ينفي الثوار في سوريا الأقاويل المتداولة حول انتشار افراد من تنظيم القاعدة في البلاد للانضمام إلى صفوفهم قائلين إن الجهة المرتبطة منذ زمن طويل بالقاعدة ما هي إلا نظام الرئيس بشار الأسد.


تتحدث تقارير استخباراتية عن أن أفرادًا من تنظيم القاعدة بدأوا ينتشرون في كافة أنحاء سوريا للانضمام إلى صفوف الثوار، لكن الثوار ينفون تلك المزاعم ويؤكدون أن الجهاديين غير مرحب بهم. وأنه على العكس، فإن نظام الأسد هو من يرتبط منذ فترة طويلة بالقاعدة.

وبدأت تُرفَع الأعلام السوداء المميزة لتنظيم القاعدة في بعض نقاط التفتيش التابعة للثوار، ومكتوب عليها بالعربية quot; لا إله إلا الله .. محمد رسول اللهquot;. وبسؤالهم عما إن كانوا يعلمون إذا كان هذا العلم هو الخاص بالقاعدة أم لا، رد أحد المقاتلين على مجلة دير شبيغل الألمانية قائلاً :quot; بالطبع نعلم، لكن هل هذا اختراع خاص بالقاعدة ؟ فهو أيضاً علم الرسول، ونحن نرفعه لأننا مسلمون ونحن نخوض حرباً مقدسةًquot;.

وأعقبت المجلة بقولها إن لا شيء يمكنه أن يوضح بإيجاز المنطقة الرمادية التي تفصل بين واقع وتصورات الحرب في سوريا أكثر من ذلك العلم متعدد الألوان. ففي بعض الأحيان توجد عليه كتابات بيضاء على خلفية سوداء، وفي أحيان أخرى توجد عليه كتابات سوداء على خلفية بيضاء. وأشار تقرير أعدته وكالات استخباراتية غربية إلى أن تنظيم القاعدة يشارك بما يصل إلى 1500 مقاتل في الصراع السوري.

وفي رد لها على استفسار من جانب البرلمان الألماني، قالت وكالة الاستخبارات الأجنبية الألمانية إنها أحصت في النصف الأول من عام 2012 ما يقرب من 90 هجوماً يمكن أن يتم نسبهم إلى منظمات أو جماعات جهادية ترتبط بثمة علاقة بتنظيم القاعدة.

وأشار بوضوح بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، لتحليلات مماثلة حين قال إن وجود المنظمة الإرهابية في المنطقة تسبب في خلق quot;مشكلات خطيرة للغايةquot;. ومع هذا، فإن تلك التقييمات مبنية على عدد صغير من المصادر التي تكون غامضة أحياناً.

وأعقبت دير شبيغل حديثها في هذا السياق بالقول إنه، وبعد مرور 11 عاماً على وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول / سبتمبر، مازالت تواجه أجهزة المخابرات المخضرمة صعوبات متزايدة للتفريق بين جهاديي القاعدة وباقي المسلحين. وقال عنصر استخباراتي عربي بارز بهذا الخصوص :quot; من يظن أن المقاتلين المنتمين الى القاعدة يتميزون بلحاهم الطويلة ويرتدون ملابس باكستانية فهو شخص ساذجquot;.

وتابعت المجلة بلفتها إلى أن معظم الثوار الذين يعملون في صفوف الجيش السوري الحر ينفون ما يتردد عن أن لهم ثمة علاقة بالقاعدة. وقال أحد قادة الجيش الحر في حلب ويدعى أبو بكر quot; حسناً، نحن إسلاميون، لكننا نريد الإطاحة بالأسد، ومن ثم تأسيس دولة مثل تركيا. فما الخطأ في أمر كهذا ؟quot;. واعتبرت المجلة من جانبها أن تلك الأيام، التي مازالت تنتشر فيها أعمال القتالفي كافة المدن السورية، بينما لا تزال المعارضة في المنفى منقسمة مع تخلي النظام عن أجزاء كثيرة على الحدود، تمثل فرصة ذهبية للجماعات الإرهابية وخبراء الإرهاب على حد سواء.

ثم نوهت المجلة إلى الواقعة الأولى التي تم الكشف من خلالها عن وجود جهاديين في سوريا، بعد خطف المصور البريطاني جون كانتلي وزميله الهولندي جيروين أورليمانز، وذلك في يوم الـ 19 من تموز/ يوليو الماضي، لدى عبورهما الحدود السورية من تركيا. وقد نجح ثوار الجيش الحر في تحريرهما بعد مرور أسبوع واحد فقط.

وقدموا بعدها اعتذاراً لكانتلي قالوا له فيه quot; هذه ليست طريقة الشعب السوري. ونحن لا نريد لهؤلاء الناس أن يأتوا الى هنا باسمناquot;. وقال قائد محلي في الجيش الحر يدعى أبو عبده quot; هذه ثورتنا. وقد أخبرناهم ( الجهاديين ) إما أن تحاربوا قوات الأسد وتبقوا في معسكرنا أو أن تخرجوا من هنا ! quot;. وقد أشار المهربون إلى حدوث زيادة في أعداد الأجانب القادمين عبر الحدود التركية، وأن معظمهم سرعان ما يغادر.

وفي الوقت الذي سبق فيه للمئات من سوريي محافظة دير الزور الشرقية أن بدأوا القتال في العراق عام 2003، أوضحت أجهزة المخابرات العربية والغربية أن التدفق الحالي يسير في الاتجاه العكسي. فالحكومة الشيعية في بغداد تنظر إلى كثيرين من السنة في المنطقة الحدودية باعتبارهم أعداءهم لأن رؤيتهم مشابهة لرؤية القاعدة أثناء حرب العراق الأهلية : حيث يرغبون في تأسيس خلافة توحد سنة سوريا والعراق.

لكن المجلة مضت تقول إنه حتى ومن دون القاعدة والمحرضين الأجانب، فإن الانتفاضة السورية تتسم على نحو متزايد بالصبغات الدينية. ومع ذلك، فإن هذا لا يعود لكون الثوار مخترقين، بل بالأحرى نظراً لارتكاز النظام بشكل متزايد على الميليشيات وقوات النخبة من العلويين، الذين يهاجمون مراكز المعارضة السنية بالمدفعية والدبابات وطائرات الهليكوبتر. وهو ما يولد، بالتالي، رغبة متزايدة في الانتقام.

ورغم كل ما سبق، فقد واصلت المجلة حديثها بالتأكيد على صعوبة حساب الوجود الفعلي والحقيقي لتنظيم القاعدة في الحرب الأهلية التي تشهدها سوريا منذ أكثر من عام ونصف الآن. فبينما يحمل باستمرار التلفزيون الرسمي القاعدة مسؤولية أعمال العنف التي تشهدها البلاد، تنفي المعارضة ما يتردد عن وجود دور للجماعة الإرهابية، وتؤكد في الوقت عينه كذلك أن نظام الأسد نفسه هو من يقوم بشن الهجمات.

وفي الوقت الذي رأت المجلة أن ادعاء الثوار بأن النظام يشن هجمات لإظهار نفسه بأنه ضحية القاعدة يبدو ادعاءً من الصعب تصديقه، فإنها أشارت إلى أن التقارير التي تحدثت عن وجود سابق تعاون بين النظام والقاعدة ليست سخيفة وأنها موثقة توثيقاً جيداً.

ثم أشارت المجلة إلى أنه ومنذ بدء الانتفاضة، تم إطلاق سراح كثير من مخضرمي حرب العراق السوريين بشكل متعاقب بعد قضاء سنوات في السجن. ومن بين هؤلاء شخص يحمل اسم quot;أبو مصعب السوريquot;، وهو أبرز باحث نظري في تنظيم القاعدة.

وهو ما يبين أن quot;جبهة النصرةquot; ليست من اختراع النظام على ما يبدو، كما تزعم المعارضة، حيث قالت عدة مصادر في ضواحي تخضع لسيطرة الثوار في دمشق إن هناك حوالي 30 عضواً في خلية تحمل نفس الاسم، وأن قائدهم ونصف الرجال من مخضرمي القتال في العراقتم اطلاق سراحهم من السجون السورية. لكن المصادر أوضحت كذلك أن المجموعة لا تمتلك الوسائل أو القدرة على امتلاك متفجرات بالأطنان وتهريبها من خلال نقاط التفتيش. ويقال إن قائدهم لا يمتلك هاتف نقال.