أعرب عراقيون عن دهشتهم للتصريحات التي صدرت عن وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الاديب بإنشاء جوامع كبيرة في كليات العراق، معبرين عن أسفهم لانفاق هذه الاموال لغير وجهتها الصحيحة، حيث أن بناء قسم علمي أو كلية افضل بكثير من بناء جامع لن يؤمه الا عدد قليل.


بغداد: اعتبر عراقيون خطوة وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الاديب بإنشاء جوامع كبيرة في كليات العراق، في الاتجاه غير الصحيح لما للجامعات العراقية من قيمة عليا تتمثل في الاهتمام بالعلم، مشيرين الى أن هذا الاجراء من شأنه أن يؤجج الكثير من النعرات الطائفية داخل الحرم الجامعي.

وقال اساتذة جامعيون وطلاب واعلاميون ومواطنون عاديون إن quot;من المؤلم أن نسمع مثل هذه القرارات بدل أن يتم الاهتمام بالجامعات وبناء ما تحتاجه عوضًا عن صرف هذه المبالغ الكبيرة جدًا لبناء جوامعquot;، يؤكد الكثيرون أنها لن تكون الا ملاذًا للبعض للتشجيع على التشدد الطائفي، وقالوا إن على الوزير أن ينظر في شؤون التعليم ليكون عاليًا بالفعل وأن يحرص على البحث العلمي وليس بناء جوامع.

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي علي الأديب، القيادي في ائتلاف دولة القانون، وحزب الدعوة الاسلامية بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي، قد وضع الثلاثاء حجر الأساس للجامع الكبير في جامعة الكوفة الذي سيتسع لـ 1000 مصل ويضم منارة يبلغ طولها 45 مترًا ونصبًا دوّنت فيه أسماء 190 صحابيًا من صحابة الرسول (ص) الذين عاشوا ودفنوا في الكوفة، معلنًا أنه سيتم إنشاء جوامع مماثلة في كل الجامعات العراقية.

وقال الأديب إن الجامع الكبير quot;يعدّ النواة الأولى لإنشاء جوامع مماثلة في كل الجامعات العراقية وستقوم الوزارة بوضع التصاميم المعمارية لهاquot;، مشيرًا الى أنه تم اختيار الكوفة في البداية كونها تحتضن جسد أمير المؤمنين الأمام علي ابن ابي طالب (عليه السلام ). وتابع: إن التسلح بالعلم هو احد أقوى مظاهر القوة في العصر الحديث، وأن العلم يحتاج الى التوجيه بوجهة تتمثل بالقيم الإنسانية التي تحمي من الانحراف.

جامعيات عراقيات يحتفلن بتخرجهن

وشدد الأديب على ضرورة أن يتحلى الخريج في الجامعات العراقية بالقيم الإسلامية الحميدة على اعتبار أن العراق كان مصدر حضارة العالم ومنارة مضيئة في التاريخ العربي الإسلامي، بما يدعم ثقافة ووعي طلبتنا في مواجهة السياسات العدوانية التي عملت على تفتيت وحدة المجتمعات الإسلامية.

وعن هذه القرارات، يقول الاستاذ في الجامعة المستنصرية في بغداد محمد حسين، إن الجوامع موجودة اصلاً منذ زمن الحملة الايمانية التي قام بها النظام السابق، ومن الممكن أن نقول إن هذا هو الفصل الثاني من الحملة، وبالتأكيد يحمل خطورته معه، فهناك ألف قضية وألف حاجة لقطاع التعليم ممكن أن تتخذ قرارات لتصحيحها غير بناء الجوامع الا اذا اراد السيد الوزير زيادة حسناته !. واضاف انا أرى أن أي نشاط ديني في الاماكن العامة سيحمل بعداً طائفياً خاصة في ظل حالة الاحتقان التي يعيشها الشارع العراقي.

اما الكاتب ستار حسن فقال، على السيد الوزير، أن يأخذفي الاعتبار التنوع الطائفي ، بحيث يكون لكل طائفة جامع أو حسينية، واحتراماً للمسيحيين يجب أن تكون لهم كنيسة، الظاهر أن التعليم في العراق بلغ درجة عالية من التفوق والتطور العلمي ولم تبقَ ألا هذهلكي تسد احتياجاته.

من جهتها، قالت الاستاذة في جامعة بغداد اسماء رشدي:quot;من المممكن الاكتفاء ببناء مصلى في كل جامعة وليس جامعاً، لأن هناك جوامع كثيرة في البلد، والجامعات دائما تكون في وسط البلد، ثم أن من يريد أن يصلي لا يحتاج الى جامع، فالفضاء مفتوح والحدائق كثيرة ومن السهل على أي طالب أن يؤدي صلاته.

واضافت: برأيي المتواضع، يفضل اولاً الاهتمام ببناء اقسام داخلية للطلبة والطالبات بمستوى لائق ومعالجة مشاكل التعليم العالي والسماح لمن هم فوق سن الاربعين تكملة دراسة الماجستير من دون نفقة خاصة لأن مبالغها مرتفعة، وكذلك الحال بالنسبة للدكتوراه، فهناك الكثيرون محرومون من تكملة الدكتوراه على نفقة الدولة بعد أن حصلوا على الماجستير بسن متأخرة بسبب الظروف، علمًا أن بعض هؤلاء من الحاصلين على الامتياز في الماجستير والكثير من الاشكالات التي تتطلب حلاً، اضافة الى حاجة العديد من الطلبة والتدريسين والموظفين المرضى الى العلاج خارج العراق بالامكان مساعدتهم أثوب من بناء جوامع اضافية، وهي موجودة في كل مكان.

اما الدكتور علي السيد الذي يدرّس في احدى الجامعات فقال إنّ الموضوع واضح من العنوان، إن الوزير يريد أن يضع بصمة له في الجامعات، وبما أنه عنصر مهم في حزب الدعوة فالاقرب هو انشاء جامع كبير، لكنني لا أرى ضرورة كبيرة للجامع الذي يتسع لألف مصلٍّ، وبدلاً من انشاء هذا الجامع يمكننا انشاء احدى ابنية الكليات، ثم اين هم المصلون ؟، وبصراحة انا اعتقد أن مثل هذا الاجراء سيؤثر سلبًا على الطلبة آجلاً ام عاجلاً، مثلما سيؤدي الى اجراءات تضييق الحريات خاصة بالنسبة للطالبات اللواتي سيأتي يوم تتم محاسبتهن على الزينة التي يضعنها ويصبح الكحل من الموبقات.quot;

واضاف: quot;ارى أن جامع الجامعة خطوة في الاتجاهغير الصحيح وسوف يخلق حساسيات كثيرة قد تؤدي الى بروز قرون الطائفية من جديد، لأن الجامع لن يكون قطعًا سنيًا شيعيًا وان حرص السيد الوزير !

وعن آراء الطلاب الجامعيين، اشار الطالب الجامعي رعد كريم زامل الى أنه من الممكن أنيخصص مكان للصلاة، هذا أمر معقول، فهناك طلبة يواظبون على صلواتهم، ولكن من غير المعقول ان يبنى جامع لأن الجامع بصراحة يحتاج الى تحديد هوية، وهذا ما لا يمكن للوزير أن يفعله ، ولا ارى فيه الا خلقًا لمشاكل نحن في غنى عنها.

وقالت الطالبة الجامعية بشرى حسان انا مسلمة وملتزمة ومحجبة كما تراني، لكنني بصراحة ضد أن يبنى جامع في جامعة ، لان الذي نعرفه أن الجامعة للعلم ودراسة التطورات في الحياة والجديد، ولدينا في بيوتنا اوقات نؤدي فيها فروضنا، ولكن وزارتنا اسمها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وكان على السيد الوزير ان يهتم بهذين الجانبين، ويزيد اهتماهه بالحياة الجامعية التي تعاني من الكثير من المشاكل، وكل يوم نسمع من الطلبة شكاوى بسبب رداءة الاقسام الداخلية، ومن الممكن استغلال المبالغ الطائلة لبناء الاقسام الداخلية والاهتمام بها ليشعر الطالب بالراحة، انا اخاطب السيد الوزير من خلالكم ان الجامعات العراقية فيها الكثير من المشاكل فلا يزيد عليها مشكلة خطيرة.

اما الكاتب شوقي محمد فقد اوضح أن ظاهرة انشاء المساجد داخل الجامعات العراقية ليست جديدة، فهي اقدم من الوزير علي الاديب، وكلنا نعرف الحملة الايمانية التي دخلت الجامعات وفرضت على الطلبة ظروفًا معقدة، ويبدو أن الحملة الايمانية تعود بشكل جديد لكن اكثر خطورة من قبل ، وتتمثل الخطورة في أنهم يريدون للجامعات أن تعلن الطائفية بوضوح، في الجامعات لا يعرف الطالب دين أو طائفة أو قومية زميله الطالب، السيد الوزير يريد اعلانها ليزيد الاشكاليات ويعقد الامور بدل أن ينظر الى بؤس التعليم وسوء احوال الطلبة، ويبدو أنهم يريدون أسلمة المجتمع والبدء من الجامعات.