أصيب صباح اليوم في بغداد رئيس هيئة إفتاء أهل السنة وأمير السلفية الجهادية في العراق الشيخ مهدي الصميدعي بجروح خطيرة خلال تفجير سيارة مفخخة استهدفت موكبه في غرب بغداد، كما تسبب التفجيرأيضًا في مقتل سائقه واثنين منحمايته.


الشيخ مهدي الصميدعي

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: نفت هيئة إفتاء أهل السنة والجماعة في العراق الأنباء التي ترددت حول وفاة رئيسها الشيخ مهدي الصميدعي متأثرًا بجروحه بعد استهدافه صباح اليوم في منطقة اليرموك غربي بغداد.

وأكد مصدر في الهيئة، اليوم الأحد، أن الصميدعي لا يزال على قيد الحياة وأن إصابته خطيرة، وقد تم نقله من مستشفى اليرموك إلى مدينة الطب لإجراء عملية جراحية له، نافيًا ما نقلته بعض وسائل الإعلام عن نبأ وفاته، بحسب وكالة العراق المركزية للأنباء.

وكان مصدر أمني عراقي قالإن سيارة مفخخة هاجمت موكب الصميدعي صباح اليوم في بغداد.

وقال شهود عيان إن سيارة هاجمت موكب رئيس هيئة إفتاء أهل السنة مهدي الصميدعي، بعد دقائق من خروجه من مسجد عمر المختار في منطقة اليرموك، في غرب بغداد، عقب أدائه صلاة العيد، ونجح سائقه في الابتعاد عنها قبل أن تهاجمه سيارة أخرى. وتسبب التفجيرفي مقتل سائقهو اثنين من حمايته وتحطيم سيارات موكبه، وإصابته بجروح خطيرة نقل على أثرها للعناية المركزة في أحد مستشفيات بغداد.

وكانت وسائل إعلام محلية تناقلت خبر مقتل رئيس هيئة افتاء أهل السنة في العراق صباح اليوم قبل أن ينفي مصدر في الهيئة الخبر ويؤكد إصابة الشيخ الصميدعي بجروح خطيرة ونقل الى العناية المركزةفي أحد مستشفيات بغداد.

ولم تعلن أية جهة بعد مسؤوليتها عن الحادث الذي يحمل بصمات تنظيم القاعدة، الذي يناصبه القتيل العداء، بتحريمه القتال بعد خروج القوات الأميركية من العراق نهاية عام 2011.

وقال السياسي العراقيإبراهيم الصميدعي لـ ايلاف quot;إن هذا الحادث الجبان لن يفت في عضدنا ولن نتراجع، وليس جديدًا علينا تقديم الدماءلكن الوطن لايتحمل المزيد من الاستهداف والقتلquot;.

ووجه الصميدعي وهو قريب من الشيخ المستهدف رسالة عتب شديدة للحكومة العراقية بعدم تشديد الحماية له ومنحه سيارة مصفحة فيما توزعها لمن لايستحقها وغير معرض لتهديدات. مستغربًا في الوقت نفسه من اهمال دائرة حماية الشخصيات لاوامر منوزارة الداخليةبمواكبة سيارتي شرطة لأي موكب للشيخ الصميدعي، خلال تحركاته،محملاً مدير دائرة حماية الشخصيات في وزارة الداخلية العراقية اللواء علي العذاري التقصير في تنفيذ اوامر الوكيل الاقدم في وزارة الداخلية الذي قال إنه أمر بتعزيز حمايته.

وذكّر الصميدعي الحكومة العراقية بحادث مماثل هو اغتيال الشيخ ملا ناظم الجبوري الذي اغتاله تنظيم القاعدةفي شهر كانون الثاني/ يناير الماضي في بغداد،بسبب عدم حمايته حيث انقلب الجبوري على تنظيم القاعدة وأصبح خبيرًا بتحركاته.

وقال إن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أرسل المفتش العام في وزارة الداخلية للمستشفى ليتفقد الشيخ الصميدعي.

مكتب رئيس الوزراء استنكر في بيان صدر عقب الحادثة محاولة اغتيال الشيخ الصميدعي. وجاء في البيان quot;أن استهداف رئيس هيئة إفتاء أهل السنة والجماعة في العراق الشيخ مهدي الصميدعي ومرافقيه في مثل هذا اليوم المبارك من قبل الإرهابيين والتكفيريين والداعمين لهمإنما يأتي كحلقة أخرى في مخطط واحد لهؤلاء القتلة، إنهم يستهدفون الأبرياء ضمن أهداف مختارة لنشر الفتنة وإسكات أي صوت وطني معتدلquot;.

وتابع البيان أنه quot;إذ نستنكر هذه الجريمة النكراء نؤكد ثقتنا بوعي مواطنينا لهذه المخططات وأهدافها الخبيثة، وأن ملاحقتنا لهؤلاء المجرمين لن تتوقف حتى يتم إستئصالهم وتخليص البلاد من أعمالهم وأفكارهم الهدامة أينما كانواquot;.

من جانب آخر، اتهمت مصادرمقربة من الصميدعي خلال اتصال هاتفي مع إيلاف رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ حارث الضاري بمحاولة اغتيال الشيخ الصميدعي صباح اليوم، مضيفة أن تلفزيون هيئة علماء المسلمين واصل نشر شريط اخباري هدفه النيل من مكانة الشيخ الصميدعي، دون أن تستبعد هذه المصادر وجود اطراف في الوقف السني العراقي متورطة بمحاولة الاغتيال هذه، حيث تتخوف اطراف عدة من أن يحقق الشيخ شعبية قد تطيح بهم لجهة دعمه انشاء تكتل سياسي في الانتخابات المقبلة أو تكليفه بمنصب رئاسة الوقف السني العراقي.

وقد تعرض الشيخ الصميدعي لتهديدات عدة آخرها بيان صدر ضده الاسبوع الماضي من إحدى التنظيمات التكفيرية. لكن الشيخ عمد للسكن وسط بغداد، وزيارة اتباعه في المحافظات العراقية.

وكان الشيخ مهدي الصميدعي، الذي يعتبر أمير السلفية الجهادية في العراق، شنّ هجوماً حاداً في مطلع العام الحالي على رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، متهمًا إياه بالعمالة لإسرائيل والولايات المتحدة والازدواجية في الحديث عن الربيع العربي، والعمل على التحريض الطائفي بين شعوب المنطقة.

وأوضح الصميدعي في هجومه أن quot;القرضاوي يخاطب الشيعة، ويقول لهم إنكم إخواننا، فيما يتهم الحكومة السورية بالطائفيةquot;. وquot;يصف ما يحصل في البحرين بالثورة الطائفيةquot;، حسب تعبيره.

وأكد رئيس هيئة إفتاء أهل السنَّة والجماعة في العراق أن quot;يوسف القرضاوي كان يصف معمّر القذافي بأنه سيف الله في الأرض، وعاد ليحرّض على قتله، بعد الثورات العربية التي شهدتها المنطقةquot;، واصفًا القرضاوي بأنه quot;رجل مفتونquot;.

يعتبر الشيخ مهدي الصميدعي أمير السلفية الجهادية والأمين العام للهيئة العليا للدعوة والإرشاد والفتوى لأهل السنَّة في العراق، وكان إمام وخطيب جامع شيخ الإسلام ابن تيمية في بغداد، واعتقل مرتين لمدة ستة أعوام عام 2004 بعد مداهمة القوات الأميركية لجامع ابن تيمية، والمرة الثانية في العام نفسه، وبقي معتقلاً لمدة أربع سنوات حتى العام 2008.

أفتى الشيخ الصميدعي رئيس هيئة إفتاء أهل السنَّة والجماعة أخيرًا بأن أي شخص يحمل السلاح بعد الانسحاب الأميركي يسعى إلى قتل العراقيين، رافضًا أي تجاوز على الشعب العراقي.

ورد على فتوىأمير السلفية الجهادية في تونس quot;أبو عياض التونسيquot; بالجهاد في العراق بعد الانسحاب الأميركي، بأن في فتوى التونسي تجاوزاً لرأي الجماعة، التي درست الواقع عن كثب، وأصدرت فتوى بضرورة العمل على بناء لحمة المجتمع، ونبذ العنف والتطرف الفكري، وعدم جرّ المسلمين إلى أمور لا تحمد لها نهاية. وانضم الصميدعي إلى مشروع المصالحة الوطنية في العراق، الذي ترعاه الحكومة.

القرضاوي كان مثار انتقادات دائمة من قبل الصميدعي

كان رئيس هيئة إفتاء أهل السنة مهدي الصميدعي أطلق خلال الأشهر الماضية العديد من التصريحات، التي أثارت جدلاً واسعاً، أبرزها عندما حذر الصميدعي في كلمة له خلال المهرجان السنوي الأول للمصالحة الوطنية، الذي شارك فيه بعد دخوله للعراق، في (29 كانون الأول/ديسمبر 2011) من تدهور الأوضاع في البلاد، مؤكداً أن الموقف الذي يمر به العراق حالياً لا تحمد عقباه، فيما دعا الجميع إلى الاحتفال بخروج القوات الأميركية.

كما اعتبر الصميدعي، في (10 كانون الثاني/يناير 2012)، موقف رئيس الوزراء نوري المالكي من الأحداث في سوريا عربياً بعيداً عن الطائفية، مؤكداً أنه لا يمثل توجهًا إيرانياً، فيما استبعد تعرض المالكي لضغوطات إيرانية بشأن دمشق، فيما اعتبر الصميدعي، في (4 كانون الثاني 2012)، أن أي شخص يحمل السلاح بعد الانسحاب الأميركي يسعى إلى قتل العراقيين، رافضاً أي تجاوز على الشعب العراقي.

وكانت آخر تلك التصريحات عندما حذر، في (13 حزيران/يونيو 2012)، من انزلاق العراق quot;في فخ دعاة الفتنةquot;، معتبرًا أن الأمور تجري في العراق نحو الحرب الطائفية.

يذكر أن العراق يشهد تفجيرات يومية تصاعدت بعد اتساع الأزمة السورية واندلاع مواجهات مسلحة بين الجيش السوري والمعارضين المسلحين الذين تقاتل بينهم مجموعات متشددة من دول عدة، تزامن ظهورها بعد دعوة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري إلى التوجه للجهاد في سوريا في مطلع العام الجاري. وتعارض الحكومة العراقية دعوات إلى إسقاط النظام السوري عسكريًا أو تسليح المعارضين.