يستقبل المصريون عيد الفطر الثاني لهم بعد الثورة بكثير من الأمل الممزوج بمشاعر الخوف والقلق، وهم ينشدون تحقيق الإستقرار في بلادهم بعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وقضت على آحلام نجله جمال في التوريث.


الرئيس محمد مرسي مؤديًا صلاة عيد الفطر

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يأتي عيد الفطر في مصر هذا العام وسط مشاعر التفاؤل بالرئيس محمد مرسي وحكومة الدكتور هشام قنديل، لاسيما بعد القرارات الثورية التي أصدرها الرئيس، وعلى رأسها إحالة قيادات المجلس العسكري للتقاعد، غير أن القلق يساور المصريين، بسبب إشتعال المعركة ضد الجماعات الإرهابية في سيناء.

فيما كان لافتاً أن الرئيس مرسي أدى صلاة العيد في أول مسجد بني في مصر، ألا وهو مسجد عمرو بن العاص، وكان لافتاً أكثر أن خطيب المسجد الدكتور إسماعيل الدفتار دعا له بالتوفيق quot;لما فيه خير البلاد والعباد وتحرير بيت المقدسquot;.

الكورنيش والتحرير
منذ آلاف السنين، لم يغير المصريون عاداتهم في الإحتفال بالأعياد، ويعتبر التنزه على شاطئ النيل في القاهرة والمحافظات التي يمر بها الطقس الأفضل والأعز للغالبية الكاسحة منهم، لاسيما الفقراء الذين لا يقدرون على الخروج بعيداً عن مدنهم.

غير أنهم أضافوا إلى النيل مزاراً جديداً منذ العام الماضي، ألا وهو ميدان التحرير، الذي صار متنزهاً ومزاراً سياحياً بالنسبة إليهم، إضافة إلى أداء صلاة العيد فيه، رغم أن ذلك لم يكن في طقوسهم طوال تاريخهم.

قلق من الديكتاتورية
وأدى المصريون صلاة العيد في ميدان التحرير بعدما كان محرّماً عليهم التجمع فيه خلال عهد النظام السابق، تأكيداً على ضرورة تحقيق أهداف الثورة المصرية، وتضامناً مع الشعب الثورة ومسلمي بورما، الذين يعانون الإضطهاد والقمع، وتبنت الدعوة إلى أداء صلاة العيد في ميدان التحرير تحت هذه الأهداف، حركات شبابية منها: الائتلاف العام لثورة 25 يناير، وتجمع قوى الربيع العربى، والتيار الإسلامى العام.

وقال علي منصور عضو تجمع قوى الربيع العربي لـquot;إيلافquot; إن العيد يأتي هذا العام وسط مشاعر مختلطة ما بين القلق والتفاؤل، مشيراً إلى أن مصر قطعت شوطاً لا بأس به نحو التحول الديمقراطي، ولكن مازال أمامها طريق طويل من أجل تحقيق أهداف الثورة، والعمل من أجل التنمية الإقتصادية، وتحقيق العدالة الإجتماعية واستعادة مصر لدورها الريادي في المنطقة والعالم.

ولفت إلى أن هناك بعض القلق بعد إقالة قيادات المجلس العسكري وإستئثار الرئيس محمد مرسي بالسلطة التنفيذية والتشريعية معاً، مما يجعل منه ديكتاتوراً إذا ما أساء إستخدام تلك السلطات الواسعة، لكن الضمانة هي ميدان التحرير والثورة، مشيراً إلى أن المصريين يشعرون بالكثير من القلق بسبب تنامي الإرهاب وتوحش الجماعات المسلحة في سيناء، لاسيما في ظل تكتيف إتفاقية السلام يديها في التسلح وعدد القوات التي من المفترض بها أن تتواجد في مناطق معينة في سيناء.

الحدائق
رغم أن ميدان التحرير دخل المنافسة بقوة مع باقي المتنزهات التقليدية في الأعياد، إلا أن الأخيرة مازالت تحتفظ ببريقها، ففي القاهرة يقصد المصريون كورنيش النيل في كل المناسبات، ويستنشقون هواء نقياً، ويستقلون المراكب النيلية أو quot;المركب أبو أتنين جنيهquot;، كما يحلو لهم تسميتها، ومازالت حديقة الحيوان في منطقة الجيزة تحتفظ بقوة جذب كبيرة في الأعياد، رغم خروجها من التصنيف العالمي لحدائق الحيوان، بسبب الإهمال وعدم التطور، فمازال المصريون يفضلون زياراتها في الأعياد والتنزه بين أشجارها، ومداعبة حيواناتها وتقديم الأطفال الطعام إليها.

ويرتاد المصريون أيضاً مجموعة من الحدائق العامة في القاهرة ومنها: حديقة الأسماك، والحديقة اليابانية، وحديقة الأرومان، وحديقة الحرية، إلى جانب الكورنيش في المدن الساحلية، مثل الإسكندرية والسويس ودمياط وبورسعيد.

فتيات يتظاهرن ضد ظاهرة التحرش الجنسي

موسم التحرش
غير أن هناك ما يعكر صفو الإحتفالات، ويتمثل ذلك في انتشار ظاهرة التحرش الجنسي، التي تنشط في الزحام، خاصة في الحدائق والكورنيش، وأمام دور العرض السينمائي التي يعشق المصريون ارتيادها في موسم العيد.

وقالت نهاد أبو القمصان رئيس المركز المصري للدفاع عن حقوق المرأة، وأحد أهم المناضلين ضد التحرش في مصر، إن ظاهرة التحرش الجنسي تنتشر في الأعياد عادة بسبب الزحام وتراخي الأمن.

وأضافت لـquot;إيلافquot; إن التحرش الجنسي صار ظاهرة خطرة تستلزم إصدار قانون خاص بها يغلظ العقوبة على مرتبيكها، منوهة بأن التحرش صار قضية لم يعد يفيد معها النصح الإرشاد، ولفتت إلى أن النظام السابق رفض الإعتراف بخطورتها أو إدراج مشروع القانون الذي يكافح الظاهرة ضمن أعمال مجلس الشعب لسنوات، رغم أن وزارة الخارجية الأميركية كانت ومازالت تحذر رعاياها منها.

وفي محاولة من الشباب والفتيات المصريات لمواجهة التحرش، لاسيما في محطات مترو الأنفاق، أنشأ مجموعة منهم حركة جديدة أسموها quot;بصمةquot;، تهدف إلى التصدي للتحرش في العيد، وإنطلقت الحركة بالأساس عبر موقع التواصل الإجتماعي quot;فايسبوكquot;، وجذبت المئات من الشباب إليها، وكوّن الشباب دوريات لمتابعة الأمور في محطات المترو، ورصد حالات التحرش والإبلاغ عنها من دون الإشتباك مع الجناة.

وقالت نهى صلاح عضو الحركة لـquot;إيلافquot; إن التحرش الجنسي ارتبط بالعيد في مصر، وصار العيد لاسيما الفطر والأضحى موسمين للتحرش الجنسي بالفتيات في الشوارع في وسط القاهرة والسينمات والمتنزهات، خاصة الكورنيش والحدائق العامة.

مشيرة إلى أن الحركة الجديد تكونت على فايسبوك من أجل مكافحة التحرش في العيد، وأضافت أن الحركة لن تتعامل بشكل مباشر مع المتحرشين، ولن تشتبك معهم، بل سوف تقوم بالإبلاغ عنهم، ويترك لمكاتب الشرطة بالمترو التعامل الأمني معهم. ولفتت إلى أن أعضاء الحركة عرضوا الفكرة على مسؤولي مترو الأنفاق في محطات السادات والشهداء وسعد زغلول والسيدة زينب، ووافقوا وبدأوا التنفيذ مع أول أيام العيد.

مرسي في مسجد عمرو بن العاص
تعود الرئيس المصري السابق حسني مبارك أداء صلاة العيدين في مدينة شرم الشيخ المنتجع الصيفي، الذي كان يقضي فيه معظم أوقاته، غير أن الرئيس محمد مرسي، لم يدخل تلك المدينة حتى الآن، ويدير أمور الدولة من قصر الإتحادية في القاهرة، وأدى صلاة العيد في مسجد عمرو بن العاص، وهو أول مسجد بني في مصر، ويقع في ضاحية مصر القديمة الشعبية، وهو أول عيد للرئيس منذ تقلد منصبه في 30 يونيو/ حزيران الماضي.

وشهدت المنطقة إجراءات أمنية مكثفة ومشددة في محيط المسجد لتأمين الرئيس، بينما تجمع الآلاف لرؤيته ومصافحته. وكان لافتاً أن خطيب المسجد الدكتور إسماعيل الدفتار دعا للرئيس مرسي بالتوفيق في quot;تحرير بيت المقدسquot;.

وقال الدفتار، الذي ألقى خطبة العيد في حضور مرسي ونائبه المستشار محمود مكي، إن quot;يوم عيد الفطر هو يوم الحرية، يسترد الإنسان حريته فبعدما كان يمتنع عن الأكل والشراب والشهوة في خلال نهار رمضان، فعادت إليه الحريةquot;. وأضاف الدفتار داعياً المولى عز وجل أن quot;وفق رئيس الجمهورية، إلى ما فيه الخير لبلادنا، وهيئ له الأسباب، وإصلاح الأحوال، والنهوض بالأمة، واسترداد بيت المقدسquot;.

تفاؤل بمرسي
يشعر المصريون بالتفاؤل مع الرئيس محمد مرسي، لاسيما بعد قراراته بإقالة قيادات المجلس العسكري، وعلى رأسهم المشير حسين طنطاوي، معتبرين أنها بداية جيدة له في الحكم، ويستبشرون خيراً بديوان المظالم، الذي افتتحه بعد توليه المنصب مباشرة، إضافة إلى قراراته بالإفراج عن المعتقلين سياسياً والمحاكمين عسكرياً.

وقالت رجاء خليل، وهي ربة منزل، إن الرئيس محمد مرسي أثبت أنه لم يكن quot;الاستبنquot;، ـ الإطار الإحتياطي للسيارة ـ كما كان الفلول يروّجون عنه، وأثبت أنه رئيس جدير بالمنصب.

وأضافت لـquot;إيلافquot; أن quot;الخير على قدوم الواردينquot;، فبعدما تولى المنصب أودعت السعودية مبلغ مليار دولار في البنك المركزي، وأودعت قطر مبلغ ملياري دولار أيضاً، وسوف يكون هناك إنضباط في الشارع بعدما quot;بين العين الحمراquot;، للكبار قبل الصغار، ولم يعد هناك سند للفلول أو أنصار الثورة المضادة بعد الإطاحة بالمشير طنطاوي وسامي عنان رئيس الأركان. وتوقعت أن تهدأ quot;البلدquot;، ويعود الناس إلى أعمالهم ويختفي الإنفلات الأمني ويستعيد الإقتصاد المصري عافيته خلال فترة وجيزة.

وتحتفل حركة شباب 6 أبريل بالعيد على طريقتها النضالية الخاصة، وقال محمود عفيفي المتحدث باسم الحركة، إن أعضاءها تواجدوا في الساحة لتقديم التهنئة للمصريين، مع توزيع الهدايا للأطفال على المصلين، وذلك في منطقة صفط اللبن في الجيزة، كما تنظم الحركة quot;أتولييهquot; فنيًا عبارة عن مسرح شارع ورسم غرافيتى تعبيراً عن البهجة بفرحه قدوم العيد، إضافة إلى تقديم عروض فنية خاصة بالثورة والثوار والتوعية بضرورة الحفاظ على أهداف ومكتسبات الثورة، والمشاركة في كتابة الدستور الجديد.