عناصر من مجموعة quot;جهاديةquot; تتدرب قرب حلب

حلب: يعود أحد المقاتلين إلى أحد مخابئ الجيش السوري الحر بعد أن أنهى نوبة عمله على خطوط القتال في حلب، يرفع صوت التلفزيون ويشعل سيجارة وينظر إلى نفسه في مرآة مكسورة، ويقول: quot;هل مع أحدكم جل (مثبت) للشعر؟ فمظهري لا يبدو جيدًاquot;.

هذا المقاتل هو ابو زيد التونسي، احد افضل القناصة التونسيين، والمغني الرسمي للجهاديين. لقد استقطبت الحركة الاحتجاجية المسلحة في سوريا مقاتلين من عدد كبير من الدول، ولكن دوافعهم لا تنسجم دائمًا مع معايير القاعدة، فهم خليط متنوع ومتعدد اللغات لهم تفسيراتهم الخاصة جدًا لمفهوم quot;الجهادquot;.

يصف ابو زيد نفسه بأنه مقاتل جهادي quot;مستقلquot; لا ينتمي الى أي مجموعة معينة. وقد قاتل كذلك الى جانب الثوار الليبيين العام الماضي لمساعدتهم على الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي بعد 42 عامًا من الحكم.

يقول ابو زيد وهو يتجرع قنينة من عصير الماندرين المثلج إن الرئيس السوري quot;بشار الاسد والاشخاص المحيطين به هم من الشيعة، ومن واجبي أن أساعد على استعادة الاسلام الحقيقي وهو الاسلام السنيquot;.

ويوضح quot;أغادر بلادي عندما اشعر أن علي أن اغادرها لأشارك في الجهاد، وبعد ذلك اعود الى موطني. إنه قرار شخصي بالنسبة لي، لا احتاج الى راية اعمل تحتها في نضالي، واعمل مع أي جهة تحتاج الى خبراتيquot;.

وابو زيد لا يتقيد جيدًا بشروط صيام شهر رمضان، ما يمنعه على الارجح من الانضمام الى الجماعات الاسلامية الاكثر تشددًا التي تضم العديد من المقاتلين الجهاديين الذين يقاتلون في سوريا.

والجيش السوري الحر هو تحالف فضفاض لعدد من الألوية التي تعمل نظريًا تحت قيادة مجموعة من ضباط الجيش السوري المنشقين والمتواجدين في تركيا والذين دانوا بشكل عام ظهور جماعات جهادية في سوريا. الا أن العديد من المنخرطين في صفوف الجيش الحر يقولون إنهم يحتاجون الى كل من يستطيع المساعدة.

يوضح السوري ابو حيدر أحد المنسقين في الجيش الحر في حي سيف الدولة في مدينة حلب أن quot;مجموعات مثل احرار الشام، ولواء التوحيد وفجر الاسلام وجبهة النصرة تضم مقاتلين مدربين من ذوي الخبرة يشكلون ما يمكن أن نصفه بقوات الكوماندوس للثورةquot;.

ويضيف هذا المقاتل الذي لا تفارق السيجارة فمه خلال توقف قصير للقصف: quot;دول العالم لا تساعدنا، لكنّ هؤلاء المقاتلين يساعدونناquot;. واكثر ما يشتهر به ابو زيد في مجموعته هو أنه مغني الاناشيد. يقول quot;عندما اعود الى بلدي، اتصفح الانترنت لاعثر على احدث الاناشيد، واكتب كلماتها على ورقة واحفظ الحانهاquot;.

في هذه الاثناء يهرع اشخاص يحملون مقاتلاً جريحًا الى عيادة ميدانية في حي سيف الدولة. وبعد أن تتم معالجة المصاب وتضميد جروحه، يصدح صوت ابو زيد بالاناشيد وينضم اليه في الغناء العديد من الشباب السوريين من حي سيف الدولة.

وينهي ابو زيد اغنيته، ويلتقط بندقيته القناصة، ويخرج تعلو وجهه ابتسامة عريضة للتوجه الى الجبهة، وقبل ذلك ينحني لجمهوره الصغير وكأنه فنان حقيقي وسط التصفيق. ويرى ابو خالد المتطوع الشاب في العيادة أن quot;جلسات الغناء القصيرة هذه ترفع المعنوياتquot;. بعد ذلك بلحظات يدخل مقاتل شاب مصاب بجرح طفيف في يده. لكنّ احدًا في العيادة لا يعرفه.

ويسأل المقاتل quot;هل يتحدث احد هنا اللغة التركية؟quot;، فهو من اذربيجان ولا يتحدث العربية، وضلّ طريقه بعد أن انفصل عن باقي عناصر وحدته خلال الاشتباكات. يقول: quot;لقد شاهدت على التلفزيون بعض صور الحرب (في سوريا) واتيت الى هنا لأساعد السوريين في قتالهم ضد بشار (الاسد)quot;.

وفي وقت لاحق من نفس اليوم دخل مقاتل من تركيا الى العيادة طالبًا معالجة جرح طفيف اصيب به، وامضى الاثنان ليلتهما يتحدثان ويستريحان في العيادة قبل ان يغادرا معًا في الصباح التالي. وفي بعض الاحيان تبدو الاسباب التي دفعت بعض المقاتلين الاجانب للقدوم الى سوريا للقتال غامضة.

فابو محمد مثلاً هو هولندي من اصل عراقي، لا يتحدث الى احد مطلقًا، وعادة ما يعود من الجبهة لينام في العيادة المزودة بمكيف للهواء، أو يقرأ القرآن. وكان ابو محمد قد ترك زوجته وطفليه في هولندا قبل عدة اسابيع للمشاركة في القتال. ويقول إنه لا ينتمي الى أية مجموعة بعينها، ولكنه يلتقي احيانا مع جبهة النصرة التي يشكل الاجانب معظم عناصرها.

ويقول quot;احب أن اعمل بمفردي، هذا كل ما في الامر. ولكن احيانًا اصاب بالتعب ولذلك احضر الى هنا. لا اريد أن اتحدث عن هذا الامرquot;. ويحمل ابو محمد، الرجل الضخم الذي يرتدي دائمًا الدشداشة التقليدية، الكلاشنيكوف والذخيرة ويصعد السلالم المؤدية الى خارج العيادة الواقعة في الطابق السفلي.

احمد هو شاب مؤيد للجيش السوري الحر من حي سيف الدولة ويعتبر لاعب التنس روجيه فيدرير مثله الاعلى، ويقوم بحراسة العيادة ليلا. يقول احمد وهو يراقب ابو محمد يسير في الشارع بمفرده ليدخل منطقة القصف quot;ابو محمد لا يطلب المساعدة مطلقاً، ولكنه يساعدنا. لا نعرف ما يدور في باله، ولكننا ندعه وشأنهquot;.