريينquot; يقف quot;تنظيم الرايات السوداءquot; الذي يرتبط بعلاقات وثيقة بتنظيم quot;القاعدةquot; وقد أعلن أعضاء quot;الرايات السوداءquot; عن أنفسهم صراحة عقب اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، وينتشر هؤلاء في عدة أماكن في مناطق جبلية شرق العريش وجنوبي رفح والشيخ زويد وبعض مناطق وسط سيناء.

العائدون من الخارج

وأوضح عامر أنه ارتبط ظهور quot;الرايات السوداءquot; بفعاليات نظمها السلفيون أمام الكاتدرائية في العباسية والاستعراض الذي نظموه مع باقي الإسلاميين داخل ميدان التحرير المعروف إعلاميًا بمليونية quot;قندهارquot; مروراً بما حدث، في ما عرف بأحداث quot;العباسيةquot; وظهور الشيخ محمد الظواهري- شقيق الشيخ أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة- وظهور الشيخ مرجان والذي كان متهماً في قضية العائدين من أفغانستان بمحيط وزارة الدفاع. وأشار عامر إلى أن الانفلات الأمني عقب الثورة، كان له الأثر الأكبر لظهورهم فقد دخل مصر بعد الثورة ما يقرب من 3 آلاف من قيادات وكوادر جماعتي الجهاد والجماعة الإسلامية، بينهم شقيق الإسلامبولي بعد رفع أسمائهم من قوائم ترقب الوصول، وأغلب قيادات هذا التنظيم كانت متواجدة في أفغانستان والشيشان والبوسنة والصومال وكينيا، وبعضهم عاش في إيران ولندن.